آل مدوّر

من الأسر الإسلامية والمسيحية البيروتية واللبنانية والعربية. تعود بجذورها إلى قبائل شبه الجزيرة العربية لا سيما قبيلة الأزْدي ويقال لفرع منها قبيلة المدوري، وقد أسهمت هذه القبائل في فتوحات مصر وبلاد الشام والعراق، وكان لها دور بارز في فتح المغرب العربي والأندلس.

ونظراً لإسهامات قبيلة المدور في الأندلس، فقد كان لها إِمارة في المقاطعات الأندلسية قبل زوال الحكم العربي في الأندلس (عام 1492م)، ومنذ ذلك الحين نال أفراد آل المدور وحتى نهاية العهد العثماني لقب «الأمير» على غرار سواهم من العائلات البيروتية العريقة.

ومما يلاحظ بأن المصادر العربية القديمة والموسوعات الإسبانية والأوروبية تشير كثيراً إلى اسم «المدور» في أسبانيا، فهو ما يزال اسماً للكثير من المدن الإسبانية والبرتغالية، كما أن المدور (Almdowar) نهر في أسبانيا يمر في إقليم «آش».. ويوجد «باب المدور» وهو أحد أبواب سور مدينة قرطبة الإسلامية، وهذا الباب يعتبر من معالم قرطبة الحضارية حتى اليوم. ومن الملاحظ أيضاً بأن «مقاطعة المدور» (Almodowar) ما تزال قائمة حتى اليوم في أسبانيا.

ونظراً لسقوط الأندلس عام 1492م، فقد توزع أمراء آل المدور في مناطق عربية عديدة منها بلاد المغرب العربي ومصر وبلاد الشام بما فيها بيروت المحروسة والعراق وفلسطين، كما أن بعض أفراد من الأسرة اضطروا للبقاء في أسبانيا «فتأسبنوا» وباتوا أسباناً. وتشير مصادر الأسرة بأن أجدادها توطنوا في بيروت منذ عام 1550م، في حين أن بعض فروعهم توطن في قرية في فلسطين عرفت باسم قرية المدور قرب قلقيلية، ومنهم من توطن في حمص.

برز من أسرة المدور خلال الحقب التاريخية المختلفة المحدث ابن أبي المدور، وهو جد أبي القاسم عبيد الله بن محمد بن سليمان بن إبراهيم بن يزيد بن أبي المدور الأزْدي المدوري المتوفى عام 273هـ (ابن الأثير: الُلباب في تهذيب الأنساب، جـ3، ص 183).

الطبيب الأندلسي ابن المدوّر

برز من أسرة المدور أيضاً الطبيب الأندلسي الشهير «ابن المدور» وهو من أهم الأطباء الأندلسيين الذين أثروا العلوم الطبية في الأندلس وفي أوروبة. ومما يلاحظ أنه بعد سقوط الأندلس عام 1492م، وهجرة المسلمين منها وصل فرع من آل المدور إلى باطن بيروت المحروسة لا سيما في عام 1550م، واستمرت الأسرة مع أملاكها وعقاراتها في باطن بيروت حتى أواخر القرن العشرين الميلادي، وقد أشارت سجلات المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة لا سيما السجل 1259هـ إلى أملاك لآل المدور في منطقة القنطاري ورأس بيروت وسواها. كما أشار السجل 1259هـ إلى العديد من آل المدور في مقدمتهم الشيخ حسن بن عرابي المدور، والشيخ حسن بن الحاج علي المدور والشيخ حسن المدور الحفيد والعديد من علماء وتجار ووجوه آل المدور.

الشيخ رمضان المدوّر

ومن علماء آل المدور البارزين الشيخ رمضان المدور، الذي تميز بالتقى والعلم، وله مآثر ومؤلفات عديدة منها على سبيل المثال:

1- البهجة السنية في الصلاة على خير البرية.

2- حزب التنزيه.

3- رسالة في أوصاف المهدي.

4- قصائد دينية.

وسواها من المؤلفات العلمية والفقهية.

وكان العلامة الشيخ رمضان المدور مأذوناً من الشيخ حسن الكيال الحلبي للطريقة الصوفية لكل من سيدي عبد القادر الجيلاني وسيدي أحمد الرفاعي.

العلّامة الشيخ حسن المدوّر (1862-1914)

وبرز من آل المدور نجله العلامة الشيخ حسن المدور (1862-1914) الذي تربى في بيئة علمية مع والده ومع علماء عصره، حيث عاصر العلماء: الشيخ عبد الله خالد، والشيخ عمر الأنسي، والشيخ عبد الرحمن الحوت، والشيخ يوسف علايا وسواهم. ثم تتلمذ الشيخ حسن المدور في دمشق على العلامة الدمشقي الشيخ بدر الدين الكزبري، وبعد أن عاد إلى بيروت توجه إلى الأزهر الشريف في مصر لمزيد من التفقه والعلم، فتتلمذ على الإمام الشيخ محمد عبده والإمام الشيخ جمال الدين الأفغاني.

ولما عاد العلّامة الشيخ حسن المدور إلى بيروت أنشأ «المدرسة العلمية» وبات مرجعية علمية وفقهية وتشريعية، خاصة وأنه اهتم بتأليف عدد من المصنفات العلمية والدينية، وفي علم التوحيد والفقه والمنطق والطبيعيات وسواها من مؤلفات بقيت لسنين عديدة مرجعاً لطلاب العلم بلغت ما يقارب (20) مؤلفاً مخطوطاً طبع منها ثلاثة مؤلفات فحسب. كما حرصت المعاهد والكليات والمدارس والمساجد على الاستفادة من علومه ودروسه، فبات معلّم الأجيال البيروتية حتى وفاته عام 1914. ومن أبرز تلامذته العلامة الشيخ مصطفى الغلاييني ومفتي الجمهورية الأسبق الشيخ محمد علايا والعديد من علماء بيروت المحروسة.

ونظراً لعلم الشيخ حسن المدور، فقد أصبح معتمداً من مفتي الإسلام في استانبول لحل المشكلات الشرعية، وللإفتاء في العديد من القضايا الدينية. وبما أنه كان مرجعاً لجميع مذاهب الشرع الإسلامي، فقد بات مرجعاً للولايات العربية والإسلامية على السواء. ونظراً لمكانته العلمية والأخلاقية فقد طرح اسمه عام 1909 ليتولى منصب مفتي بيروت، غير أنه بعد انتخاب الشيخ مصطفى نجا لهذا المنصب، قَبِل لأن يكون أمين الفتوى، فصدر فرمان سلطاني بإسناد أمانة الفتوى إليه. كما تعاطى الشأن العام فأصبح عام 1913 عضواً فاعلاً في جمعية بيروت للإصلاح (أنظر: د. حسان حلاق: مذكرات سليم علي سلام).

توفي العلّامة الشيخ حسن المدور قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، وقد شيعه عشرات الألوف من البيارتة واللبنانيين، وتعالت آذان المؤذنين من مساجد بيروت وطرابلس وصيدا ودمشق. كما أقيم له مأتم رسمي شارك فيه كبار الرسميين العثمانيين واللبنانيين بما فيه والي بيروت المحروسة ووفاء من بيروت لعلامتها الكبير، فقد أطلقت بلدية بيروت اسمه على أحد شوارع العاصمة.

وللمرحوم العلامة الشيخ حسن المدور نجلان هما: الصحافي الكبير والكاتب المعروف الأستاذ نور الدين المدور والأستاذ بدر الدين المدور أحد كبار الموظفين السابقين في وزارة المالية. كما أن حفيده الأستاذ حسن نور الدين المدور من كبار الموظفين السابقين في بلدية بيروت، ورئيس دائرة الصرفيات فيها.

السيد طه المدوّر

برز من الأسرة منذ العهد العثماني السيد طه المدور من مواليد بيروت المحروسة وتوفي في دمشق، ترشح لانتخابات مجلس المبعوثان عام 1914 في لائحة ضمت سامي الصلح وجان نقاش، وكان في الوقت نفسه عضواً في جمعية بيروت للإصلاح عام 1913.

1- عاش فترة في بيروت ثم انتقل إلى إستانبول ومنها إلى حلب ثم إلى دمشق.

2-  تلقى علومه الأولى في مسقط رأسه وفيها تخرج في المدرسة الإعدادية، وأكمل تحصيله الجامعي في جامعة إستانبول.

3- عمل في المجال الصحافي، فأصدر عام 1910م جريدة «الرأي العام» في بيروت ونتيجة لخلافاته مع الاستعمار الفرنسي بعد أفول الدولة العثمانية تعطلت جريدته عدة مرات مما اضطره لنقلها إلى حلب ودمشق سنة 1926م، واستمرت في الصدور أكثر من ثلاثة أعوام لتغلق على يد حكومة تاج الدين الحسني. ثم تفرغ للتأليف فوضع عدة كتب في التاريخ الإسلامي.

4- كانت له ميول وأنشطة سياسية، وكان مقربًا من العثمانيين ومناهضًا للفرنسيين مما عرضه للاعتقال.

5- شاعر مقل نشرت له قصيدة في جريدة «الأيام»، وقد أصدر أكثر من كتاب، مثل:

1- كتاب «البعث فجر ينبثق عن الأندلس في الشرق» - بيروت 1365هـ/1945م.

2- كتاب «الاشتراكية في الإسلام»، دمشق - مطبعة الاستقلال 1368هـ/1948م.

3- كتاب «المرأتان العربية والتركية».

4- «مجد الإسلام في القرون الأخيرة» (حول آخر الفتوحات الإسلامية في بلاد الأندلس والبلاد العثمانية، وسبب زوال المسلمين في كل منها).

اما من أشهر قصائده فهي بعنوان «نثر الريحان»، ويستهلها بـ:

أجعـلتـمُ مـن كل قــلب مــنزلاً فـي كل مـنعـرجٍ تـمـرُّ كتـائبُهْ
ونثرتـمُ الريحـان فـي بـاحــاتها فغـدًا تطـل على الشـآم مـواكبـه

ويصل بخاتمتها.

لازلـت للعـرب الأُبـاة دعــامةً

 كـيـما تُحقَّق للعـلـيـم مطـالـبه

 وقد توفي في دمشق حيث كان عمله الصحافي.

السيد منير المدوّر

برز في العهد العثماني السيد منير المدور لا سيما في أحداث بيروت المحروسة عامي 1913-1914، وكان موظفاً في الدولة العثمانية، ترقى إلى منصب كاتب الرسائل. وأصبح فيما بعد رئيس ديوان الرسائل في حلب.

تدرّج في سلك الوظيفة في العهدين العثماني وعهد الانتداب الفرنسي حتى وصل إلى منصب السكرتير الأول في ولاية حلب، واستمر في هذا المنصب في عهد الانتداب الفرنسي.. متزوج من بسيمة المدور بنت الحاج حسين المدور شقيقة الحاج رشيد وعبد المجيد وعمر وحليمة وفاطمة ويسر وثريا، وله كريمة واحدة هي السيدة فخرية.

ومن خلال إطلاعي على «رزنامة» ولاية بيروت (عام 1326هـ) المتضمنة أسماء أطباء بيروت وعناوين عياداتهم، فقد ورد اسم الطبيب الدكتور إبراهيم مدور الكائنة عيادته في منطقة الدحداح.

ومما يلاحظ، بأن آل المدور من الأسر البيروتية التي كانت ما تزال حتى أواخر القرن العشرين تملك محالاً تجارية في باطن بيروت، عرفت باسم «محلات مدور» لمالكها السيد فوزي المدور. وعرف من الأسرة نجله المهندس الدكتور محمد فوزي المدور المقيم في المملكة العربية السعودية. كما عرفت كريمته السيدة فاديا المدور عقيلة السيد محمد مبسوط، وهي فاعلة في جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني والأهلي في بيروت. كما عرف من الأسرة السيد إبراهيم كمال المدور وأولاده السادة: رجل الأعمال محمد، ورجل الأعمال عبد اللطيف، والسيد أنيس، والمرحوم الطبيب الدكتور سامي مدور. كما عرف من الأحفاد الطبيب الدكتور وليد عبد اللطيف مدور طبيب في الجامعة الأميركية في بيروت، وشقيقته الطبيبة الدكتورة هنا مدور.

كما برز من الأسرة المهندس عماد المدور رئيس جمعية آل المدور في بيروت، وهو عضو فاعل وناشط في مؤسسات المجتمع الأهلي والمدني، وفي اتحاد جمعيات العائلات البيروتية. وعرف أيضاً رجل الأعمال المهندس عماد المدور العضو في اتحاد جمعيات العائلات البيروتية.

ومن الملاحظ أن أسرة المدور الأندلسية البيروتية المسلمة المتوطنة منذ أكثر من خمسمائة عام في بيروت، قد توطن فرع منها منذ منتصف القرن التاسع عشر في دمشق وحمص، وهي من الأسر الكبرى في المدينتين المشار إليهما.

والجدير بالذكر أيضاً، بأنه تفرَّع من أسرة المدور المسلمة بعض الأسر المسيحية المارونية والكاثوليكية، كما أطلق على منطقة ساحلية بيروتية كبرى اسم «المدور» وهي قريبة من مرفأ بيروت. ومن أهم من برز من أسرة المدور المسيحية العالم بيتر مدور من مواليد البرازيل عام 1915، عاش في بريطانيا وحصل على جنسيتها، ونال عام 1960 جائزة نوبل في الطب. كما برز في العهد العثماني نقولا بك مدور، ومترجم القنصلية الفرنسية نخلة مدور.

ميخائيل بن يوسف المدوّر

برز من أسرة المدور المسيحية ميخائيل بن يوسف مدور (1822-    ) من مواليد بيروت المحروسة، وقد تلقى دراسته الأولى في مدرسة عينطورا، فدرس الفرنسية والإيطالية والعربية، قبل أن يصبح عضواً في الجمعية الآسيوية الفرنسية في باريس، وعضواً في الجمعية العلمية السورية في بيروت.

كان صديقاً للشيخ ناصيف اليازجي، وفي عام 1854 طبع على نفقته مقامات اليازجي المعروفة باسم «مجمع البحرين»، كما طبع «مقامات الحريري»، وأسهم في إصدار أوّل صحيفة عربية في بيروت وهي «حديقة الأخبار» عام 1858، وعيّن ترجماناً للقنصلية الفرنسية في بيروت لإجادته العربية والفرنسية والإيطالية.

جميل نخلة المدوّر (1862-1907)

وبرز من أسرة المدور المسيحية أيضاً جميل نخلة المدور وهو من مواليد بيروت المحروسة عام 1862، عرف منذ صغره بالنباهة والذكاء، وأتقن الفرنسية والعربية، ونالت مؤلفاته العربية قبولاً واستحساناً من جودت باشا وزير المعارف العثماني، وقد كافأه السلطان عبد الحميد الثاني بجائزة مالية.

له مؤلفات ومقالات في الصحافة العربية والفرنسية، ومن مؤلفاته: بلاد الأندلس وأهلها، حضارة الإسلام في دار الإسلام عن الدولة العباسية، التاريخ القديم، تاريخ بابل وأشور، أثالا، إضافة إلى عمله كمحرر لصحيفة «المؤيد» المصرية، وقد توفي عام 1907.

(أنظر: جميل نخلة المدور: حضارة الإسلام في دار الإسلام، ص 19-30).

كما برز من أسرة المدور المسيحية المربي والأديب الشاعر فريد الياس المدور (1898-1974). كما عرف من الأسرة المسيحية الياس بك المدور القائد الأسبق للدرك اللبناني.

ومن الملاحظ أن الأمير حيدر الشهابي في كتابه «الغُرر الحِسان» جـ3، ص 814 يشير في إطار تأريخه عن أحداث عام 1246هـ- 1830م إلى السيد نجم المدور من منطقة عبيه.

عرف من الأسرتين الإسلامية والمسيحية في التاريخ الحديث والمعاصر العديد من العلماء والأطباء ورجال الأعمال والأدباء منهم على سبيل المثال السادة: إبراهيم جورج، إبراهيم محمد، أحمد، ادغار، ادمون، ادوار، اسكندر، الياس، اميل، انطوان، ايلي، بدر الدين، بشاره، بطرس، بلال محمد، بيار، تامر، توفيق، جرجس، جهاد، جورج، جوزيف، جولي، حبيب، حسام، حسن نور الدين، حليم، خليل، داوود، ديب، روبير، رياض أنيس، سركيس، سعيد، سمير، سلامة، شارل، شاهين، شربل، شفيق، صلاح، طانيوس، عادل، عبد الله، عبدو، عصام، عماد، عمر، عيسى، فريد، فؤاد، فوزي، فيكتور، كمال محمد، مارون، محمد، موريس، ميشال، ميلاد، ناجي، نجيب، نعمه، نقولا، وفيق، يوسف مدور وسواهم.

برج المدوّر

الجدير بالذكر أن بيروت المحروسة عرفت الكثير من الأبراج المدنية والعسكرية، من بينها برج المدور ملك الحاج عرابي بن الحاج علي المدور، وموقعه في الجل المعروف بجل العمار الكائن في مزرعة القنطاري (منطقة القنطاري اليوم) المشتمل على أرض وأشجار توت وبري، وفواكه، وثلاث أقبية معقودة بالمؤن والأحجار (سجل المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة، 1259-1263، صحيفة 216).

والمدور لغة نسبة إلى قبيلة المدور العربية، ونسبة إلى مدينة وباب المدور في الأندلس، والمدور لغة تطلق على الرجل مدور الشكل أو مدور الوجه. كما تطلق على الرجل الذي يُدّور على شيء أضاعه على اعتبار أنه يدور شمالاً ويميناً وفي جميع الاتجاهات.

MMEDAWAR0

خضر المدوّر مع كريمتيه، وكان من وجهاء بيروت وصديقاً مقرّباً من الرئيس رياض الصلح