الراديو

كتب الدكتور فيليب حتيّ سنة 1925م في مجلة (الهلال) مقالاً بعنوان (أميركا بعد غياب أربع سنوات). ومما قال فيه: (إن الأمر المستحدث في حينه شيوع الراديو شيوعاً عاماً في أمريكا، ووجود جهاز له في كل بيت تقريباً، حقيراً كان أم رفيعاُ). وسمّى هذا الشيوه (ميكروب الراديو). وقال بأنه كان يسمع صباحاً عند النهوض بواسطة الراديو، تعليمات بشأن الرياضة البدنيّة، ثم بعض الألحان الموسيقيّة، وبعد الظهر تُذاع أخبار المدينة والدولة والعالم، فيما تُذاع الخطب السياسيّة والأدبيّة مساءً، وكذلك الأبحاث العلميّة والفنيّة والأناشيد. ويذكر حتى بأن عدد الأجهزة في أميركا بلغ سنة 1923م مليوني جهاز، وأن مبيعاته وصلت سنة 1925م إلى بليوني دولار.

أما عن وصف الراديو فيقول عنه: (إنه جهاز صغير بحجم الصندوق، في مقدمته بضعة مفاتيح بسيطة تعالجها، فتنقل إلى مسامعك عن طريق موجات الأثير ومن مسافة مئات أو آلاف الأمتار، نغمات خاصة وألحاناً شجيّة وخطباً ومواعظ).هذه الآلة السحريّة، لم تدخل بيروت إلا سنة 1928م. فتحت عنوان (غنت في أوروبا فأطربت بيروت) كتبت جريدة (لسان الحال) في 23 أيار سنة 1928م تخبرنا بأن شركة نجّار إخوان، صاحبة المحلات التجاريّة في بيروت، إستحضرت آلة راديو ركزتها في بيت أحد أعضاء الشركة السيّد سعيد نجّار في محلة رأس بيروت قرب الجامعة الأميركيّة. وأنها دعت إلى الإحتفال بتدشين دخول الراديو إلى بيروت، نخبة من أفاضل البلد ورجال الصحافة، لسماع الحفلات الغنائيّة والخطابيّة التي أقيمت قبل ذلك باسبوع في مسارح موسكو ومدريد ولندن وباريس وبرلين والأستانة، وشنّفت آلة الراديو آذان المدعوين ساعتين إنصرفوا بعدها شاكرين معجبين.

ونشير إلى أن الراديو، أصبح بعد إنتشاره، التسلية الوحيدة لهواة السمع لدرجة أن حفلات كبار المطربين تقلّصت جداً. ويُذكر أن إقتناء أجهزة الراديو كان خاضعاً لتصريح ولدفع رسم سنوي.