النوادي وغرف القراءة

 

نشر سنة 1867م إعلان بعنوان (ليلة رقص فرانماسونيّة) أقيمت مساء الثامن عشر من شهر كانون الثاني في محل إجتماع التجّار في خان أنطوان بك بإدارة جمعيّة منتخبة من أعضاء المجتمع الفرانماسوني البيروتي. وحدّد ثمن ورقة الدخول بعشرة فرنكات يقبل بها دخول رجل وإمرأتين ويكتب عليها أسماء أصحابها. وبيعت الأوراق في قنصلية جنرالية (العامة) دولة إنكلترا، وفرض على الماسونيين الحضور بملابسهم الماسونيّة. وذكر بعد الحفلة أنها منظمة من (مجمع فلسطين) وأنها جرت في (محل السركل) Circle وكانت الدار مزينة بالأنوار وعلامات الماسونيّة وكلل مدخلها بأعلام الدول ووقفت عنده فرقة الموسيقى العسكريّة، وحضرها والي سوريا راشد باشا والفريق حسن باشا والقناصل وجمهور الأهالي ودامت حتى الصباح.

ولم ترد معلومات أخرى عن هذا السركل وعن نشاطه حتى سنة 1882م عندما وردت الإشارة إلى النادي المُسمى (سركل سوريا) والذي وصف بأنه (محل لتسلية الخواطر، زين بالفرش والصور، ووضعت فيه أدوات اللعب وأجود المشروبات وأكثر الجرائد العربيّة والإفرنجيّة) وكان موقعه في سوق الطويلة فوق مخزن إلياس قطيطة أمام لوكندة داري كارير.

وفي هذا النادي إجتمع التجّار وتدارسوا وضع مدينة بيروت.

يذكر أن أذهان بعض أعيان بيروت من وطنيين وأجانب، إتجهت إلى إنشاء (منتدى يجتمع فيه الناس لقراءة الكتب وأخبار الصحف وتمضية أوقات الراحة بملاهي تمتنع فيها ألعاب الصدفة، ويستجلب تلغرافات سياسيّة وتجاريّة مما لا غنى عنه في بلد مثل بيروت). فاجتمع في منزل جرجس التويني الأعضاء المؤسسون التالية أسماؤهم.

* إبراهيم ثابت.

*إبراهيم فخري بك.

* أسعد رعد.

*إسكندر تويني.

*لكونت بودورسكي.

*المسيو بيرون.

*جرجي لطف الله سرسق.

*خليل الخوري.

*فضل الله دبّاس.

*مسيو كريستيان ،مدير البنك العُثماني.

*مسيو كوتسي، مدير وكالة الوابورات النمساويّة.

*مسيو كويدان، مدير وكالة الوابورات الروسيّة.

*مسيو مخائيل سكريني.

*نخلة جرجس التويني.

*نخلى خليل سرسق.

*مسيو نكسن.

*يُوسُف مطران.

وقرروا إنشاء المنتدى وإنتخبوا لجنة من فخري بك رئيساً وكريستيان وبيرون نائبين للرئيس ونخلة تويني كاتباً للأسرار (أمين السر) وجرجي موسى سرسق أميناً للصندوق.

 وكلّفوا لجنة للنظر بأمر الأثاث وشراء ما يلزم له، مؤلفة من الكونت بودورسكي وإسكندر تويني وفضل الله دبّاس والمسيو كوتسي، وتداولوا في إتخاذ مقر له في الطبقة الأولى من خان فخري بك، وحدّدوا رأسماله بمبلغ عشرين ألف فرنك يؤديها الأعضاء المؤسسون.

وإفتتح النادي في شهر حزيران عام 1883م وكانت هيئته الإداريّة مؤلفة من إسكندر سرسق رئيساً وكريستيان وبيرون نائبين للرئيس ونيكسون ونخلة تويني أمينين للسر وجرجي موسى سرسق أميناً للصندوق.

وفي سنة 1905م أعلن الفرنسي هنري تلادا عن إنشاء (نيو كلوب)  New Club على طريق النهر في الطابق العلوي من ملك يُوسُف منصور تيّان، إفتتح في التاسع من شهر كانون الأول عام 1905م وقد (فرشه بأحسن الأثاث وإستحضروا له أحسن البلياردات وأجود المآكل والمشروبات من كل صنف وجعله على غاية الإتقان والنظافة أهلاً لإستقبال حضرات الذوات والأدباء الكرام وأصحاب الذوق الصحيح، وفتح فيه باباً للإشتراك لمن يرسل له وصل الإشتراك أو يريد الدخول فيه ويقبل إشتراكه، والأسعار بغاية الإعتدال كما أعلن صراحة (بأن دخول النساء ممنوع).

وفي سنة 1915م أسس والي بيروت عزمي بك نادياً (سركل) في غابة الصنوبر، أصبح ملتقى الطبقة الحاكمة العُثمانيّة من ولاة وقادة، وقد وضع إسم الوالي المذكور بأحرف مذهبة على مدخل البناء وعُرف بنادي عزمي، ثم إتخذه الجنرال غورو مقراً لإقامته ومنه أعلن في أيلول عام 1920م دولة لبنان الكبير وصار يُعرف بقصر الصنوبر .

وكان رجال الأميركان قد أسسوا ما عُرف (غرف القراءة) كانت تستقبل الجمهور لقراءة الصحف والمجلات والإطلاع على الأخبار السياسيّة وسماع بعض المحاضرات. وكانت أول غرفة قراءة فتحت في أول طريق النهر قرب خان ثابت والمصور إلياس فرنيني، ثم نقلت في آذار سنة 1904م إلى قرب دير الراهبات العازاريات.

وكان جرجي نقولا باز أحد أعضاء جمعيّة (شمس البر) قد ألقى في غرفة القراءة عام 1903م خطاباً بعنوان (الآداب) مشتمل على أقوال حكماء العرب والفرنجة في الآداب وفوائدها وقد بدأه بالبيت القائل:

ليس الجمال بأثواب تزيننا   إنما الجمال جمالُ الفضل والأدب

وختمه بالبيتين الآتيين:

لكل شيء زينة في الورى     وزينة المرء تمام الأدبٍ

قد يشرف المرء بآدابه فينا  وإن كان وضيع النسبٍ

 

 

ويبدو أن نشاط غرف القراءة توقف حتى سنة 1911م حين أعلن عن إستئناف (رجال الأميركان لإفتتاحها في المحل الجديد الذي شيدوه في محلة السور وأن لهذا المشروع منافع أدبيّة للشبان الذين لا تمكنهم حالتهم الماليّة من الدرس في المدارس. وأعلن بعد ذلك عن بدء الدروس الليليّة التركيّة والفرنسيّة والإنكليزيّة، وأن المخابرة بخصوص البدل ووقت الدرس مع سكرتير غرف القراءة لبيب بردويل).

كما فتحت غرفة للقراءة في محلة البسطة الفوقا كان يُوسُف عبد الكريم قرنفل من مؤسسيها.

ونشير أخيراً إلى أن الألمان لجأوا خلال الحرب الأولى إلى نشر الدعاية ملأوها بالرسوم والنشرات الداعية إلى حبهم، منها غرفة في حلب، وغرفة في ساحة الشهداء في بيروت، كان محلها تحت سينما رويال في المكان الذي شغلته حلويات الوزي تحت مقهى لاروندا، وقد أسس هذه الغرفة كارل هوبل وعاونه في إدارتها محمد الريّس.