مسابح اللازورد - اللابيس لازوليه (Lapis - Lazoli)

دخل خام اللازورد في صناعة المسبحة منذ فترة قصيرة من الزمن إلا أن استعمالاته ومنذ أيام فجر الحضارات الأولى كانت شائعة في العقود والقلائد والأختام وغير ذلك . وتعني كلمة اللازورد في الفارسية هو اللون السماوي أو الأزرق . أما العرب فقد أطلقوا على هذا الخام الثمين لفظة (العوهق) نسبة إلى لون طائر أسود اللون لريشه بريق أزرق ، وفي فترة لاحقة غلبت كلمة اللازورد في الاستخدامات اللفظية الدالة على هذا الحجر . أما الإغريق فقد سموه باسم قيانوس (Kyanos) وهو اسم إغريقي لنفس الطير المذكور عند العرب . أما الأوربيون فقدسموه باسم لابيس لازوليه . وتكوينات هذا الحجر مؤلفة من خليط من السيلكات المركبة من اللازوليت مع عناصر أخرى مختلفة حيث أن معدل صلابة هذا الحجر هي بحدود (5,5) على مقياس موسى ويبلغ معدل وزنه النوعي ما بين (2,4) إلى (2,95) غم / سم مكعب . أما ألوان هذا الحجر فالغالب أن تتدرج ما بين الأزرق الغامق إلى الفاتح وقد يشوبها بعض الخضرة أحيانا لدخول عناصر أخرى في التكيب كما يحوي سطحه المصقول بشكل جيد على أشكال خطوط أو كواكب ذهبية اللون مع عروق ذهبية أو سوداء .

وكما أسلفنا فاستخدام هذا الحجر غائر في استخدامات الحضارات القديمة ولكل الأغراض التزيينية المختلفة ويمكن في الواقع مشاهدة نماذج عديدة في كل متاحف العالم لمصنوعات هذا الحجر القيم . بل لقد استخدم أيضا في صناعة الأواني لوجهاء القوم واستخدمت الأنواع الرديئة منه في تركيبات الفسيفساء كذلك استخرجت منه صبغة النيل الزرقاء لغرض تلوين الملابس أو لأغراض أخرى .

وهذا الحجر دهني الملمس ويتواجد في الصخور الكلسية في مواطن تعدينه القديمة في أفغانستان (منطقة ساري سنك) ومنه صدر في السابق إلى العراق ومصر وإيران والعالم الغربي وبقية الأصقاع . حاليا اكتشفت مصادر له في سيبيريا وتشيلي وبعض المناطق الأخرى .

وتكتنف عملية تصنيع الحجر مخاطر ومخاوف من الإنشطارات التي تقع لهذا الحجر عند التصنيع . وقد أخبرنا أحد أصحاب المصانع في تايوان أنه يتوجب الحذر عند تصنيع حبات المسبحة من حجر اللازورد ، فقد تتعرض هذه الحبات إلى التكسر إذا لم تُنتقى النوعيات من هذا الخام ذات الصلابة والنوعية الجيدة وغير الحاوية على الشوائب الكثيرة أو البلورية . كذلك فقد تتعرض حبات المسبحة نفسها للإنشطار والتثلم عند الاستخدام اليدوي أو عند الارتطام بتأثير نفس الأسباب السابقة . عموما وإذا ما استخدمت الأنواع الرديئة من هذا الخام فقد يؤدي ذلك أحيانا إلى صبغ اليدين باللون الأزرق أو فيما إذا أضيف اللون الأزرق إلى هذا الحجر طمعا في رفع درجة بهاء الحجر ورفع أسعار بيع مسابحه المنتجة . وبمقارنة قيم أسعار مسابح اللازورد مع قيم بعض أسعار المسابح الأخرى من العقيق مثلا فإننا نجد أنها تزيد عنها قيمة . كما لاحظنا أن معظم ما صنع من هذا الحجر شمل الخامات المتوسطة الجودة أو الرديئة فضلا عن قيام بعض مصنعي المسابح بتقليد وتزوير الحجر الأصيل وأنتجت مسابح مقلدة كثيرة لهذا الحجر . كما لوحظ أيضا أن الحبات من هذا الخام تكون كروية الشكل أو بيضوية كما يكون بالإمكان تصنيع المنارة والفاصلتين من نفس المادة الأصلية .

أما القياسات التي صنعت منها الحبات فهي معظمها من القياس الأول الذي أشرنا إليه في ما سبق (أي 33 حبة) .

إن أفضل ما يباع من هذه المسابح هو عند باعة الجواهر في دول الخليج العربي أو أوربا كما أن أفضل النوعيات المصنعة وردت من أوربا أو أمريكا الجنوبية يليها بعد ذلك كمعدل وسطي ما صنع في تايوان أو هونق كونق أما أقلها جودة فهو ما صنع في أفغانستان أو الهند .

عموما فإنه يستوجب تحذير مستخدمي هذه الأنواع في توقي الارتطام الشديد أو سقوط المسبحة على أرض قاسية وذلك لاحتمال تكسر الحبات أو تثلم بعض من أجزائها نظرا لانخفاض صلابة الحجر ودخول أنواع عديدة من الشوائب فيه .

إن جمال هذا الحجر سلب الألباب منذ القدم ، وخصوصا دخول ألوان براقة أو ذهبية على سطح الخام إذا ما صقل جيدا مما يوفر بهاء جمال خلاب . وعلى الرغم من أن هذا الحجر قد استخدم منذ أزمان سحيقة في مختلف الأغراض إلا أنه لم يردنا ما يفيد بتصنيع هذا الحجر لغرض التسبيح إلا في الآونة الأخيرة وقد لا تتجاوز العقدين من الزمن . كما لاحظنا أن مجموعة كبيرة من مقتني مسابح هذا الحجر يرغبون في إضافة المنارة والفاصلتين المصنعة من الذهب الخالص والمطعمة بالأحجار الكريمة الأخرى مثل الماس والزركون (الزركون (Zircon) هو المصطلح الإنجليزي من الكلمة العربية الزرقون وهو ما يدل على اللون القرمزي . ولحجر الزرقون ألوان عديدة من الأخضر والبني ويكون أحيانا شفافا يشبه أحجار الماس ويستخدم بكثرة في الحلي التزيينية على أساس أنها ماس حقيقي ويتواجد في تايلاند وكمبوديا وفيتنام . مركباته من سيلكات الزرقونيوم وهو رباعي النظام اتلبلوري وصلابته تتراوح ما بين 4,6 إلى 4,7 على مقياس موسى) .

كما تجدر الإشارة إلى أن حجم الطلب على هذه الأنواع لا يزال غير قوي بسبب عدم إلمام بعض الناس بأهمية استخدام هذا الحجر تأريخيا ، وبالإضافة إلى ذلك فإن بعض المصنعين في بعض الدول مثل تايوان وهونق كونق وغيرها قد قاموا بتقليد هذا الحجر بدقة فائقة وإلى حد الإذهال بحيث يصعب على غير الخبير في التمييز بين الحجر الأصلي والحجر المقلد أو المدلس ، بل أن بعضهم حسنوا من بهاء اللون الأصلي بإضافة ألوان رائقة أضافت إلى اللون الأصيل لمعانا انعكاسيا يفوق الوصف والتصور .