أبو القاسم الشابي 

قلة هم الشعراء الذين ما إن تشبثت جذورهم بالأرض حتى اقتلعوا منها بدون هوادة، فكانوا أشبه بالشهب التي يكفيها من الحياة أن تلمع في جبين السحب ثم تنطفئ، مرسلين في الأرض ألحان السماء، مثبتين غلبة العبقرية على الأيام. هؤلاء في الشعراء أشبه شيء بالعنادل في عالم الطير‍.

في مطلع هذا القرن ولد أبو القاسم في بلدة الشابية، في جنوب تونس. فتشبعت عيناه بجمالها الطبيعي الفتان، وإذا كان أبوه قاضيا وشيخا، فقد أخذ عنه أصول العربية والدين، ولما بلغ الحادية عشرة من عمره، أدخل إلى مدرسة دينية، وفي مدى سبع سنين تخرج شيخا مثقفا، ثم التحق بكلية الحقوق التونسية فنال إجازتها سنة 1930. إلا أن الأدب في قلبه زحم الحقوق فمال إليه واتصل بجماعة من الأدباء والمفكرين، وراح ينظم الشعر، ويكتب المقالات، ويلقي المحاضرات، وكان شديد الإعجاب والتأثر بأدب المهاجرة، وعلى رأسهم جبران، وكان شديد الإخلاص في توجيهه إلى بلاده.

تأثر جدا لوفاة أبيه سنة 1929، وتسلل المرض إلى قلبه فأسكته في عنفوان الشاب.

للشابي طائفة من الآثار أهمها ديوان "أغاني الحياة" ودراسة أدبية بعنوان " الخيال الشعري عند العرب".

وهو القائل : ( إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر )