أولبريد أولدنبرغ

نقف قليلاً عند أحد قصور بيروت الصليبيّة الذي كان يطل على البحر المحاذي للمدينة من جهتها الشماليّة الشرقيّة لننقل عنه صورة قلميّة زاهية تركها لنا هذا السائح أولبريد أولدنبرغ الذي زاره بنفسه في العام 1212م .

 

فقال: (... يمنع البحر ثغر بيروت من جهتها السفلى، مع ما هنالك من الصخور العالية، وتحجبها من الجهة الأخرى خنادق مبلطة تحت حراسة سور متين فيهما عدة أبراج غاية في الشدة تبطل كل الضربات التي يكيلها العدو ... وكانت هذه الإستحكامات قد استوجبت أشغالاً طويلة، لا سيما وأن نقوشها الداخليّة بلغت النهاية في الحسن والإتقان).

 

وتابع أولدنبرغ وصف غرف هذا القصر بريشته القلميّة البارعة وأنشاء يقول: (إنها كانت مرصوفة بالفسيفساء التي تمثل مياهاً تتجعد بنسيم الريح، فيتعجب الماشي كيف لا تغوص رجله في الرمال التي في قعر المياه. وكانت جدران الغرف مزدانة بقطع الرخام المنقوش على هيئة تأخذ بالأبصار، وقد دهنت قبتها بالصباغ الأزرق على شكل السماء، وفي وسط الغرفة بركة من الرخام الملون الصقيل، وينفذ إلى داخلها نسيم عليل من نوافذها المتعددة فيرطّب حرارتها.