آل عالية (الأنسي، السجعان)

من الأسر الإسلاميّة البيروتيّة والعربيّة منسوبة لآل البيت الشريف، تعود بجذورها إلأى قبائل شبه الجزيرة العربيّة، لا سيّما إلى قبيلة عالية المقيمة في منطقة نجد إزاء المدينة المنورة إلى منطقة تهامة. وقد عرفت منطقة بلاد الحجاز باسم منطقة "عالية" نسب إليها الأجداد الأوائل لقبيلة وأسرة عالية.

أسهمت أسرة عالية في الفتوحات العربيّة لمصر وبلاد الشام والمغرب العربي، لهذا فإنَّ الأسرة ما تزال منتشرة إلى اليوم في مصر وسوريا وفلسطين ولبنان ولا سيّما بيروت المحروسة، فضلًا عن اليمن والمملكة العربيّة السعودية، وبعض بلدان الخليج العربي. وتميّزت الأسرة عبر تاريخها الطويل بالإقبال على الجهاد والعلم، كما تميّزت بالاستقامة والأخلاق الحميدة، والإقبال على عمل الخير.

ويستدلّ من دراسة وثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت في القرن التاسع عشر من أنّ أسرة عالية والأنسي والسجعان أو الصقعان هي من أسرة وجذور واحدة. وقد أشار السجلّ 1286-1287ه إلى أسرة الأنسي السقعان، كما أشار السجلّ 1286ه إلى أسرة عالية السقعان، أو السجعان أو الشجعان، وقد فصَّلنا سبب التسمية عند حديثنا عن آل السجعان.

وهذا، وقد أشارت سجلّات المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة في القرن التاسع عشر إلى الحاج خليل العالية أحد الشهود على عملية بيع دار مولى فخر الأغوات عبد الفتاح آغا حماده. كما أشارت سجلات المحكمة الشرعية في بيروت، لا سيّما السجلّ 1259ه، (ص 25) إلى الحاج عبد القادر ابن مصطفى العالية أحد الشهود على عملية بيع دكان السيّد عرابي خرما شقير.

ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ أحد أجداد آل عالية والأنسي والسقعان قد انتقل إلى مدينة صيدا وكان من علمائها يلقي خطب الجمعة في المساجد فلقّبه أهل صيدا بلقب البلولي، وفرع آل البلولي في صيدا يتحدرون تحديدًا من نسل الشيخ عبد الباسط الأنسي على ما أفادت به السيّدة ميرنا العريس في أيلول من ع ام 2013.

وبرز من أسرة عالية في التاريخ الحديث والمعاصر العلّامة القاضي الدكتور سمير عالية مواليد بيروت عام 1941. تولى منصب المدّعي العام في القضاء اللبناني، والنائب العام الشرعي للقضاء السني، فضلًا عن كونه أستاذًا جامعيًا. في كانون الأول عام 2009 صدر قرار من جامعة الدول العربيّة بتعيينه مديرًا للمركز القانوني للعلوم القانونية والقضائية برتبة وزير مفوّض. له مؤلّفات قانونية واجتهادات فقهية تعتبر مرجعية في ميدانها. تميّز بسلوكه وقيمه ومثله العليا. كما برز نجله المحامي هيثم عالية. كما برز رجل البر والإحسان والخير والعطاء الحاج باسم محمد عالية رئيس جمعية دار الطفل اليتيم المسلم الذي يعمل في ميادين العطاء في بيروت والمناطق اللبنانيّة، والضابط العقيد في مخابرات الجيش اللبناني خالد فؤاد عالية، كما برز الطبيب الدكتور زكريا عالية، والطبيب الدكتور عادل زكريا عالية، والطبيب الدكتور حسان عالية، والمهندس حسان عالية، والصيدلي نزار عالية، والمؤهَّل في قوى الأمن الداخلي محمد فؤاد عالية وسواهم الكثير.

وعرف من أسرة عالية الكثير ممّن عملوا في الميادين العلمية والطبية والهندسية والقانونية والإدارية والإجتماعية والإقتصادية منهم على سبيل المثال السادة: أحمد، أكرم، أسامة، باسم، جمال، حبيب، حسان، خالد، خليل، رسلان، رفيق، سعد الدين، سعيد، سمير، طارق، عادل، زكريا، عامر، عبد الرحمن، عفيف، عمر، فضل الله، محمد، محيي الدين، مروان، مصطفى، منير، ناجي،نديم، نزار، وفيق، يوسف عالية وسواهم.

هذا، وقد لاحظت أنّ فرعًا مسيحيًا من أسرة عالية قد تفرّع من الأسرة الإسلاميّة. وقد عرف من الأسرة المسيحية على سبيل المثال السادة: الياس، توما، جان، طانيوس، فهد، ناجي الياس، وسواهم.

وعالية هي إحدى قبائل ومناطق بلاد الحجاز، وهي لغة من العلو والرّفعة، وتطلق لقبًا للقبائل عالية الهمّة والكرامة والرّفعة. وممَّا يلاحظ بأنَّ أسرة عالية والأنسي والسجعان هي أسرة بيروتية عربية، تفرّعت إلى ثلاث أسر بيروتية أصيلة، وقد برز منها في بيروت العديد من العلماء والأئمّة والأدباء، وفي لبنان والعالم العربي من بينهم السيّد عبد الوهاب الأنسي الأمين العام المساعد لتجمع الإصلاح الإسلامي في اليمن، ومن بينهم في بيروت الشيخ عبد الباسط الأنسي (1867-1940) مؤسّس المكتبة الأنسية التي كانت تحتوي على أربعين ألف مجلّد في مختلف اللغات، وفي عام 1902 أصدر صحيفة "الإقبال". وفي عام 1918 وقبيل انتهاء الحكم العثماني صدر فرمان سلطاني بتوليته نقيبًا للسادة الأشراف، وكان رئيسًا لمكتب الصنائع والتجارة والتجارة الحميدي، ورئيسًا للهلال الأحمر، وعضوًا في جمعية بيروت الإصلاحية. له آثار أدبية عديدة منها "أبدع الأساليب في إنشاء الرسائل والمكاتيب". كما برز من الأسرة شقيقه العلّامة الشيخ محمد علي الأنسي (1869-1956) تولّى مناصب قضائية عديدة في بيروت ودمشق وفلسطين، كما تولّى رئاسة محكمة التمييز الشرعية، ثمَّ رئاسة المحكمة الشرعية العليا، له آثار أدبية عديدة منها مؤلفة الشهير "المنهاج البديع في أحاديث الشفيع" عدّة أجزاء، وله مؤلّفات مخطوطة. وبرز من الأسرة الأديب عمر الأنسي الجد (1821-1876) له ديوان "المورد العذب"، والد الطبيب عبد الرحمن الأنسي عضو أول بعثة مقاصدية إلى مصر لدراسة الطب في أواخر القرن التاسع عشر، وبرز ابنه الرسّام عمر الأنسي (1901-1969)، كما برز محمد سليم الأنسي مؤسّس صحيفة "روضة المعارف"

إنَّ أسرة الأنسي تلتقي في النسب مع آل السجعان وعالية كما فصّلنا، وتميّزت الأسرة عبر العصور بوجود جمهرة من العلماء. كما تميّزت بإقبالها على العلم والتأليف والأدب والشعر. والأنسي لغة من المؤانسة، والأنسي من يؤنس إليه. أمَّا أهمّ من برز من آل السجعان فمنهم خضر بك السجعان، وحسين بك السجعان وحسن سجعان وسواهم الكثير (للمزيد من التفاصيل راجع: د. حسان حلاق: موسوعة العائلات البيروتيّة، المجلّد الأول والمجلّد الثاني).

وهكذا، يلاحظ بأنَّ أسر عالية والأنسي والسقعان (السجعان) هي أسرة واحدة بثلاثة ألقاب أو ثلاثة فروع بيروتية عربية.