أوقاف المسلمين في بيروت خلال العهد العثماني

الفصل السادس 

 

يمكن هنا في هذا الجزء عن أوقاف المسلمين أن نقدم شرحاً لغايات ومرامي بعض الأوقاف للاستدلال على أهميتها في الحياة الإجتماعيّة في بيروت :

وقفة قفة الخبز :

وهو وقف خيري أقيم لغرض اجتماعي إنساني، وكان موقعه في باطن بيروت، وله دكان خاص توضع فيه قفة مليئة بالخبز في كل يوم جمعة، حيث يقصدها المعوزون والفقراء والمساكين القاطنون في بيروت من مختلف الطوائف، فيوزع متولي قفة الخبز عليهم، فيأخذ كل منهم حاجته وينصرف دون سؤال أو إذلال، وقد كان لهذه القفة أوقاف عديدة وبعض العقارات والمخازن التي يعود ريعها ووارداتها لوجود قفة الخبز.

وقف الإبريق :

ويُعرف أيضاً باسم وقف الفاخورة أو الكاسورة، وهو وقف خيري، غايته الضمان الاجتماعي، وكان لهذا الوقف دكان خاص لتوزيع الأباريق والأواني الفخاريّة، وموقعه في باطن بيروت، وكانت مهمة القيّم على الوقف إعطاء الصبي والفتاة والفقير والغلام وعاءً فخارياً سليماً مقابل الوعاء الذي إنكسر معه أثناء قيامه بعمله، والحكمة من ذلك أن الصبي إذا أرسله معلمه لملء الإبريق ماء من السبيل، ولسبب من الأسباب كسر الإبريق فبدلاً من تعرض الصبي للضرب والتوبيخ والإهانة أو الطرد من العمل، فان بإمكان هذا الصبي أخذ الإبريق المكسور إلى متولي وقف الإبريق (الكاسورة)، والحصول على إبريق جديد، وهذا النوع، من الضمانة الإجتماعيّة للأحداث، علماً أن جميع السبل في بيروت، كانت أباريقها الموضوعة أمامها ليشرب منها المارة، إنما كانت من أباريق وقف الإبريق.

وقف سكة حديد الحجاز:

كانت أملاك وعقارات هذا الوقف تقع في ساحة البرج في بيروت، وهو أكبر عقار منفرد في الساحة وكان الهدف من إيجاد هذا الوقف العقاري تأمين أموال سنوية للإنفاق على سكة حديد الحجاز الممتدة من دمشق إلى المدينة المنورة، وتسهيلاً للحجاج في طريقهم للحج إلى بيت الله الحرام، وهذه السكة هي التي كان قد خربها لورنس العرب خلال الحرب العالمية الأولى 1614م-1918م.

 

وهناك أمثلة لا حصر لها من أنواع الأوقاف الإسلاميّة في بيروت، والتي كانت تشكّل الضمانات الإجتماعيّة الحقيقيّة للمجتمع الإسلامي في بيروت، بل وللمجتمع العثماني في مختلف الولايات الإسلاميّة.