في سنة 1247هـ 1831م تقدّم إبراهيم باشا بقواته المسلّحة باتجاه بلاد الشام حيث دارت بينه وبين الجيش العُثماني معارك متواصلة تمكّن على أثرها من احتلال هذه البلاد لمدة عشر سنوات إضطر بعدها  للانكفاء منسحباً بقواته باتجاه مصر التي إنطلق منها.

بعض عساكر الجيش المصري آثروا البقاء في بيروت، من هؤلاء كان العباس بن سليمان الذي تزوج بيروتيّة من آل الشامي ورزق منها أولاداً عدة، أحدهم أحمد كانت ولادته في بيروت سنة 1270هـ 1853م.

عندما بلغ أحمد السنة الخامسة من عمره أسلمه والده إلى الكتّاب على عادة أهل زمانه حيث قرأ القرآن الكريم، واستظهر بعض أجزائه على الشيوخ المجّودين آنذاك مثل النصولي والدسوقي والحافظ إسماعيل الطنطاوي، وفي السنة العاشرة من عمره دخل المدرسة التي أنشأها الشيخ حسن البنا حوالي سنة 1280هـ 1863م وهي أول مدرسة على النمط العصري في بيروت وقد سمّاها صاحبها، المدرسة الرشيديّة، نسبة إلى راشد ناشد باشا والي سوريا في ذلك العهد.

في مدرسة الشيخ حسن البنا، الرشيديّة، تعلّم الشيخ أحمد تجويد الخط العربي والحساب ومبادئ اللغة العربيّة وكان من شيوخه فيها الشيخ إبراهيم الأحدب الطرابلسي، الذي كان علامة زمانه في مادة الفقه الإسلامي، في تلك الفترة تحركت همّة عالميْ بيروت الشيخ محمد الحوت الكبير والشيخ عبد الله خالد، لإيجاد مشروع تعليمي يجابه نشاط الإرساليات التبشيريّة وبادرا إلى تأسيس مدرسة عصريّة جعلاها في جامع النوفرة، الأمير منذر حالياً، حيث كانا يدرّسان فيها العلوم العصريّة إلى جانب العلوم الدينيّة التقليديّة، ورغبة منهما في توسيع دائرة نشاطهما رأيا انتخاب طائفة من تلاميذ النوفرة والرشيديّة لإعطائهم دروساً إضافية عصريّة توسّع مداركهم من علوم الدين وتزيدهم معرفة بمبادئ اللغة العربيّة. وبالفعل جرى اختيار عدد من نبهاءِ المدرستين المذكورتين لهذه الغاية وزّعوهم على الشيوخ فيهما، وكان الشيخ أحمد من نصيب الشاعر المشهور الشيخ عمر الأنسي.

وذات يوم صادف الأمير محمد أرسلان الشيخ عمر الأنسي في السوق ومعه تلميذه الصغير أحمد فسأله عنه، فقدمه الشيخ عمر إليه منوهاً بذكائه ونباهته، فأقبل الأمير محمد أرسلان على التلميذ أحمد يباحثه في بعض مسائل النحو، أحسن له الإجابة على الأسئلة إلتفت الأمير إلى الشيخ عمر وقال له: جدير بلتميذك هذا أن يدخل الأزهر، يقصد الجامع الأزهر الشريف في القاهرة، فلقي هذا الأمر استجابة لدى الشيخ الأنسي. وبعد قليل أُرسل التلميذ أحمد في بعثة إلى الجامع الأزهر برفقة أحد زملائه الشيخ خضر خالد، غير أن إقامته في مصر كانت تنقطع بعض الوقت لحاجة أبيه إليه في بيروت لمساعدته على العمل في متجره، كان هذا الانقطاع يضايق التلميذ أحمد فيستنجد بأستاذه الشيخ عمر الأنسي لإقناع والده بالاستمرار في الأزهر دونما انقطاع، فيقول له أُستاذه: رويدك إنه لا يصبر على الأزهر إلا كل ضامر مهزول، فيجيبه: وهل أنا إلا ذلك الضامر المهزول ؟

ولما علم العالِم الأديب الوجيه البيروتي الحاج حسين بيهم بأسباب انقطاع أحمد عباس عن متابعة دراسته في الأزهر بمساعدة مالية تُدفع له شهرياً، وبالتعاون مع عالِم بيروت وزاهده الشيخ عبد الرحمن الحوت أقنعا والده بالفائدة من دراسة ولده بالجامع الأزهر، فتجاوب معهما وأذن له بالسفر إلى مصر، وفي نفس الوقت فرض له على نفسه مبلغاً من المال يضاف إلى منحة الحاج حسين بيهم، وولى التلميذ أحمد وجهه شطر الأزهر الشريف وكان ذلك سنة 1285هـ 1868م، في الأزهر تلقى الشيخ أحمد عبّاس علوم العربيّة وآدابها على خواص مدرّسيها في ذلك الوقت كالشيخ المرصفي والأشرفي، والإبياري، والبابي الحلبي، وأخذ علوم الفقه الإسلامي على مذهبي الإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة عن أعلام علماء هذه المادة، كالأشموني والعزّ والرافعي ومنقارة، واضطلع بالعلوم العقليّة والفلسفيّة والصوفيّة بين يدي جهابذة هذه العلوم مثل جمال الدين الأفغاني الذي كان يُلقب بحكيم الشرق، والشيخ أحمد البابي الحلبي، والشيخ محمد الولي الطرابلسي. وكان إذا قدم بيروت في إجازته يقضي هذه الإجازة بالتردد على علامة بيروت الشيخ يُوسُف الأسير ليتزود من علومه ودروسه في المنطق والأدب.

بعد أن قضى الشيخ أحمد خمس سنوات يطلب العلم في الأزهر الشريف فوجئ بوفاة والده وقد سببت له هذه المفاجأة انقطاع المعونة التي كان يتقاضاها من والده، المتوفى، فانقطع عن متابعة دراسته في بدء السنة السادسة وقصد الإسكندريّة حيث حلَّ ضيفاً على نزيلها الثري السوري سعد الله بك حلاّبة، الذي ما إن سمع منه شرح حالته العائليّة والماديّة حتى قَدّم له مبلغاً من المال يوازي ما كان يقدمه له أبوه طوال السنة، وطلب إليه العودة إلى متابعة تحصيله في الأزهر الشريف، فعاد الشيخ أحمد عبّاس إلى الأزهر الشريف وبقي فيه إلى أن نال إجازات التّدريس من شيوخه في العلوم التي درسها وكان تمام تحصيله في الأزهر سنة 1291هـ 1874م.

بعد أن أتم الشيخ أحمد عبّاس تحصيله العلمي في الجامع الأزهر، يَمّم وجهه شطر بيروت ولُقّب بالأزهري نظراً لدراسته في الأزهر الشريف، فبادر المعلم بطرس البستاني إلى الإفادة من علمه في المدرسة الوطنيّة، التي كان قد أنشأها في هذه المدينة سنة 1863م، وكلّفه بتدريس الدين الإسلامي للتلامذة المسلمين فيها، بقي في هذه المدرسة لنهاية سنة 1294هـ 1877م حيث صرفت تلاميذها وأقفلت أبوابها بسبب إنتشار الهواء الأصفر، الكوليرا، فتعطل عن العمل وتعرض لضائقة ماليّة أربكت حياته المعيشيّة الأمر الذي ألجأه إلى فتح دكان لبيع الخضار والفواكه دون أن يدفعه ذلك إلى التخلي عن زيّه الديني، وهو الجبة والعِمّة. وحدث أن مَّر به الوجيه البيروتي الحاج محيي الدين بيهم والد عمر بك بيهم من الأعيان في زمانه، فعزّ عليه أن يرى الشيخ بعِمته وجبته يحترف بيع الخضار في دكانه كسائر عامة الناس، فدنا منه وقال له : أرى أن هذا غير لائق بك، فأجابه الشيخ أحمد : أرى أن هذا ألْيَق من التسوّل للقيام بأوَد الأهل.

لم تطل مدة تعاطي الشيخ أحمد عبّاس لبيع الخضار في دكانه ذلك أنه في سنة 1295هـ 1878م رأى الأمير مصطفى أرسلان أن يفيد من علمه فدعاه إلى التدريس في المدرسة الداوديّة التي أنشأها داوود قرابيت أرتين أول متصرف على جبل لبنان بعد سنة 1864م، فلبى رغبة الأمير وبقي في تلك المدرسة مدة ثلاث سنوات كان آخرها سنة 1298هـ 1880م وكان من تلاميذه فيها:

·  عباس حميّة

· الشيخ محمود تقي الدين

· سامي كجك العماد

·  تامر العماد

·  فرحان بك حمادة

وغيرهم من أعيان الدروز.

وفي سنة 1298هـ 1880م ترك الشيخ عبّاس المدرسة الداووديّة عندما دُعي لتولّي إدارة مدرسة المقاصد الخيريّة التي تأسست في بيروت سنة 1299هـ 1881م بعناية والي سوريا مدحت باشا وصديقه رائف باشا متصرف بيروت آنذاك، ثم وقع عليه الاختيار لتدريس العلوم العربيّة والدينيّة في المدرسة الرشديّة العسكريّة التي تأسست في بيروت سنة 1300هـ 1882م. وهذه المدرسة هي التي تدعى اليوم ، مدرسة حوض الولاية، وهي ما تزال قائمة مكانها القديم حتى اليوم.

ولما افتتحت جمعية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة المدرسة السلطانيّة، ثانوية المقاصد للبنات اليوم، في محلة قبر الوالي، سنة 1302هـ 1884م دعته لأن يتولى نظارة السلوك والتدريس فيها.

كما دعت علامة سوريا آنذاك الشيخ حسين الجسر الطرابلسي إلى تولي إدارتها، فقام بهذه الوظيفة مع محافظته على التدريس في المدرسة الرشديّة العسكريّة دون أن يعطي لنفسه فرصة للراحة.

وبسبب ما اعتور إدارة المدرسة السلطانيّة من تأثير السياسات المختلفة استقال الشيخ أحمد عبّاس من خدمتها سنة 1304هـ 1886م وانصرف إلى مسؤولياته الماديّة بتعاطي تجارة الكتب لكي يبقى في الجو العلمي الذي أحبه وارتضاه ، ففي السنة المذكورة أسس(المكتبة العُثمانيّة) متأسِّياً بأستاذه أحمد البابي الحلبي صاحب المطبعة والمكتبة المنسوبة إليه في القاهرة، بيد أن عمله في تجارة الكتب لم يمنعه من إلقاء الدروس في الجامع العمري الكبير ببيروت على عادة أمثاله من العلماء في زمانه الذين كان لهم في الجامع المذكور حلقات حافلة بأبناء بيروت من التجار وغيرهم.

ولما كان للشيخ أحمد عبّاس ميل إلى التصوف فإنه، على أثر عودته من مصر، سلك الطريقة الشاذليّة على يد العالِم المتصوف الشيخ علي نور الدين اليشرطي الذي شذَّله وأسند إليه وظيفة مقدم الطريقة اليشرطيّة وأجاز له تسليك المريدين فيها.

وبقي الشيخ أحمد يتعاطى تجارة الكتب في المكتبة العُثمانيّة طوال ثماني سنوات، ولما رأى أن عمل جمعية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة اعتوره القلق والاضطراب وأصبحت مدارس الجمعية أضعف من أن تؤدي رسالتها في نهضة الناشئة الإسلامية في بيروت على الوجه المطلوب آنذاك، تخلى عن تجارة الكتب سنة 1312هـ 1894م وكاشف صديقه الشيخ عبد القادر القبّاني برغبته في التعاون معه في إنشاء مدرسة تفي بالمطلوب في ميدان تعليم الناشئة الإسلاميّة، فوجد عند هذا الصديق الفاضل استعداداً لما إقترحه عليه لمشاركته له نفس الشعور حتى إن القبّاني بادر إلى مشاركته في رأس المال المطلوب في المشروع، ويقول الشيخ أحمد عبّاس حول ما لقي من مؤازرة صديقه في هذا العمل : ... ودعاني إلى ما أحب من الخدمة فلبيت وسعدت بمؤازرته زهاء عشرين سنة .

وبالفعل ففي غرة ربيع الأول 1312هـ الموافق 19 آب 1895م أسس الكليّة العُثمانيّة متعاوناً مع الشيخ عبد القادر القبّاني والشيخ عبد الباسط فتح الله وبعض المسلمين وكان الشعار الذي إتخذه للكليّة (أغنى الغنى العلم وأكرم الحسب الأدب).

وقد إتخذ منطقة الزيدانيّة (طلعة شحادة) مقراً للكليّة التي شهدت نجاحاً وإقبالاً من الطلبة البيارتة واللبنانيين والعرب أيضاً بحيث بلغ عدد طلابها في سنواتها الأولى حوالي طالب، يتلقون دروساً على أربعين أستاذاً ومربياً. والأمر اللفت أن شيخ الجيلين القرن التاسع عشر والقرن العشرين، لم يقتصر عمله على تطبيق البرامج المدرسيّة الجديثة والمتطورة وتعليم اللغات الأجنبيّة فحسب، بل عمل في كليته على غرس الروح الإسلاميّة والوطنيّة واليقظة الإسلاميّة في القرنين التاسع عشر والقرن العشرين. وقد تخرج من مدرسته كثر قاموا بدور أساسي في الحياة السياسية اللبنانيّة والعربيّة وهم الذين حملوا فكرة الإستقلال العربي وكان منهم الأديب والصحافي والطبيب والصيدلي والحقوقي والتاجر والسياسي، ومما قيل فيها في تلك الفترة (وبالجملة فإن تلامذة الكليّة الإسلاميّة، إن لم يرفعوا أمتهم إلى ذروة المجد، فقد قربوها من المنزلة التي تليق بين إخوانها في الوطنيّة من الأمم الراقية).  

وما هي إلا سنوات حتى ذاع صيت الشيخ الرئيس أحمد عباس الأزهري، فاستقطبت كليّته المزيد من جموع الطلبة، وبدأت تتخذ منحى منافسة الكليّة السوريّة الإنجيليّة(الجامعة الأميركيّة اليوم) وبلغ الأثر الواضح للكليّة العُثمانيّة  حيث أن خريجيها حملوا لواء الدعوة لإيقاظ الأمة الإسلاميّة والعربيّة، فعقدوا الندوات ونشروا المقالات وعمموا الأفكار الأزهريّة، وباتت الأزهريّة مدرسة فكريّة تربويّة وسياسيّة واجتماعيّة، تهدف إلى اليقظة والوعي، وبهذا الاتساع صارت كلية تُقبل شهادتها في جامعات بيروت وأوروبا، وكان المتخرجون فيها يدخلون عالم الصحافة والطب والصيدلة والحقوق وما إلى ذلك من المراتب العلميّة العالية.

ولقد تنبه الشيخ أحمد عبّاس في وقت مبكّر حاجة المسلمين إلى علماء قادرين على مواجهة الإرساليات الدينيّة الأجنبيّة بسلاح العلم المقارن الذي يستلزم نخبة من الطلاب الذين يتمتعون بأهليّة ثقافيّة تتيح لهم المقدرة على إيضاح الدين الإسلامي من منظور فكري متطّور، ولأجل هذه الغاية أدخل في مناهج الدراسة في الكليّة العُثمانيّة العلوم الدينيّة من فقه وتوحيد، وأضاف إليها درساً في علم الأصول ثم حاول إنشاء قسم خاص لمن يريد الاختصاص في هذه العلوم وشرط أن لا يقبل في هذا القسم إلا من اضطلع بالعلوم العصريّة وأحرز إجازة البكالوريا.

ولما كانت ميزانية الكليّة لا تتحمل تغطية هذا القسم رأى أن يستنجد بالمشيخة الإسلاميّة فسافر إلى إسطمبول سنة 1332هـ 1913م وعرض على شيخ الإسلام هذا الوضع الذي وجد قبولاً حسناً ونفذت المشيخة الإسلاميّة الطلب الذي تقدّم به الشيخ أحمد عبّاس إلى رجل الدولة العُثمانيّة آنذاك أنور باشا، فحبَّذ الباشا ما سمع وقرر تقديم ألف ومائتي ليرة عُثمانيّة تُدفع مشاهرة لمعاونة القسم الإسلامي المذكور، غير أنه لم يُدفع من هذا المبلغ إلا القسط الأول لأن الحرب العالميّة الأولى اندلعت نيرانها، وأصيبت الكليّة بالمضايقات التي انتهت بإقفالها ونفي صاحبها الشيخ أحمد عبّاس إلى إسطمبول حيث وضع تحت المراقبة للاشتباه به من قبل السلطنة واتهامه بالتحريض على إهاجة العواطف العربيّة القوميّة والتعاون مع أصحاب هذه الدعوة.

على أنه ما كادت الحرب تضع أوزارها حتى أنهض الشيخ عبّاس كليته من كبوتها وأعاد افتتاحها ولكن هذه المرة تحت اسم  (الكليّة الإسلاميّة). وحث على تعليم الفتاة المسلمة بشكل عام بإعتبارها العامل الهام في المجتمع والمسؤول عن تربية الجيل الذي سيقدر له تولي المسؤوليّة. ومما قاله في إحدى خطبه: (إن تربية البنات من ألزم ما يلزم الهيئة الاجتماعيّة، ومن أجل ما يعود عليها بالفائدة، فهو دين واجب القضاء وحتى لازم الوفاء... ولرب معترض يقول: هل ربينا فتياتنا وأحسنا تربيتهم حتى نسعى في تربية فتياتنا ؟ فنقول: إن تربية البنين مرتبطة بتربية الأمهات إرتباطاً محكماً، ومن العبث أن تحسن الأولى ما دامت الثانية مختلفة النظام...).

لقد ترك رائد النهضة بعض المؤلفات القيّمة في علوم الصرف والبلاغة والمنطق وأصول الفقه، وله عدة تمثيليات مُثلت مراراً منها:

· السموأل

· ذي قار

· فتاة الغار

وروايات عن العرب في الجاهلية والإسلام ورواية السباق، وله تاريخ أداب اللغة العربية.

هذه الكليّة بقيت تؤدي رسالتها على خير وجه طوال السنوات التي كانت فيها في عهدة مؤسسها إلى أن إختاره الله إلى جواره الكريم يوم الثلاثاء في 9 شوال سنة 1345هـ الموافق سنة 1926م.

 وفي 21 أيار عام 1927م احتفل بذكرى مرور أربعين يوماً على وفاته وقد تليت الخطب والقصائد من مآثر إبن عباس وقد رثاه في حينه تلميذه الشيخ مصطفى الغلاييني، ومما قاله سليمان الظاهر فيه :

ما الثمانون أوهنت لك ركناً       لا ولا أضعفت سموها قواكَا

صفحة كنت من كتاب المعاني    ومعاني النبوغة مـن معناكَا

 كنت ملءَ الرداءِ علماً وحلماً   فطواك الردى كطــي رِداكَا

 

 ولا بد من الإشارة إلى أنه قبل وفاة الشيخ أحمد عباس الأزهري بسنة ونتيجة لمرضه، وحرصاً على الكليّة الإسلاميّة، فقد بادر إلى إختيار الطبيب بشير أفندي قصّار أحد متخرجيها، ليكون مديراً لها، وفي الوقت نفسه محتفظاً بتدريس بضع ساعات في العلوم الدينيّة والعربيّة العالية، واستمر الدكتور بشير قصّار في إدارتها لعة سنوات 1926-1934م إلى أن توفاه الله.

ومن الملاحظ أن (الكليّة الإسلاميّة) بالرغم من حرص القيمين على إدارتها على متابعة مسيرتها ورسالتها العلميّة، غير أن الخلافات العائليّة التي نشبت بين أبناء الشيخ أحمد عباس الأزهري، وفقدان الكليّة للرئيس المؤسس، ومن بعده للطبيب بشير قصّار، ونظراً لإعتماد السياسة الفرديّة، والإبتعاد عن العمل الجماعي المؤسساتي ولأن الكليّة لم تتحول إلى مؤسسة قائمة بذاتها، الأمر الذي أفقدها تراثها التربوي والتعليمي، مما أدى إلى إقفالها عام 1943م.