آل قدورة

من الأسر الإسلامية البيروتية والصيداوية والبقاعية واللبنانية والعربية

لها انتشار واسع في فلسطين وسوريا والمغرب العربي. وهي إحدى القبائل العربية التي أسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام والمغرب العربي. تعود بنسبها إلى أمراء بني مخزوم القرشيين لا سيما إلى جدهم الأعلى الأمير يوسف بن شافع، ارتبطوا عبر التاريخ الإسلامي بقرابة مع آل الخالدي وآل خرطبيل وآل شاهين وآل المرادي في فلسطين ومع آل الصفدي والداوودي في دمشق، ومع آل القاووقجي في طرابلس، ومع عائلات بيروتية ولبنانية وعربية عديدة في مقدمتها آل الحسامي وطبارة وقزعون وبيهم والداعوق وميقاتي والشامي سوبره وسواهم.

وتشير المصادر التاريخية لا سيما كتاب «اللُباب في تهذيب الأنساب» جـ3، ص (19-20) عن وجود قبيلة «القدوري» نسبة إلى «القُدوُر»، وأشهر من برز منها في بغداد أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان الفقيه الحنفي المعروف بالقدوري (362-428هـ ت 1037م)، انتهت إليه رئاسة الحنفية في العراق. من مؤلفاته «المختصر» الشهير باسمه، ترجم باب الجهاد منه المستشرق روزن ميلر.

وبرز في الجزائر في العهد العثماني الإمام سعيد بن إبراهيم قدورة (ت 1655م) كان عالماً وفقيهاً ومفتياً للجزائر. كما برز ولداه العلامة الشيخ أحمد بن سعيد بن إبراهيم قدورة مفتي المالكية في الجزائر (ت 1706م) وشقيقه العلامة الشيخ القاضي علاّل قدورة، كما انتشر بقية علماء آل قدورة في مختلف مناطق المغرب العربي، ومنها وصل فرع إلى بيروت وصيدا والبقاع الغربي، ومدن فلسطينية عديدة في القرن الرابع عشر الميلادي، علماً أن فرعاً من الأسرة كان متوطناً في بلاد الشام منذ بداية الفتوحات الإسلامية للمنطقة.

وتشير سجلات المحكمة الشرعية في بيروت في القرن التاسع عشر إلى العديد من وجوه وأعلام آل قدورة في باطن بيروت المحروسة، ومن بينهم السادة: أحمد جلبي قاسم قدورة أحد أعيان بيروت عام 1843، ووالده قاسم بن محمد قدورة وزوجته السيدة فاطمة بنت السيد أحمد قدورة، وجميع هؤلاء مع أفراد أسرهم كانوا يسكنون في باطن بيروت. كما أشار السجل (1281-1282هـ) ص (851) إلى زاروب في باطن بيروت باسم «زاروب بني قدورة» في محلة سوق النجارين التحتا. كما أشارت المصادر التاريخية المعاصرة بأن ساحة السور (المعروفة اليوم بساحة رياض الصلح) عرفت لسنوات عديدة في القرنين التاسع عشر والعشرين باسم ساحة قدورة نسبة لوجود صيدلية قدورة في الساحة، فضلاً عن أملاك آل قدورة في المنطقة، غير أن الأسرة انتقلت فيما بعد إلى مناطق بيروتية عديدة في مقدمتها منطقة رأس بيروت.

الطبيب الدكتور أديب قدورة الجد وأسرته

وممن برز من آل قدورة في العهد العثماني الدكتور أديب قدورة أول طبيب مسلم تخرّج من الكلية السورية الإنجيلية (الجامعة الأميركية اليوم) عام 1881، وكان طبيباً في المدرسة السلطانية العثمانية، ومن أبرز أطباء بيروت في العهد العثماني. أولاده: أربعة ذكور وثلاث إناث وهم على التوالي: مصطفى، وحليم وفريدة، وبهيج، وابتهاج، ونادر ونادرة. هذا، وقد برز نجله الدكتور مصطفى أديب قدورة أحد أوائل الصيادلة المسلمين في بيروت. من متخرجي الجامعة اليسوعية وجامعة استانبول. كما تولى في العهد العثماني منصب «سراجزه» أي نقيب الصيادلة، ونجله الدكتور حليم أديب قدورة (1879-1948) الذي كانت عيادته وصيدليته في منطقة السور استناداً إلى سالنامة ولاية بيروت عام 1326هـ، وهو أحد متخرجي الجامعات الفرنسية، الذي أصبح أيضاً عضواً في مجلس النواب اللبناني في مجلسي عام 1922 وعام 1929. كما أصبح نائباً لرئيس مجلس النواب 1922-1923. كان عضواً في جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت 1936-1942. زوجته السيدة نور الهدى دمشقية، أولاده السادة: فوزي، نجيب، صلاح، وديع، عصام، زهير، والسيدة فايزة قدورة. توفي في 16 كانون الثاني عام 1948، وأطلقت بلدية بيروت اسمه على أحد شوارع منطقة الباشورة. كما برز من أسرة قدورة الدكتور أديب قدورة نقيب الصيادلة الأسبق، أحد البارزين ليس في ميدان الطب فحسب، وإنما في العمل السياسي والنضال الوطني. ترك مذكرات مهمة عن حياته ومسيرته.

وبرز من أسرة قدورة الصيدلي الدكتور أديب قدورة الحفيد، وهو أحد الأطباء والصيادلة البارزين وفي الوقت نفسه كان من القيادات السياسية في لبنان. ونظراً لإسهاماته وعطاءاته المتنوعة، فإننا نشير إلى سيرته الذاتية المختصرة فيما يلي:

الدكتور أديب مصطفى قدورة (1917-1995)

من مواليد بيروت المحروسة، عام 1917 والده مصطفى قدورة، والدته السيدة خانم الحسامي.

- أبناؤه: مصطفى، أسامة، ابتهاج.

- تزوج عام 1949 من السيدة نهلة العطار.

- أخوته: لبيب والعميدة د. زاهية، ووديعة، ورفيقة وأديبة.

- عمته ابتهاج قدورة رائدة الحركة النسائية اللبنانية والعربية.

- تخرج من كلية الصيدلة في الجامعة الأميركية في بيروت (الكلية السورية الإنجيلية) عام 1938.

- جده الدكتور أديب قدورة أول طبيب مسلم من متخرجي الجامعة الأميركية عام 1881.

- انتمى إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي وارتبط بعلاقة شخصية وسياسية مع مؤسس الحزب أنطوان سعادة. وأدخل إلى السجن بسبب انتمائه له سبع مرات معظمها خلال حكم الانتداب الفرنسي، وشغل مواقع قيادية في صفوفة منها: منفذاً عاماً لبيروت، وعميداً للخارجية، وعميداً للدفاع وسواها من مناصب مهمة.

- غادر العمل الحزبي في أعقاب عام 1958 وحاول مراراً تعريب الحزب، وحافظ على علاقاته به. ومن ملاحظاته على الحزب تعاونه مع الرئيس كميل شمعون المعادي آنذاك للرئيس جمال عبد الناصر، واعتماد الحزب أسلوب الاغتيالات السياسية.

- ارتبط بصداقات مع معظم القيادات السياسية اللبنانية والعربية كرياض الصلح، صائب سلام، هنري فرعون، بيار الجميل، كمال جنبلاط وشارل حلو وجمال عبد الناصر وشكري  القوتلي... كما كانت له علاقات سياسية وعائلية عربية واسعة في سوريا وفلسطين ومصر والعراق.

- شغل منصب نقيب الصيادلة ثلاث مرات متتالية، وأعد قانون تنظيم مهنة الصيدلة في لبنان، ونظم العديد من المؤتمرات للصيادلة اللبنانيين والعرب في بيروت والعواصم العربية.

- تولى إعداد وتنظيم مؤتمر لحماية البيئة في لبنان أوائل الستينات.

- نظم تبرعات لصالح جرحى العدوان الإسرائيلي عام 1967، وحصل من خلال موقعه على أدوية مضادة لحروق قنابل النابالم، وأوفد كميات منها إلى مصر وسوريا والأردن.

- تناول حياته في كتاب له بعنوان: «حقائق ومواقف».

- ترشح لانتخابات عام 1972 عن الدائرة الثالثة في بيروت، وانسحب لصالح الرئيس صائب سلام.

- تولى منصب رئيس مجلس إدارة شركة (مصر جيجي للشرق الأوسط).

- تولى منصب رئيس مجلس إدارة (مفيكو) لصناعة الأدوية (1954-1957).

- أمين عام نادي بيروت.

- مؤسس وعضو في اتحاد متخرجي الجامعة الأميركية.

- عضو مجلس الضمان الاجتماعي.

- نال أوسمة عديدة من رئاسة الجمهورية اللبنانية، مع دروع تكريمية عديدة من بلدان عربية.

- تميز بجرأته النقابية والسياسية، وله إسهامات طبية وصيدلانية ونقابية على غاية من الأهمية.

هذا، وقد برز د. لبيب قدورة، والشقيقات السيدات: أديبة زوجة د. جودت قزعون، ووديعة زوجة الدكتور أديب خرطبيل، ورفيقة زوجة عبد الفتاح ميقاتي، ود. زاهية قدورة زوجة الدكتور عبد السلام كفافي من مصر.

كما برز من أسرة قدورة شقيقة الدكتور مصطفى قدورة السيدة ابتهاج قدورة، وهي أول مسلمة متخرجة من المدرسة الأميركية في بيروت عام 1909، وهي إحدى رائدات النهضة النسائية في لبنان والبلاد العربية، وكانت رئيسة الاتحاد النسائي اللبناني، وكان لها اسهامات وطنية وقومية عديدة ابتداء من اجتماعها عام 1919 مع لجنة كنج – كراين الأميركية لجنة تقصي الحقائق عن مستقبل بلاد الشام.

وللسيدة ابتهاج قدورة مواقف سياسية ووطنية مهمة من القضيتين اللبنانية والفلسطينية، ومختلف القضايا العربية والنسائية.

المناضلة وديعة قدورة خرطبيل

وبرز من آل قدورة السيدة وديعة بنت مصطفى قدورة خرطبيل زوجة الدكتور المناضل أديب خرطبيل من فلسطين، وهي إحدى رائدات الحركة النسائية في لبنان والعالم العربي، الذي وصفها السيد شفيق الحوت بأنها «السنديانة العربية الأصيلة والعريقة». أسهمت إسهاماً بارزاً في دعم القضايا النسائية العربية، كما أسهمت إسهاماً سياسياً بارزاً في دعم القضية الفلسطينية، وذلك من خلال تأسيسها ورئاستها للاتحاد النسائي العربي الفلسطيني، الذي أسس بعد نكبة فلسطين عام 1948، كما أسسته في بيروت منذ عام 1952 من خلال جمعيات بيروتية ولبنانية وعربية عديدة، ومن خلال المحافل العربية والدولية. وفي عام 1995 أصدرت إسهاماتها وإنجازاتها ومذكراتها في كتاب تحت عنوان «بحثاً عن الأمل والوطن – ستون عاماً من كفاح إمرأة في سبيل قضية فلسطين».

الرائدة ابتهاج قدورة (1893-1967)

ومن الرائدات البارزات في نهضة المرأة البيروتية واللبنانية والعربية، السيدة ابتهاج قدورة (1893-1967) كريمة الطبيب الدكتور أديب قدورة أول طبيب مسلم في بيروت من متخرجي الجامعة الأميركية، فقد عاشت في بيئة إسلامية منفتحة على الآخر، وقد تلقت دراستها الأولى في مدارس المقاصد الإسلامية، ثم تابعتها في مدرسة الأميركان للبنات. وكانت منذ صباها ومنذ العهد العثماني تناضل من أجل حقوق المرأة العربية، لهذا، أسست جمعية «يقظة الفتاة العربية» لتعليم الفتاة المسلمة والعربية، كما أسهمت في فترة الحرب العالمية الأولى بإيواء الأطفال المشردين والأيتام وتعليمهم والعناية بهم.

وكان للسيدة ابتهاج قدورة والسيدة عنبره سلام والسيدة عادلة بيهم وسواهن مواقف مشرّفة عندما قدّمن مذكرة سياسية للجنة كنج-كراين الأميركية التي زارت بيروت وبلاد الشام لاستطلاع الرأي حول مستقبل البلاد السورية مبعوثة من مؤتمر فرساي، فقد أكدت المذكرة على المطالبة بالسيادة والحرية، واستقلال البلاد السورية ووحدتها، ورفض إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

شاركت السيدة ابتهاج قدورة بتأسيس الاتحاد النسائي اللبناني – السوري، والذي عرف فيما بعد بالاتحاد النسائي العربي، وقد أصبحت رئيسة له لسنوات عديدة، ثم عرف باسم «الاتحاد النسائي اللبناني» وأصبحت رئيسة له لسنوات طويلة، وهو الذي استطاع التوصل إلى الكثير من الإنجازات للحركة النسائية، والتي تابعتها فيما بعد الناشطة الدكتورة زاهية قدورة. كما كان للسيدة ابتهاج قدورة مواقف جريئة ومشرّفة في عهد الانتداب الفرنسي وعهود الاستقلال. وفضلاً عن نشاطاتها المتنوعة، فقد تولت أيضاً:

1- رئاسة لجنة دار الأيتام الإسلامية، بالتعاون مع السيدتين سلوى محمصاني وشفيقة سلام.

2- رئاسة رابطة الجمعيات النسائية الخيرية الإسلامية.

3- تأسيس ورئاسة «نادي جمعية الأمور الخيرية للفتيات المسلمات».

4- رئاسة لجنة لبنان وسوريا في تأبين السيدة هدى شعراوي.

5- تأسيس جمعية النهضة النسائية.

6- رئاسة عدة مؤتمرات لبنانية وعربية ودولية.

7- عضواً في مجلس بلدية بيروت عام 1953.

لذلك كله، فقد نالت عدة أوسمة منها: وسام الأرز من رتبة فارس، وسام الأرز من رتبة كومندور. وقد أطلقت بلدية بيروت اسمها على شارع مهم في بيروت. كما أطلقت وزارة التربية والتعليم العالي اسمها على مدرسة في بيروت قرب المدينة الرياضية.

GADOURA01 

 المشاركات في مؤتمر الاتحاد النسائي العربي الذي عقد في عمّان يحطن بالرائدة ابتهاج قدورة

GADOURA02 

في مؤتمر الأطباء في القاهرة: الدكتوران مسلم وخرطبيل ود. زاهية والسيدة وديعة قدورة خرطبيل