سوق أيّاس 

 

تقول وثائق المحكمة الشرعيّة في بيروت أن سعد أفندي حمادة وإخوانه أنشأوا سنة 1864م في جوار أملاكهم المعروفة بجانب الطويلة (أي الطريق الطويلة) سوقاً جميلاً سموه (السيّد) نسبوه لوالدهم السيّد عبد الفتّاح آغا حمادة الذي كان معروفاً باسم فتيحة.

وُصف سوق السيّد في حينه بأنه (سوق عظيم مستطيل، ينفذ على أربع جهات، ويحتوي مخازن ودكاكين على الجانبين، وجميعها متقنة الدهان والترتيب، وقد تبلطت أرجاؤه وأقيمت في وسطه بين أقسامه الأربعة قبَّة إرتفعت فوق أربعة دكاكين مقابلة لبعضها، ووضع في وسطها بركة ماء بنافورة جُعلت سبيلاً، وكتب في أعلى القبّة بجوانبها الأربعة التاريخ الآتي من نظم حسين بيهم:

لله قبَّة سوق شاد رونقــــه بنو حمادة آل الجـــاه والنسُكِ
تُنسيك من جِلَّق باب البريد كما بالسعد أرخت تزري قبــَّة الفَلَكِ

        

وبلغ عدد الدكاكين والمخازن في جوانب السوق تسعين، وأقيمت في ظهره ثلاث دواير للسكن أو للمكاتب التجاريّة، وكان من المقرر أن تنشأ في سطحه أيضاً إحدى عشرة دايرة.

وفي صيف سنة 1877م إشتراه السادة أياس إخوان وقاموا بتحسينه، فجمعوا فيه باعة الأقمشة من الشيت والخام، وسقفوه بجمله ليقي الناس من حرّ الصيف وأمطار الشتاء، وبيضوا جدرانه وحسنوا البركة التي في وسطه وزخرفوا ما فوقها، فكان من الأسواق المنتظمة. وقد زار مدحت باشا سنة 1879م سوق أياس وسرَّ من حسن البناء والطريق ورصفها بالبلاط الذي لم يكن له وجود في غيرها من طرقات بيروت.

وقد أصبح سوق أياس مركزاً لباعة الألبسة والنوفوتيه، وكان أهم محلاته مخزن (البون مارشيه الصغير) قرب البركة لصاحبيه جرجر كركر وجبران قندلفت وبيع ألبسة ومشدات للشوارب والشاي المسكوبي وعويسيات ومزيكات ومراوح وقبات وهلم جرا... ومعاملة الشاطر والغشيم عنده واحدة. ولجأ جرجي كركر إلى المثل القائل (النار فاكهة الشتاء) فوضع الفرو بد النار، كما لجأ إلى الشعر في الدعوة إلى زيارة محله فقال:

أنا كركر وبضائعي مشهورة

أخذت عقول جميع من زارونا

فتفضلوا بزيارتي إذ أننــي

قررت أني لا أعيف زبونــا

     

كان هذا السوق يحمل الرقم 84 – منطقة 12- المجيديّة، وكان يصل بين ساحة مطعم العجمي الشهير عند شارع طرابلس وبين شارع ويغان عند باب إدريس، وفي وسطه بركة لطيفة لبيع المرطبات والحلويات العربيّة البيروتيّة تحمل إسم بركة العنتبلي .

ً