إن الاحتفالات بعيد الفطر السعيد وعيد الأضحى المبارك، في بيروت، والبلدان الشامية والإسلامية الأخرى، فيها الكثير من العادات والتقاليد المشتركة، غير أن فيها بعض السمات المميّزة أيضاً، وعلى سبيل المثال ففي عيد الفطر السعيد، يؤدي المسلمون زكاة فطرهم وزكاة أموالهم، ويبتهجون بفطرهم السعيد بعد قضاء الصوم في رمضان المبارك  والقيام بلياليه ولا سيما ليلة القدر، التي هي خيرٌ من ألف شهر ، في حين أن الاستعداد لعيد الأضحى المبارك، تسبقه مشاركة أهل بيروت، في قافلة الحج الشاميّة، والمشاركة في تأدية مناسك الحج كما يحرص بعض المسلمين على ذبح الخراف تضحية لله تعالى، وإقتداء بسيدنا إبراهيم عليه السلام الذي أرسل الله سبحانه وتعالى له كبشاً افتداء وتضحية عن إبنه سيدنا إسماعيل عليه السلام، وتوزع هذه الأضاحي على الفقراء والمعوزين كما جرت العادة، ويُعتبر الوقوف في عرفة، يوم التاسع من شهر ذي الحجة  حدثاً هاماً ليس للحجاج المسلمين البيارتة فحسب، إنما لذويهم وأقاربهم، ولجميع المسلمين، الذين يتوجهون بالدعاء لله تعالى بالعفو والعافية والمغفرة، أما العاشر من ذي الحجة فهو عيد المقيمين، وعيد الحجاج في آن معاً، وتكون أيام العيد وما بعدها فترة استعداد لاستقبال الحجاج القادمين من الأراضي الشريفة المقدّسة، حيث تنصب لهم الزينات والأقواس واليافطات التي تحمل في العادة عبارة(أهلاً وسهلاً بحجاج بيت الله الحرام حج مبرور وسعي مشكور)، ويستقبلون استقبالا حاراً وسط الأهازيج والأناشيد وضرب الطبول والمزاهر والصنوج من قبل الطرق الصوفيّة، ومن ثم يبدأ الحجاج باستقبال المهنئين من الأقارب والجيران، وسط تبادل الهدايا بما فيها التمور والحراير والقماش ومياه زمزم، والسبحات والمصاحف الشريفة.

والعيد بصفة عامة، سواء عيد الفطر السعيد أو عيد الأضحى المبارك هو عيد الأطفال والأولاد الذين يلبسون أجمل الألبسة الجديدة، وبعد أن يجمعوا (عيدياتهم) من الأب والأم والجد والجدة والأعمام والعمات والأخوال والخالات يتوجهون ليعيّدوا على طريقتهم وأسلوبهم مع رفاقهم وأصحابهم ، ففي العهد العُثماني عرفت بيروت مناطق تجمع كثيرة للأطفال والأولاد في الأحياء والأزقة، غير أن أهم مناطق تجمّع البيارتة في بيروت العُثمانيّة، كانت تتمثل في ساحة السور وحرج بيروت، والساحة الحميديّة والساحة المجيديّة والبرج (ساحة البرج)، ففي ساحة السور كانت تُنصب المراجيح والقلاّبات، وما يُعرف باسم (الجنزوقة) مع مختلف أنواع الألعاب والأطعمة المحببة للأولاد، وكانت ساحة السور من أهم الساحات العُثمانيّة في بيروت، حيث كانت تقام فيها الاحتفالات المختلفة والمهرجانات وقد أقيم فيها عام 1900م السبيل الحميدي، بمناسبة مرور خمسة وعشرين سنة على تولي السلطان عبد الحميد الثاني العرش، وقد إستمر هذا السبيل ، وهو آية في فن العمارة، إلى العام 1956م حيث نقلته بلدية بيروت إلى حديقة الصنائع، وما يزال إلى اليوم، وقد أقامت مكانه في ذلك العام تمثالاً لرئيس وزراء لبنان في عهد الاستقلال رياض الصلح الذي إغتيل في العاصمة الأردنية. 

 أما الاحتفالات العامة بمناسبة عيد الفطر السعيد وعيد الأضحى المبارك، والتي كانت تستقطب أبناء بيروت وأبناء المناطق الإسلامية الأخرى، فقد كانت تقام في حرج بيروت حيث تنصب المراجيح متعددة الأنواع، وتنتشر الألعاب، وتقام المسارح التي تولى عدد منها بعض الممثلين المصريين واللبنانيين، كما يقوم الساحر بدور بارز في الحرج حيث يتجمهر الناس حوله، يتفرجون على ألعابه المسماة بالسيما، ويضع بين يديه الكثير من الأجهزة والأدوات السحرية مثل إيحائه للناس أنه يأكل شفرات الحلاقة، أو أنه يبلع شجرة، بالإضافة إلى ألعاب عديدة، كما يقوم (السعدنجي) أو (القرداتي) بدور هام في حرج بيروت، حيث يصطحب (السعدان) ويقوم بألعاب بهلوانية، فيتجمهر الناس حوله فيرمون إليه الموز والترمس وفستق العبيد وسوى ذلك، فيقوم بتقشيرها وأكلها، وكانت حركاته تثير الضحك والسعادة والفرح في نفوس الأطفال.

ويتنقل الأهل مع أولادهم وأطفالهم من مكان إلى آخر في طول حرج بيروت وعرضه، يتفرجون على التمثيليات المسلية التي تقام على مسارح خشبية متواضعة، كما يتحلق آخرون حول رجل الأفاعي التي يضعها على رقبته ويلعب بها دون خوف أو فزع.