إسم الغابة بين الماضي والحاضر

لهذه الغابة أسماء متعددة، بعضها اشتهرت به منذ قديم الزمان ولازمها عبر آلاف السنين وما زال علماً عليها حتى اليوم وهو " غابة الصنوبر " وكلمة بيروت وردت في الكتابات القديمة بلفظ (بيريت) وهي كلمة فينيقيّة معناها بلغتنا العربيّة الصنوبر، هكذا يقول علماء اللغات السامية، وبعض أسمائها أطلق عليها في العصور الحديثة، نتيجة أحداث وقعت فنسبها إليها أولئك الذين عاشوا تلك الأحداث أو عاصروها مثل " ميدان البَلْشَة " و البَلْشَة كلمة عامية يستعملها أهل لبنان بمعنى الاشتباكات المسلحة بين الفرقاء المختلفين، وقد ورد هذا الاسم الذي اشتهرت به غابة الصنوبر في كتاب لبنان في عهد الأمراء الشهابيين للأمير حيدر أحمد الشهابي، عندما أشار إلى محاولة الاغتيال التي تعرض لها أحمد باشا الجزّار سنة 1772م حينما كان ماراً بالغابة المذكورة، قال المؤلف المذكور: وكان أحمد بيك الجزّار عند قدومه إلى بيروت وهو مارّ في ميدان البَلْشَة قوَّسه رجل مغربي يقال له أبو عقلين فأصيب في رقبته وانجرح جرحاً مؤلماً.

وأهل بيروت ما زالوا حتى اليوم يستعملون كلمة (سنوبر بيروت) بمعنى غابة الصنوبر، وهم يلفظون الصاد سيناً على عادتهم بترقيق الحروف المفخمة، ومن أمثالهم الدارجة حينما يريدون تهديد أحد الأشخاص بفضح أخباره السيئة على الملأ بقولهم: بدي أنشرك على سنوبر بيروت، أي أود كشف ما خفي من أخبارك على سطح غابة الصنوبر لكي يراها جميع الناس ويتناقلوها فيما بينهم.

على أن عامة أهل بيروت يسمون غابة الصنوبر (الحرش) واضعين الشين في آخر الكلمة بدلاً من الجيم التي تنتهي الكلمة الفصيحة بها وهي (الحرج)، وبذلك أصبحت هذه الغابة تعرف عند الجميع باسم (الحرش أو الحرج) دونما حاجة إلى نسبتها لبيروت، أو للصنوبر.