آل سربيه (سرباه)

من الأسر الإسلاميّة البيروتيّة واللبنانيّة والعربيّة والعثمانية، توطنت في مصر وبلاد الشام، تولّى أجداد الأسرة في العهد العثماني مناصب سياسية وعسكرية وإدارية واجتماعية رفيعة المستوى، ممّا دعا الدولة لأنّ تولي أحد أجدادها منصب "سَربيه" (سرباه) وتأتي بمعنى "نقيب البكوات" أو رئيس أو كبير البكوات. لأنّ "سر" تعني نقيب أو رئيس أو "بيه" وهو البك، على غرار من تولى منصب "سردار" أي نقيب أو رئيس الدار السلطاني أو الأميري، أو سواهما من الدور.

عرف من الأسرة عام 1783 م في العهد العثماني السيّد مصطفى سربيه، كما أشارت وثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة في فترة القرن التاسع عشر إلى العديد من آل سربيه منهم السيّد إبراهيم ابن السيّد يوسف سربيه أحد شهود الحال على عملية بيع أرض مصطفى علي الغول إلى عمدة التجار أحمد بكري العريس في منطقة عين الباشورة في بيروت المحروسة في غزة ربيع الثاني عام 1259هـ - 1843م. كما عرف السيّد حسين سربيه قليلات وأولاده قرب دار السلحوت في باطن بيروت المحروسة في 15 ربيع الثاني 1259هـ – 1843م. وعرف من الأسرة السيّد سعيد سربيه أحد القاطنين في محلة شويربات في سوق الشعارين سفلي دار الحاج مصطفى الكنفاني. وعرف من الأسرة السيّد عبد القادر سربيه صاحب دار في محلة شويربات القريبة من قناطر بني دندن في باطن بيروت المحروسة. كما عرف من الأسرة في العهد العثماني السيّد محمد سربيه أحد شهود الحال على دعوى الوكيل السيّد مصطفى ابن المرحوم السيّد عبد القادر أبي فروة سيف الدين القباني في جمادى الأولى عام 1259هـ – 1483م.

وممّا يؤكّد قدم أسرة سربيه ضمن سور بيروت المحروسة، ما أشارت إليه وثائق وسجلات المحكمة الشرعية في بيروت إلى توطن وأملاك السادة: إبراهيم وحسين ومحمد سربيه في باطن بيروت المحروسة. كما عرف من أسرة سربيه القائد إبراهيم سربيه أحد قادة الجيش العثماني في القرن التاسع عشر، وهو في الوقت نفسه رسّام بيروتي مشهور، اشتهر برسومه المتميزة، ومن بينها رسمه الشهير الذي يصوّر زيارة الأمبراطور الألماني غليوم الثاني إلى بيروت المحروسة عام 1898، واللوحة الأصلية ضمن مجموعة السيّد صالح بن السيّد محمد بركات.

عرف من الأسرة حديثًا الصحافي البارز سعيد محمد سربيه 01915-1952) ولد في بيروت، والده الحاج محمد سربيه من رجالات بيروت في العهد العثماني ووالدته السيّدة فائزة النصولي. تلقّى دروسه الأولى في كليّة المقاصد الخيرية الإسلاميّة في بيروت – الحرج – ثمّ تابع دراسته الجامعية في الجامعة الأميركية في بيروت.

التحق في صحيفة "بيروت" مبكرًا، وكان صاحبها خاله الأستاذ محيي الدين النصولي. نجح في ميدان الصحافة، بسبب ثقافته الواسعة وإتقانه للغتين الإنجليزية والفرنسية فضلًا عن اللغة العربيّة، لهذا له الفضل الكبير في تحديث وانطلاقة صحيفة "بيروت".

ونظرًا لنجاخاته الصحافية، فقد طلبت بعض الصحف اللبنانيّة والعربيّة والدولية التعاون معه، ومن بينها: (لوريان ولوجور) (Lejour) و (L’orient) والأهرام المصرية، والفيغارو الفرنسية وسواها.

كان صديقًا لكبار السياسيين من بينهم الرؤساء: بشارة الخوري، رياض الصلح، فؤاد شهاب، صائب سلام، سعدي المنلا وسواهم. هذا وقد أسّس مع صديقه الأستاذ محمد البعلبكي – نقيب الصحافة فيما بعد – صحيفة "كل شيء" الأسبوعية عام 1947، دون أن يتخلى عن عمله مع بقية الصحف اللبنانيّة والعربيّة والأجنبية.

في عام 1948 استطاع مرافقة الجيش اللبناني بقيادة قائده اللواء فؤاد شهاب إلى جبهة فلسطين، وعمل على تغطية معركة المالكية. ومنذ عام 1948 حتى وفاته أصبح مقربًا وصديقًا للجيش اللبناني. كما استطاع أن يصل إلى أهم أسرار الأمم المتحدة في نيويورك من خلال وجوده مع المسؤولين اللبنانيين في المنظمة الدولية لا سيّما مع د. شارل مالك، ود. نجيب صدقة، وفؤاد نفاع.

كان سعيد محمد سربيه متزوجًا من السيّدة رفيقة كريمة السيّد أجمد الجاك، ورزق منها بالسيّدة فائزة زوجة السيّد عبد الحميد الفيل، والسيّد محمد والمرحوم عاصم سربيه. توفي سعيد سربيه أثر نوبة قلبية في دارته في رويسات صوفر.

وعرف من الأسرة في ميدان الصحافة أيضًا الصحافي محمد بديع سربيه (المتوفى في عام 1994) صاحب ومؤسّس مجلة "الموعد" مع السيّد شفيق سكر، وصاحب ومؤسّس مجلة "أضواء المدينة" و "التلفزيون" و"الدكتور". كما تولى أمانة سر نقابة الصحافة اللبنانيّة، وعضوية المجلس الأعلى للصحافة. كما عرف شقيقه عبد الحميد سربيه والسادة: سليم عبد الرحيم سرباه عضو المركز الثقافي الإسلامي في بيروت ونجله المهندس ايمن سرباه، محمود عبد الرحيم، وسامي محمد سربيه، عاصم سعيد، عبد الرحيم، فؤاد، ماهر سامي، الطبيب الدكتور محمد مصباح عبد الرحمن، محيي الدين زكريا، مروان سامي، يوسف زكريا سربيه. كما عرف الحاج زهير عبد الرحيم سربيه (المتوفى عام 2007) وأنجاله السادة: محمد وأحمد ووائل سربيه، وأشقاؤه السادة: معروف، زياد، سليم، محمود والشهيد محمد سربيه.

والحقيقة، فقد استطاعت أسرة سربيه في العهد العثماني وفي القرن العشرين الإسهام إسهامًا فاعلًا في الميادين البيروتيّة واللبنانيّة والعربيّة.

أمّا مصطلح سربيه (سرباه) لغةً واصطلاحًا فهي من الفارسية مؤلّفة من كلمتين:

◄سَر بفتح السين وتعني نقيب أو رئيس أو كبير.

◄بيه (باه) لقب تشريف من بك (بيك) أطلق في العهد العثماني على حكام السناجق والإمارات لهذا، فإنّ لقب "سربيه" (سرباه) أعطي بفرمان سلطاني لمن كان حاكمصا أو قائدًا أو حتى وجيهًا بارزًا بين قومه، وقد يعطى لقبًا لمن كان نقيبًا للبكوات. واللفظ هنا غير اللفظ في اللغة العربيّة "السرب" وقد ورد في القرآن الكريم لفظ "سَرَبًا" في سورة الكهف، الآية (61)، وهي تعني المسلك والمنفذ المنحدر إلى أسفل الأرض.