الرياضة

تعددت أشكال الرياضة التي كان يمارسها الشباب في بيروت. فكان منها السيف والترس ورمي الرمح والجريد وألعاب القوى والمصارعة والملاكمة وكرة القدم والتزلج ... إلخ.

السيف والترس:

السيف أعظم آلات الحرب. إقترن بالفروسيّة التي تحوي من معاني الإقدام والشجاعة والقوة، ما يجعل لها ميزة خاصة عند الإنسان. قيل إن عماد الفروسيّة أربعة أشياء: ركوب الخليل والكر والفر، الرمي بالقوس، الطعن بالرمح، والضرب بالسيف. وكان لتعلم الضرب بالسيف قواعد ومراحل نظّمت منذ أيام المماليك.

ولعبة السيف والترس، وسُمّيت أيضاً لعبة الحكم، قديمة في بيروت. خصّصت لها فسحة في حرج بيروت كمرمح للاعبين برمي الجريد والمتبارزين بالسيف والترس والمتسابقين على الخيول. كما كانت تقام حفلاتها في ساحة البرج.

يستدل على قدم اللعبة في المدينة، مما حدث في مجلس حضرة مفتيها وقاضيها الشيخ أحمد الغر سنة 1839م، وكان هناك إثنان يلعبان بالسيف والترس، فأصاب سيف أحدهما قناديل الثريات وتبدد زيتها، فقال المفتي لصاحب البيت:

كانت عداتك كالثريا إذا بدوا  فأتاهم السيف الصقيل تبددوا

كان لعب السيف والترس في الأماكن العامة يحتاج إلى ترخيص من المجلس البلدي. علماً بأن هذه اللعبة كانت تقدم في المناسبات الخاصة: كالأعراس والختان وإستقبال الحجيج. وفي المناسبات العامة: كالاحتفال بتدشين السبيل الحميدي، والإحتفال بإعلان الدستور، وجلوس السلطان، أو إحتفاءً بقدوم زائر كبير. مثلما حصل سنة 1898م لدى إستقبال غليوم الثاني إمبراطور ألمانيا، فقد قدّم له أربعة من شبان بيروت الأبطال في اللعبة/ مشهداً منها، وهم محمد عبد الله ومحمد عبد الغني العيتاني ومحمد الشدياق ومحمد الحنون، من أبطال لعبة السيف والترس نذكر سعيد الغزاوي وكان أشهر لاعب في بيروت سنة 1878م، وسعد الدين لطوف الذي كان يصعد درج العدليّة، ممتطياً صهوة جواده، ومحمد الهبري وغيرهم.

رمي الرمح والجريد:

كان اللاعبون يأخذون جريدهم إلى ناحية بئر حسن حيث كان المرمح فيتبارون هناك. ويتولى الصبيان لمه في المرمح ومناولته للمتبارين.

يُذكر أن الرمح أثقل من الجريد، كونه يحتاج في تحضيره إلى نجّار ماهر.

من أبطال بيروت في رمي الرمح، سيف الدين صيداني وسجّل 51 متراً، كما كان أيضاً بطلاً في رمي الجريد وسجّل 65 متراً.

وقد أُلغي لعب الجريد سنة 1924م.

نادي النهضة وكرة القدم:

كانت أنظمة النوادي تفرض أن يكون رئيسها وأمين سرها وأمين صندوقها من الفرنسيين المقيمين في المدينة. الأمر الذي حدا ببعض الشباب إلى تأسيس ناد وطني يقابل نادي الإتحاد الرياضي الذي كان تحت سيطرة الفرنسيين، فاستحصلوا سنة 1926م على رخصة باسم (نادي النهضة)، كان من مؤسسيه: سيف الدين وعادل صيداني، جورج كرم، جاك شهاب: أدمون ربيز، وإنضم إليهم فيما بعد عدد كبير من الطلبة.

يُذكر أن أول كأس قدم في المباراة التي جرت سنة 1928م بين عدة فرق منها: النهضة والسركل (رئيسه بيار الجميّل) والهومنتمن وفريق الجامعة.

المصارعة والملاكمة:

بدأت لعبة المصارعة في بيروت منذ سنة 1910م، وكان سبب رواجها مجيء بعض اللاعبين من بلغاريا وتركيا، وتنظيم حفلاتهم في الساحات العامة والمقاهي.

كان محمد الكعكي وإسكندر دو برج أول من إهتم بهذه الرياضة، وقد شهد عام 1930م مباراة بين أبطال لبنانيين وسوريين. وكان بعض الشبان قد أنشأ قاعات للتدريب على المصارعة، منهم عارف الحبّال ورشاد المالكي وسليم فرحات وأحمد القاروط ومحمد زيدان وشريف دمج وصافي طه، إلى أن تأسس سنة 1935م أول ناد للمصارعة هو (نادي الشبيبة الرياضي) بهمة مؤسسيه محمود القيسي ومحمد الكعكي وعارف الحبّال، وكان مقره تقدمة من (جمعيّة الشبيبة الإسلاميّة) وهو عبارة عن قاعة وغرفتين على سطوح محلات تجاريّة في سوق الخضار بالجملة خلف مبنى سينما ريفولي.

وفي سنة 1937م تأسس أول إتحاد لبناني للمصارعة ضمّ لعبة رفع الأثقال، ثم أضيفت إليه لعبة الملاكمة برئاسة ناصيف مجدلاني.

ذاعت سنة 1933م شهرة البطل عثمان العرب، الذي تمكّن، بفضل مدربه عارف الحبّال من رفع 131 كلغ، فنال إعجاب الرياضيين وعلى رأسهم البطل العالمي المصري مختار حسين الذي كان في زيارة لبيروت.

وفي سنة 1934م ذاع صيت المصارع مصطفى البربير الذي إشتهر بعضلاته المفتولة ونال بطولة الملاكمة في سوريا ولبنان، ثم ترك الملاكمة وتمرن على المصارعة حتى أصبح من أكبر أبطالها.

ألعاب القوى:

يمكن تكوين فكرة عن ألعاب القوى التي كانت سائدة في بيروت القديمة، في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، من خلال مراجعة برامج الألعاب التي كانت تؤدى في الحفلات التي أقامتها المدارس والجامعات خلال السنة الدراسيّة أو عند ختامها.

إعتادت الكليّة الإنجيليّة السوريّة (الجامعة الأميركيّة) إقامة إحتفالات تقدم فيها ألعاب (تقوي البنية). ففي شهر شباط سنة 1898م أقيمت إحدى هذه الحفلات وجرت فيها الألعاب التالية:

·       تسابق التلاميذ بلعبة الطابة.

·       تسابق بالعدو مسافة 100 يارد.

·       رمي كرة الحديدثقلها 16 ليبرا مسافة 25 متراً.

·       مسابقة بالعدو مسافة 220 يارداً.

·       قفز عالي على علو أربعة أقدام.

·       سباق مسافة نصف ميل.

التزلج:

عاد المهندس رامز غزاوي إلى بيروت سنة 1913م من سويسرا، بعد أن أنهى دراسة هندسة التعدين، حاملاً معه أول قطعتي خشب للتزلج، وكان في نيته أن ينشر هذه الرياضة في لبنان، كما شاهدها في سويسرا.

بدأ الغزاوي تمارينه في ضهور عاليه، ولكن إندلاع الحرب العالميّة الأولى أوقف إنطلاق هذه الرياضة. إلى أن كانت سنة 1929م، حين قدم بيروت فرنسيان، أحدهما مدثر دائرة الآثار في المفوضيّة الفرنسيّة، فباشرا بالتمرين في منطقة ضهر البيدر، وإنضم إليهما بعض الفرنسيين.

وعمد حسن نجيب العيتاني إلى تأسيس (نادي السكي اللبناني) لتشجيع هذه الرياضة، فصور عدة أفلام، جرى عرضها في المدارس والأندية سنة 1942م، مما نتج عنه نشوء فروع للتزلج في بعض النوادي.

وظهر من أبطال التزلج منير العيتاني، الذي تتلمذ على يديه عدة أبطال منهم/ إبراهيم جعجع وجان سمن، وقد مثَّل الثلاثة لبنان في المباريات العالميّة.