آل ستيتية (استيتية)

من الأسر الإسلاميّة البيروتيّة واللبنانيّة والعربيّة، تعود بجذورها إلى الجزيرة العربيّة، وهي أسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام والعراق والمغرب العربي، وقد توطنت في تلك البلاد، وفي مقدمتها فلسطين وبيروت المحروسة. وقد أشارت بعض المصادر إلى أنّها تنسب إلى قبيلة "الستوت" إحدى عشائر الغوالي التي توطنت في بعض مناطق فلسطين، ومن بينها بئر السبع على ما جاء في عارف العارف "تاريخ بئر السبع" ونقل عنه هذه المعلومة عمر رضا كحالة.

ومن الملاحظ أيضًا أنّ أسرة ستيتية هي من الأسر البيروتيّة الأصلية، بدليل العثور على وثيقة من سجلات المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة مؤرّخة في عام 1231ه – 1815م، أي منذ حوالي مئتي عام تتضمن شهود الحال على إحدى القضايا البيروتيّة تظهر فيها أسماء العديد من البيارتة، ومن بينهم السيّد محمد بن الحاج حسن ستيتية. كما برز من الأسرة في العهد العثماني التاجر أحمد ستيتية صاحب معصرة بني ستيتية في باطن بيروت والتي اشتراها منه فيما بعد آل جبر.

والواقع، فقد ارتبط اسم أسرة استيتية في القرن العشرين بعدد من أفراد الأسرة في مقدمتهم الشاعر والتربوي محمود أحمد ستيتية (1900-1951) وأبناؤه السفير الشاعر بالفرنسية صلاح ستيتية الوارد اسمه في قاموس "لاروس"، والأستاذ الجامعي المهندس عاصم ستيتية والسيّدات سلوى وأمل ورجاء من زوجته السيّدة رئيفة عبد القادر المبسوط التي تزوجّها عام 1924.

أمّا فيما يختص بالشاعر والمرّبي محمود ستيتية (1900-1951) فهو من أهم الشعراء البيارتة، ومن رجال التربية والتعليم البارزين، من مواليد منطقة الباشورة في بيروت المحروسة. تعلّم في مدرسة الشيخ أحمد عباس الأزهري، وفي مدرسة حوض الولاية. أتقن اللغة التركية واللغة العربيّة. التحق في سلك التعليم الرسمي، ثمّ مديرًا لمدرسة الأشرفية الرسمية.

اهتم بالعلم وبالتربية والتعليم، وبالشعر والشعراء، فتحوّلت دارته إلى مكتبة عامرة على غاية من الأهمية، وإلى منتدى أدبي تجتمع فيه كوكبة من رجال الأدب والشعر. آمن بأنّ الشعر صدى لقضايا المجتمع، لهذا نظّم الشعر السياسي والديني والاجتماعي والوطني والقومي، وشعر المرأة والرثاء والغزل والشعر المتعلّق بالعلم والعلماء وسواه.

لقد استطاع الشاعر محمود ستيتية أن يتأثر بمجتمعه البيروتي واللبناني والعربي، وأن يؤثّر في هذا المجتمع. وبعد وفاته بحوالي عامًا جُمع ديوانه الشعري، مع مقدّمات لبعض أصدقائه.

لقد أشار صديقه الأديب والشاعر فؤاد الخشن إلى أنّه "في أوائل النصف الثاني من الأربعينات بدأت مزاملتي بالتدريس للأستاذ الشاعر محمود ستيتية في مدرسة حوض الولاية (المدرسة العسكرية). ما زلت أذكره بأناقة أبناء البيوتات البيروتيّة العريقة، الذين لم يتخلَ بعضهم عن لبس الطربوش، ولم يبدل "لاقطة البنطلون" بالزنار الجلدي الضاغط.

وما زالت في البال أصداء نطقه المتأنق القريب من الفصحى، ونبرته الطيبة التي كان يتميز بها، وتلك المناقشات اللغوية التي كانت تجري أحيانًا بينه وبين مدير المدرسة الأستاذ حسن فروخ عم الدكتور عمر فروخ... وكان الحكم الفصل في تلك المساجلات أستاذنا في العربيّة العلّامة المرحوم الشيخ راشد عليوان الذي أخذ لغة الضاد عن أحد أئمّتها الشيخ مصطفى الغلاييني. وكانت الفسح المدرسية سوانح لقاء محبّب لثالوث أدبي – لغوي مؤلّف من الأستاذ إبراهيم عباس والأستاذ محمود ستيتية ومني...".

وأشار الشاعر محمد يوسف حمود قائلًا: "ما ذكرت محمود ستيتية إلّا وذكرت بالتقدير مربي الجليل البيروتي في مطلع القرن العشرين وشعراء بيروت الروّاد في طليعة ذاك الجيل...".

وأشار الستاذ توفيق أحمد شهاب في مقدمته للديوان "... وأوّل ما عُيّن الشاعر محمود ستيتية في الباروك [معلمًا] فكان هذا التعيين فرصة له تعرّف خلالها على الشاعرين أمين نخلة ووالده رشيد نخلة اللذين كان لهما باع طويل في دنيا الشعر والأدب، ونشأت بينه وبينهما صحبة استمرت طيلة حياته. ثمّ نقل بعدها إلى العبّادية، فعلّم هناك جمعًا من الطلاب الذين برزوا فيما بعد... منهم الأستاذ [الدكتور السفير] حليم أبو عز الدين... إنّ الشاعر محمود ستيتية، يرى أنّ رابطة الفكر والأدب هي أقوى وأمتن من أيّة رابطة... كان بيته عبارة عن منتدى أدبي يلتقي فيه عدد من الشعراء بصورة مستمرة منهم: بولس سلامة، بشارة الخوري، أحمد الصافي النجفي وحليم دموس وغيرهم كثر...".

من اصدقائه محيي الدين النصولي صاحب صحيفة "بيروت" وحنا غصن صحيفة "الديار" وقد كتب ونشر شعرًا فيهما وفي صحف البيرق والراصد والبلاغ وسواها.

لقد تفاعل الشاعر محمود ستيتية مع قضايا الوطن والمجتمع، والعلم، ومع قضايا الشهداء وفلسطين والعروبة، والواقع الاقتصادي والعلمي، وتفاعل مع الفقراء ووجّه النقد إلى الحكّام الظالمين، ونبذ التعصّب، وتأثر بالمرأة فنظّم فيها وبكل تلك القضايا شعرًا مميّزًا.

توفي الشاعر محمود ستيتية في 27 شباط عام 1951 في ريعان شبابه وعطائه، تاركًا خمسة أولاد في مقدمتهم شاعر الفرنسية السفير صلاح ستيتية والمهندس الفنّان عاصم ستيتية والأخوات الثلاث. كما ترك مكتبة عامرة بأهم الكتب الأدبية والعلمية تعتبر ثروة لا تقدّر بثمن فضلًا عن مؤلّفات له نثرًا وشعرًا.

وبرز من أسرة ستيتية نجله السفير الشاعر صلاح ستيتية الذي تميّز بدبلوماسيته البارزة وبشعره المميّز.

كما برز من الأسرة شقيقه الأستاذ الجامعي المهندس عاصم ستيتية الذي أسهم إسهامًا بارزًا في تطوّر العلوم الهندسية لا سيّما في الجامعة اللبنانيّة الذي درّس فيها لسنوات عديدة. كما له إسهامات في ميادين الرسم والتصوير، وأخذ عن والده وشقيقه شيئًا من الشعر.

وبرز من الأسرة في القرن العشرين الشاعر الشعبي شفيق ستيتية المتميّز بشعره الذي يلامس قضايا الوطن، وقد تميّز بطربوشه الذي حرص عليه طيلة حياته، كما تميّز بوقوفه باستمرار عند المجلس النيابي اللبناني لمحاورة النواب شعرًا ونثرًا، ولبحث قضايا الناس.

عرف من أسرة ستيتية السادة: أحمد حبيب، أحمد سليم، أسامة شفيق، إيهاب عثمان، جمال محمد، الطبيب الدكتور حبيب رفيق، راني أحمد، رياض عبد الرزاق، سليم محمد، سمير كامل، شادي محمود، عبد الرزاق أنيس، عثمان، عدنان محمد، عدنان محمد حبيب، عصام، عماد محمد، عمار هشام، علي ستيتية أحد المسؤولين الإداريين في الجامعة اللبنانيّة، وهو أحد المسؤولين الإداريين في الجامعة اللبنانيّة، وهو أحد متخرجي قسم اللغة الانجليزية وآدابها، وشقيقه علاء، فاروق محمود، فاروق محمد، مازن محمد، محمد حبيب، محمد عبد المنعم، محمد فتح الله، محمد أمين إبراهيم، محمود محمد، مروان أنيس، منير محمد حبيب، ناجي عبد الرزاق، هشام عبد الرزاق، وجيه محمد، وسام عدنان، وفيق ستيتية وسواهم.

وستيتية (إستيتية) لغةً واصطلاحًا تأتي بعدّة معانٍ منها:

◄ستيتية: مصغّر ستيت وستوت لقب أطلق على أحد أجداد قبيلة الستوت العربيّة.

◄ستيتية: نوع من أنواع الحمام استقدم إلى بيروت في العهد العثماني من مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويتمّز بتناسله وانتشاره السريع، وكان يملأ ساحة الشهداء وبقية الساحات في باطن بيروت المحروسة حتى عام 1975، وبعد اندلاع الحرب اللبنانيّة عام 1975 انتشر في مختلف المناطق البيروتيّة وما يزال، وقد عرفه البيارتة باسم "ستيتية"، ويقال له اليوم "اليمامة".

◄ستيتية: نوع من أنواع الحمام الذي ربض في مكانه على مدخل غار حراء، عندما أمضى النبي محمد (ص) ليلة بصحبة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه)، ممّا أوحى إلى أعداء الرسول أنّ أحدًا لم يدخل الغار.

◄ستيتية: تأتي من الأستة أو الأسطة، وهي تعني الأستاذ أو المعلم، وهي فارسية الأصل دخلت العربيّة، وستيتية هو المعلّم أو الأستاذ الصغير.

◄ستيتية: من ستة أو أسته أي مؤخرّة الحمامة أو مؤخرّة الرجل، أو المضروب على أسته، وقد أعطيت لقبًا لأحد أحفاد الأسرة.