الكشّاف  

تعتبر جمعيّة الكشّاف المسلم في لبنان من أولى الحركات الكشفيّة في العالم العربي إن لم تكن أولاها. ويعود الفضل في إنشاء هذه الجمعيّة إلى شابين هنديين مسلمين، دخلا بيروت سنة 1908م، وهما عبد الجبّار وعبد الستّار خيري، حيث تخرجا من الجامعة الأميركيّة سنة 1910م، وأسسا مدرسة دار العلوم بمعاونة بعض رجال بيروت وفي مقدمتهم الشيخ محمد توفيق الهبري.

بعد عودة عبد الجبّار خيري من رحلته إلى أوروبا سنة 1912م، حاملاً فكرة الحركة الكشفيّة، إثر إنطلاقها في أوروبا، أسس في بيروت أول فرقة كشفيّة عرفها الشرق العربي وذلك في مدرسة دار العلوم، وأطلق عليها إسم (الكشّاف العُثماني).

في 30 أيلول سنة 1920م، وبعد رحيل عبد الجبّار وعبد الستّار خيري من بيروت إجتمع كل من سعيد دبّوس وعبد الرحمن قرنفل ومحيي الدين قرنفل وعبد الله دبّوس وعمر الأنسي، تحت شجرة في جامعة بيروت الأميركيّة، وإتفقوا على تجديد الحركة بتشجيع ودعم مادي من سعد الله العيتاني. وكانت الإجتماعات التمهيديّة تعقد في رمل الزيدانيّة، بعيداً عن أنظار السلطات المحتلّة، التي كانت ترفض تجديد الحركة آنذاك، وظلت كذلك إلى أن أعطي العلم والخبر في 29 حزيران سنة 1921م برقم 322.

أعمال الجمعيّة:

من أهم الأعمال التي قامت بها الجمعيّة داخليًّا وخارجيًّا:

* ساهمت جمعيّة الكشاف المسلم في جميع المؤتمرات الكشفيّة والعالميّة. وإشترك أفرادها في البعثات الكشفيّة اللبنانيّة إلى المعسكرات العربيّة والدوليّة. وكان أبرزها بعثة الجمعيّة برئاسة محيى الدين النصولي إلى المؤتمر الكشفي العالمي، وقد قوبلت لدى عودتها إلى بيروت بإستقبال شعبي كبير، تمثَّل برفع المشاعل على جنبات الطريق من المرفأ إلى الحرج، فاستحال الليل نهاراً، الأمر الذي شكَّل في حينه تحدّياً لسلطات الإحتلال الفرنسي.

* حملت الجمعيّة لواء التعاون الكشفي العربي، وساهمت في الدعوة إلى عقد المؤتمرات والمعسكرات الكشفيّة العربيّة، إلى أن اصبحت هذه الإجتماعات تعقد كل سنتين في إحدى العواصم العربيّة.

*  من الأعمال الإنسانيّة التي قامت بها الجمعيّة، إعداد المواطن الصالح إعداداً وطنيًّا سليماً، فخرّجت من بين صفوفها رجالاً قادوا حركات النضال الشعبي الوطني، وتقديراً لدور الجمعيّة في هذا المضمار، منحتها الحكومة اللبنانيّة وسام الإستحقاق المذهّب سنة 1954م، كما منحتها سنة 1957م وسام الأرز الوطني.

*   قامت الجمعيّة سنة 1940م بتأسيس فرقة مرشدات الكشّاف المسلم في كلية البنات وتولّت قيادتها أمينة نعماني، وضمّت المئات. وكان من أهم نشاطات الفرقة، الرحلات العلميّة والكشفيّة والحفلات الرياضيّة والمساعدات الإجتماعية، التي كان لها أكبر الأثر في الأوساط الإجتماعيّة.

* دخلت الجمعيّة مجال الصحافة، فأصدرت سنة 1927م (مجلة الكشّاف)، وكان بهاء الدين الطبّاع رئيساً لتحريرها والحاج محمود أحمد العيتاني مديراً مسؤولاً لها. وكانت هذه المجلة من أرقى المجلات التي صدرت في حينه، فقد شارك في تحريرها نخبة من أهل الفن والعلم والأدب في بيروت والعالم العربي، نذكر منهم: عمر الزّعني، عمر فاخوري، عبد الله المشنوق، زكي النقّاش، إبراهيم عبد العال، رائف فاخوري، مصطفى فرّوخ، جرجي باز، رشاد العريس، عنبرة سلام، محيى الدين النصولي، جميل العظم وساطع الحصري وغيرهم. كما أصدرت المجلة كتاب (طريق النجاح) الذي ألّفه اللورد بادن باول مؤسس الحركة الكشفيّة، وضمّنه آراءه وإختباراته في حق الجوالة. ثم أصدرت الجمعيّة عدة نشرات منها مجلة (الجهاد) سنة 1936م التي تحوَّل إسمها فيما بعد إلى (الكشّاف)، وأصدرت سنة 1939م جريدة (الكشّاف) التي أصبح إسمها فيما بعد (نداء الكشّاف).

يذكر أن جمعيّة الكشّاف المسلم، أسست سنة 1921م مع كشافة المدرسة الأهليّة إتحاداً سُمّي (إتحاد الكشّافة في سوريا ولبنان) إنضم له فيما بعد كشافة الجامعة الأميركيّة والكشّاف الإسرائيلي في بيروت. وفي سنة 1930م أقيم أول مخيّم إتحادي في غابة الشبانيّة بقيادة مصطفى فتح الله، إشتركت فيه عدة فرق من مختلف الجمعيّات، وإنتخبت في هذا المخيّم لجنة إداريّة لتنظيم أعمال الإتحاد الكشفي ما بين سوريا ولبنان برئاسة محيى الدين النصولي، تقرر على أثرها حضور المؤتمر الكشفي العالمي في فيينا وإجتماع الجوالة في سويسرا سنة 1931م، بوفد كشفي مؤلف من أربعة قادة منهم عبد الله دبّوس وعبد الحميد العيتاني.

تعاقب على الجمعيّة عدة رؤساء ومفوضين نذكر منهم :

  عبد الجبّار خيري أول رئيس للجمعيّة من سنة 1912م إلى سنة 1914م.

  عهد سنة 1914م إلى محمد عمر منيمنة بإدارة مدرسة دار العلوم والإشراف على الجمعيّة وبقي رئيساً لها حتى سنة 1916م.

 في سنة 1920م، تمّ إنتخاب أول عمدة للجمعيّة برئاسة الشيخ محمد توفيق الهبري. وعضوية : نجيب عيتاني، سعد الله العيتاني، حسن مخزومي، رامز غزاوي، عبد الرحمن بيهم، علي سليم سلام، محمد علي بيهم، عزت قريطم، رائف فاخوري، كمال جبر، صلاح عثمان بيهم، محمود العيتاني، عبد الرحمن قرنفل، محيى الدين علماوي، محيى الدين بيهم، عبد الفتّاح سحمراني، عفيف بيهم وأنيس الصغير، كما إنتخب محمد سعيد دبّوس رئيساً عاملاً للمقر العام يعاونه عبد الله دبّوس.

  سنة 1921م إنتخب محيى الدين النصولي رئيساً عاملاً للجمعيّة.

  سنة 1922م تسلّم الرئاسة بهاء الدين الطبّاع ثم عبد الله دبّوس.

  سنة 1924م تسلم الرئاسة مجدداً محيى الدين النصولي بعد أن عاد من فرنسا وذلك حتى سنة 1937م.

  سنة 1939م تولى مصطفى فتح الله مهمة مندوبيّة بيروت.

  سنة 1939م تعدّل قانون الجمعيّة وإستعيض عنه بمنصب مفوّض أول تولاه مصطفى فتح الله، ثم على التوالي الحاج محمود العيتاني، مصطفى فتح الله، عبد القادر الصمدي، الحاج محمود العيتاني وحسن العيتاني.

  سنة 1951 رشيد شقير، وقد توفي في أثنائها الشيخ محمد توفيق الهبري، وكان لا يزال يشغل منصب رئيس مجلس العمدة. فتعدّل قانون الجمعيّة مرة ثانية وألغي منصب رئيس العمدة والمفوّض الأول، وإستعيض عنهما بمنصب رئيس الجمعيّة الذي أصبح يتولى رئاسة العمدة والمقر العام في آن واحد، ثم توالى على رئاسة الجمعيّة عدة أشخاص منهم محمد الهبري ومحمود نعمان.

كان لجمعيّة الكشّاف المسلم دورها الرائد في خدمة المجتمع عبر تاريخها الطويل، من النجدة أثناء كارثة تهدم مقهى كوكب الشرق في ساحة البرج سنة 1934م، إلى إستقبال النازحين الفلسطينيين سنة 1948م، إلى كارثة الزلزال سنة 1956م ثم واجب المساعدة منذ أحداث سنة 1975م وما تبعها.

وتخرَّج من مدرسة الكشّاف منذ تأسيس الجمعيّة الآلاف من الشبان الذين خدموا الوطن والمواطن، ولا يزال الكشّاف المسلم إلى يومنا هذا يقيم مخيمه الصيفي السنوي في منطقة رويسات صوفر في جبل لبنان.