الجزائر واحدة من ثلاثة بلدانٍ في حوض البحر الأبيض المتوسّط التي تشترك في هذا البحر الهائل من الرّمال المعروف بالصّحراء الكبرى. ومع أنّ الوصول إليها لم يعد صعبًا، فما يزال للصّحراء الكُبرى سحرها وغموضها الخاص. ووجود المطارات والطُّرُق البرّية الجيّدة والفنادق المُريحة يتيح المجال لرؤية جمال طبيعتها، على الأقل في قسمها الشّمالي.

SAHRAKOUBRA 

يمتدّ شريطٌ من الواحات عند مدخل العرق الكبير، وهي واقعة بين الكثبان الرّملية والصّخور الجرداء، وتتيح المجال للرّاحة والتّمتع بالإخضرار. ومن مقوّمات هذه الواحات: القرية بجامعها ومئذنته والوادي وأشجار النّخيل. وقد يختار الزّائر الطّيران إلى بسكره، غرواية أو تقرت، أو السّفر برًا من مدينة الجزائر إلى أقرب واحةٍ وهي بو سعادة، ورؤية الواحة بألوانها المُتعدّدة الجميلة. وتستغرق الرّحلة للعرق الشّرقي الكبير حوالي أسبوع، ونجد في ورقلة وتقرت، وُهما من أكبر الواحات -أكثر من مليونين ونصف مليون شجرة نخيلٍ-، ومن ثمّ إلى الواد عاصمة منطقة الصّوف حيث بساتين النّخيل المتقاربة والكثيفة، لتنتهي الرّحلة في بسكره وهي مركز لجزرٍ من الواحات الحقيقية.

الصّحراء الكبرى غنيّة بالبترول والغاز. ويتمّ نقل البترول، منذ سنوات عديدة، عبر خطوط أنابيبٍ من حقول البترول الضّخمة في حاسي مسعود قاطعةً الجبال والصّحاري إلى معامل التّكرير في عنابة وأزرار وبجاية وسكيكدة.

مدينة بو سعادة خير مثالٍ للواحة، وأقرب منطقةٍ للصّحراء الكبرى. تبعد 251 كلم عن مدينة الجزائر، وهي مليئة ببساتين النّخيل ومحاطة بالكُثبان الرّملية، وفيها الكثير من الجِمال.

كما أن مدينة بسكرة الواقعة على مسافة 245 كلم جنوبي قسنطينة قاطعة جبال الأوراس، هي واحةٌ صحراويّةٌ بكلّ معنى الكلمة، مع ملايين أشجار النّخيل. كما تُعرف بواديها الذي يمرّ في وسطها والجامع وقبّته ومئذنته ومناخها المتوسّط والمناطق الزّراعية المُحيطة بها. وتُعَدّ بسكرة أكبر مدينةٍ صحراويّةٍ وفيها ضريح عقبة بن نافع الذي قُتِلَ على أيدي البربر سنة 62 للهجرة، خارج المدينة. ويُعَدّ ضريحه أقدم مزارٍ إسلاميٍ في الجزائر، ويزوره الحجّاج منذ ذلك الحين.

والمدينة من بسكرة إلى تقرت عبارة عن شريطٍ من الواحات المليئة بأشجار النّخيل بمحاذاة نهر وادي رهير.

مدينة الواد عاصمة الصّوف في الجنوب هي مدينة الألف قبّة بسبب وجود قبة على كل سطحٍ من سطوح منازلها لكي تُعكِس أشعة الشّمس الحارقة، وتزيد من مساحة السّطح، لتخفيف وطأة الحرارة أيضًا.

والأمر الآخر المُدهش والذّي يُمكن أيضًا رؤيته من مئذنة جامع سيدي سالم أو من سطح الفندق، هو وجود الكثبان الرّملية الكثيرة التي تلفّ مدينة الواد. كذلك تمّ حفر خنادق عميقةً طويلةً، وَزُرِعَت حوالي نصف مليون شجرة نخيل في القعر لكي تتمكن جذور هذه الأشجار من الوصول إلى المياه الجوفيّة. وكانت النّتيجة أنّ تمورها من أفضل التّمور في الجزائر.

إضافةً إلى ذلك، فلقد استُعمِلَت سُعف النّخيل الجافّة كحواجز لصدّ الرّمال الصّحراوية واتّساع الرّقعة الصحراوية الزّاحفة نحو المدينة وما حولها. تُشيّد منازل منطقة المزاب الصحراوية بطريقةٍ فريدةٍ من ناحية مواد البناء المُستخدمة والأسوار وموقعها تحت الأرض، بحيث تتكوّن من طبقةٍ عازلةٍ للمنازل وما حولها. وحتّى المساجد ومنازل الأغنياء تُبنَى على الطّريقة نفسها.

المدينة الرّئيسة في هذه المنطقة هي غرداية، وهي على بعد 274 كلم جنوبها. وتقع مدينة القليعة، وهي واحة، على الحدود الصّحراويّة الكلسيّة. وفي هذه المنطقة المُحيطة بالقليعة وبالقرب من الطّريق إلى عين صلاح توجد بحيرات مياهٍ مالحةٍ. كذلك تمّ حفر آبارٍ ارتوازية على أعماقٍ مُختلفةٍ من 2 إلى 60 مترًا.

كما توجد صحراء تُعرَف بإسم صحراء العطش قريبة من الحدود مع مالي. ولا يقوم بزيارة هذه الصّحراء إلاّ المُغامر والمُستكشف، ويحتاج لإذنٍ من السّلطات الجزائريّة. وهذه الصحراء كانت في الماضي موقعًا للتّجارب النَّوَوية الفرنسيّة.

ومن المناظر الغريبة التي يراها المُغامر في هذه الصّحراء الصخور الحمراء بالقرب من تيميمون. وبعدها بمسافة 351 كلم إلى الشّمال الغربي من تيميمون و386 كلم من أدرار، تقع بني عباس. ولون الأرض في بني عباس أبيض كلون الطّبشور، بما في ذلك المنازل ومباني الإدارات فيها. وأكبر مدينةٍ في غرب الصّحراء الكبرى، هي بشار، والّلون الغالب فيها هو الّلون الزّهري مع بعض الأبنية باللّون الأبيض.

إلى الشّمال من بشار على بعد 274 كلم، عبر جبال القصور، تقع مدينة عين الصّفراء، ثم تتّجه إلى بو سعادة مرورًا بمدن أبيض وآنجلو والأغواط والجلف. وجميعها مدنٌ واقعةٌ في سلسلة جبالٍ، منها: القصور والهضاب العُليا والأطلس الصّحراوي.