عبد الرحمن بن سُلَيْم الكلبي

كنيته: أبو العلاء، عُرف بوالي بيروت وأمير الساحل، أتى إبن عساكر على ذِكْره عَرَضاً في سياق حديثه عن حملة بحرية قام بها البيزنطيّون إلى ساحل الشام وحاصروا طرابلس على عهد الوليد بن عبد الملك (86-96هـ) حيث يقول إنّ والي بيروت أمير الساحل عبد الرحمن خفّ في جماعة من أهلها لنجدة أهل طرابلس، وسلك الطريق الساحلية عبر (وجه الحجر)، وتولّى بنفسه التفاوض مع البيزنطيّين بعد دخوله المدينة لتقرير رفع حصارهم وانسحابهم، وأخذ العهد عليهم أن لا يغيروا على شيءٍ من أرض المسلمين في ذلك العام.

ولقد أفادنا هذا الخبر أمرين مهمَّين، أحدهما أنّ النظام الإداريّ في الإشراف على مدن ساحل الشام كان يمنح العامل على المدينة لَقَبَيْ : الوالي وأمير الساحل، إذ كان الوالي يشرف على قيادة الأسطول البحري في تغر بيروت وما حوله، بالإضافة إلى مهمّاته في المدينة نفسها وما يتبعها من كورتها. وهذا الأمر كان معمولاً به في طرابلس أيضاً، إذ كان عاملها (سُحَيم بن المهاجر) أميراً عليها، وأميراً لغزو البحر، في آنٍ.

أمّا الأمر الثاني، فيؤكّد على دور بيروت وقدرتها في أواخر القرن الأول على إرسال قوّاتٍ لنُصْرة مدينة أخرى تبعد عنها نَيّفاً وثمانين كيلومتراً، مما يعني أنّ المسلمين الذين استوطنوها كانوا قد بلغوا درجة من القوّة والكثْرة تمكّنهم من إمداد المدن الساحليّة الأخرى.

ولما كان (إبن عساكر) لم يضع ترجمة لعبد الرحمن الكلبي، وإنما أتى على ذِكْره عَرَضاً، فقد لجأنا إلى كتب التواريخ لنلقي الضوء على شخصيّته، فأفادنا (الطبري) أنه كان مع عبد الملك بن مروان ضدّ عمرو بن سعيد بن العاص حين عصى الأخير بدمشق في سنة 69 هـ.

وفي سنة 82 هـ كان على مَيْمنة الحَجّاج بن يوسف الثقفي في حربه مع إبن الأشعث في موقعة الجماجم. ومن المحتمل أنه عاد بعد ذلك ليصبح والياً على بيروت إذ يُلاحظ أنّ جميع المصادر التاريخيّة تُهمل الحديث عنه بيم سنتي 83-100 هـ وهي المدّة التي نُرجّح أنه وليّ بيروت خلالها.

ثم نقرأ في حوادث 101هـ أن يزيد بن عبد الملك أرسله عاملاً على خُرسان، فلما بلغه خلْع يزيد كتب إليه: (إنّ جهاد من خالفك أحبّ إليّ من عملي على خُرسان، فلا حاجة لي فيها، فاجعلْني ممّن توجّهني إلى يزيد بن المهلّب.

وفي حوادث سنة 102 هـ نراه عاملاً على البصرة . ويذكره اليعقوبي في تاريخه ضمن حوادث سنتي 103 و104 هـ ويدعو أباه باسم (سليمان) بدلاً من (سُليم)، ويقول: إنه في السنة 103 هـ غزا مع عُثمان بن حيّان المُرّيّ، فنزلا على حصن ففتحاه. بمعنى أنه غزا هو في البّر، وعُثمان في البحر، وكان الغزو باتّجاه دولة الروم في شمال الشام. وخرج على الصائفة في غزوة سنة 104 هـ . وتنقطع أخباره بعد ذلك مما يوحي بأنه تُوُفّي قريباً من ذلك.