سوق الدلآلين 

 

كان سوق الدلآلين القديم قرب زاوية القصّار ثم إنتقل فعليًّا بعد توسيع سوق الفشخة إلى ساحة السراي شرقي جامع الأمير عسّاف، التي كانت تزدحم بالباعة والمشترين والدلآلين فترتفع الأصوات من كل حدب وصوب.

وكان الدلال يطوف في الأسواق لإبلاغ الناس تدابير السلطة أو يعلمهم بوصول بضاعة جديدة مبيناً أوصافها وميزاتها وأمكنة بيعها، ويمهد لذلك بمقدمة تدل على مصدر السلعة، فيقول عن البغداديّة مثلاً:

دار المكارم والوفا بغداد يا دار الصفــا
والبازِ عبد القـادر تضوي بنور المصطفى

                                     ِ

ويُسمى سوق الدلآلين سوق الحراج وهو تحريف (الحرج) أي الإثم ـ مدوا المقطع الأخير ليسمع ـ ويردون بالإثم أن من زاد ثم نكل يأثم شرعاً. يفتح الدلال المزاد بحضور شيخ الدلآلين بقوله: يا فتّاح، يا رزّاق، يا رب. وينهي البيع بالكلمات الإيطاليّة على أونا على دوي على تري.

يقول المثل الشعبي: (اللي ما بيشتري يتفرج) وأصله من حضّ الدلال على السعي بعمله فيقال له:(دلل يا دلال وحرج، واللي ما بيشتري يتفرج). نظراً لما في النظر من بعث للرغبة المباشرة على الشراء. وكان عمر الداعوق يستعمل المثل القائل (روح متفرج وإرجع شاري) عندما كان يريد إقناع صديق له بشراء قطعة أرض. وكان رسم الدلالة يلزم بمبلغ مقطوع سنوياً ويقوم من إلتزامه بتحصيله بوسائل خاصة.

زال هذا السوق الذي كان عبارة عن ممر ضيّق، على أنه بقي زمناً وحتى إندلاع الحرب اللبنانيّة مركز تجمع الباعة الذين يتعاطون بيع الثياب العتيقة (البالة) وكان أحد فروع سوق سرسق حيث كانت تباع الأقمشة والثياب الجاهزة، وكانت المنطقة التي يقع فيها هذا السوق في الأصل تُعرف بإسم المصلّى حيث كان المسلمون يؤدون فيها الصلاة الجامعة في العيدين الفطر والأضحى، وكذلك صلاة الاستسقاء التي يتوسل بها الناس نزول المطر عند إنحباسه مدة طويلة.