جاء في القرآن الكريم في سورة الطارق : خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ .

آية كريمة حيرت العلماء والمفسرين ولابد لفهمها من أن يتعرف زائر هذا الموقع ولو على سبيل الاختصار ـ على الناحية التشريحية للجهاز التناسلي : إن النطاف تتكون عند الرجل في أنابيب الخصية، ثم تنبقل بعد كمال تكوينها ونضجها بالحبل المنوي، إلى الحويصلتان المنويان ومنهما إلى قناتين الدافقتين فالإحليل ثم يخرج المني آخر الأمر من الإحليل إلى خارج الجسم .

ـ الصلب : يشمل العامود الفقري الظهري والعامود الفقري القطني وعظم العجز ويشتمل من الناحية العصبية على المركز التناسلي الأمر بالانتعاظ ودفق المني وتهيئة مستلزمات العمل الجنسي ، كما أن الجهاز التناسلي تعصبه ضفائر عصبية عديدة ناشئة من الصلب ن منها الضفيرة الشمسية و الضفيرة الخثلية و الضفيرة الحوضية و تشتبك في هذه الضفائر الجملتان الودية و نظيرة الودية المسؤولتان عن انقباض الأوعية و توسعها، وعن الانتعاظ و الاسترخاء وما يتعلق بتمام العمل الجنسي . و إذا أردنا أن نحدد ناحية الصلب المسؤولة عن هذا التعصيب قلنا إنها تحاذي القطعة الظهرية الثانية عشرة و القطنية الأولى والثانية ، والقطع العجزية الثانية والثالثة و الرابعة .

ـ الترائب : فقد ذكر لها المفسرون معاني كثيرة، فقد قالوا : إنها عظام الصدر، والترقوتان، واليدان والرجلان، وما بين الرجلين، والجيد والعنق وغير ذلك . وما دام سعة فإننا نأخذ من هذه المعاني ما يتفق مع الحقيقة العلمية، وسنعتمد على التفسير القائل بان الترائب هنا هي عظام أصول الأرجل أو العظام الكائنة ما بين الرجلين.

لنعد إلى الآية القرِآنية : ( خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ). الماء الدافق هو ماء الرجل أي المني يخرج من بين صلب الرجل وترائبه ( أي أصول الأرجل )، أصبح معنى الآية يخرج من بين صلب الرجل وترائبه ( أي أصول الأرجل ) ، أصبح معنى الآية واضحاً لأن معظم الأمكنة والممرات التي يخرج منها السائل المنوي والتي ذكرناها يقعان خلف غدة الموثة " البروستات والتي يشكل إفرازها قسماً من السائل المنوي " وكلها تقع بين الصلب والترائب . ويجب أن نذكر هناك عدة آراء ونظريات حول وظيفة الحويصلين المنويين فمنهم من يقول بأن الحويصلين المنويين فمنهم من يقول بأن الحويصلين المنويين مستودعان لتخزين النطاف بالإضافة إلى وظيفتهما الإفرازية، بينما النظريات الحديثة تقول بأنه لا يمكن اعتبار الحويصلين المنويين مخزناً للنطاف، والمهم أنهما غدتين مفرزتين تشكلان قسماً من السائل المنوي، وإفرازهما ذو لون أصفر غني بالفركتوز، كما أن لهما دوراً إيجابياً في عملية قذف السائل المنوي للخارج على شكل دفقات بسبب تقلص العضلات الموجودة بهما .

ولا يبقى أي إشكال في أن الآية الكريمة أشارت على وجه الإعجاز والموعظة، يوم لم يكن تشريح ولا مجهر إلى موضع تدفق المني من الإنسان قبل أن يخرج إلى ظاهر الجسم . وإذا التفتنا إلى الناحية العصبية في بحثنا هذا، وما لها من أهمية، وجدنا أن الوصف الوارد في الآية الكريمة يمكن أن ينطبق عليها فتنسجم الصورة العصبية مع الصور التشريحية الماضية تمام الانسجام .

ويمكن إيضاح هذا المعنى على الوجه التالي: إنك حين تقول : خرج الأمر من بين زيد و عمرو تريد بذلك أنهما اشتركا وتعاونا على إخراجه . وقوله تبارك وتعالى : ( يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) يفيد بأن الصلب والترائب تعاونا كجانبين على إخراج المني من مستقره ليؤدي وظيفته وبهذا المعنى يصح أن نقول : إنه خرج من بين صلب الرجل كمركز عصبي تناسلي آمر وترائبه كمناطق للضفائر العصبية المأمورة بالتنفيذ، حيث يتم بهذا التناسق بين الآمر والمأمور خروج المني إلى القناتين الدافقتين، وهذا ثابت من الناحية العلمية، وموضح لدور الجملة العصبية ولا بد من تعاون الجانبين لتدفق المني فإن تعطل أحدهما توقف العمل الجنسي الغريزي .