أولغ بك

(796-853هـ / 1394 -1449م)    

محمد طورغاي بن شاه رخ أولغ بك، عالم رياضي اشتهر في القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي. ولد في سلطانية من إقليم خراسان، حيث كان أبوه حاكما عليها.

وفي عام 810هـ/ 1408م عينه والده أميرا على جزء من خراسان، ثم لما انتزع والده تركستان من حاكم سمرقند، عين أولغ بك واليا عليها.

كان أولغ بك شغوفا بالآداب والعلوم، كما درس القرآن ونظم الشعر، واهتم بالفلك خاصة، كما كان له ذوق سليم في الهندسة والعمارة. وقد تمثلت إنجازاته المعمارية في تزينه لمدينة سمرقند بالعمائر الفخمة، فشيد خانقاه فيها أعلى قبة في العالم في ذلك الوقت. كما بنى مسجد أولغ بك، أو المسجد المقطع وسمي كذلك لأنه كان مزينا بالخشب المقطع من الداخل، وبنى كذلك مسجد شاه زنده.

 وفي عام 828هـ/ 1425م، بنى أولغ باشا قصرا ذا أربعين عمودا تحيطه أبراج أربعة شاهقة وزينه بالمرمر، وكانت قاعة العرش فيه فسيحة جدا، بلغت فيها قاعدة العرش ثماني أذرع بخمسة عشر. كما بنى مدرسة عالية فيها حمام مزخرف بالفسيفساء البديعة، وعهد بإدارتها إلى قاضي زاده الرومي .

 أما أبرز إنجازاته العلمية فهي بناؤه مرصد سمرقند عام 832 هـ1429 م على الجانب الآخر من كوهيك، وكان يعد في زمانه إحدى عجائب الدنيا. وقد عمل أولغ بك في هذا المرصد جنبا إلى جنب مع الفريق الذي اختاره بنفسه. ورأى أولغ بك أن حساب التوقعات للحوادث على ما قرره بطليموس لا يتفق مع الأرصاد التي قام هو بها، فعمد إلى تصحيحه، وألف زيجه المعروف بالزيج السلطاني.
كما اعتنى أولغ بك بفروع الرياضيات الأخرى فشملت اهتماماته حساب المثلثات وجداوله في الجيوب والظلال التي ساعدت على تقدم هذا العلم. كما كان له جولة في الهندسة شغل نفسه فيها بحل أعمالها العويصة ومسائلها المعقدة.

ولم يقصر أولغ بك اهتماماته على الفلك والرصد فقط، بل كان فقيها، اقتصر على دراسة القرآن وحفظه، وجوَّده على القراءات السبع. كما كان له شغف بالشعر، وقرب الشعراء واتخذ أحدهم شاعرا لنفسه.

وعلى الرغم من كل هذا التفوق العلمي، فلم يكن أولغ بك موفقا في السياسة كبقية العلوم، فبعد أن تسلم الحكم عام 850هـ/ 1446م، خلفا لأبيه، تعرض لسلسلة محن حربية وسياسية، انتهت بأن ثار عليه ابنه عبد اللطيف، واستطاع أن ينتزع منه الحكم. ثم سلم الابن عبد اللطيف أباه أولغ بك إلى عبد فارسي قتله بعد محاكمة صورية عام 853هـ/ 1449م.