الغابة على ألسنة الشعراء قديماً وحديثاً

      

إن غابة الصنوبر في بيروت كانت مصدر إلهام لكثير من الشعراء الذين زاروا بيـروت، سواء في الأزمنة القديمة أو في العصر الحديث، فلقد ورد ذكرها في شعر (ننو) أحد شعراء الإغريق الذي ذاع ذكره في القرن الرابع الميلادي، فهذا الشاعر أتى على ذكر هذه الغابة في كثير من قصائده التي يروي فيها أساطير باخوس، وهي القصائد التي عُرفت باسم (الديونيسية) نسبة إلى ديونس وهو باخوس باللغة الإغريقية.

هذا في الأزمنة القديمة، أما في العصر الحديث فإن غابة الصنوبر في بيروت كانت من أبرز المعالم البيروتيّة التي بقيت ذكراها عالقة في خاطر الشاعر الفرنسي لامارتين الـذي زار بيروت سنة 1832م عندما كانت هذه المدينة تحت الحكم المصري.

قال لامارتين متغنياً بغابة بيروت ومفتوناً بمنظرها الجميل فقال:

.... ورأيت في هذه الغابة منظراً يبهر البصر ويخلب اللب، فإن جذع شجرها يبلغ بين ستين وثمانين قدماً وهي ترتفع في الجو منتصبة فتمد أغصانها الباسقة وتظل بظلها الوارف ذلك السهل الواسع، ومن بين هذه الجذوع تبدو فسحة الرمل الناعم الذي تمرّ وسطه السابلة، وتتبارى خيل الرهان، وهناك تربة نديّة تكسوها خضرة تزيّنها، وإذا ما استشفّ الناظر وراء هذه العُمُد والسواري الطبيعيّة، رأى عـن بُعْد آكاماً من الـــرمال الحمراء والبيضاء التي تحول دون رؤية البحر .. فلعمر الحق، إن هذه الغابة لهي أجمل وأبدع ما وقعت عيني عليه في حياتي ! ...