أوقاف المسلمين في بيروت خلال العهد العثماني 

الفصل التاسع

أوقاف محمد اللبان الداعوق في مزرعة رأس بيروت

أوقفها على نفسها وعلى زوجته وإبن أخيه وأولاده من بعده

وفي حال إنقراضهم توقف على (قفة الجبز) الموقوفة على فقراء مدينة بيروت

في 29 رمضان 1259هـ أيلول 1843م

سبب تحرير هذه الرقيم هو أنه بمجلس الشريعة الشريفة المطّهرة، الغرا الزهرا، بمدينة بيروت المحروسة، أجلسه الله تعالى لدى متولية الحاكم الشرعي الواضع أسمه بخطه مع ختمة اعلاه، لطف بنا وبه سيده ومولاه:

حضر الرجل الكامل المدعو بالسيّد محمد إبن المرحوم محمد اللبان الداعوق، وهو بحال يعتبر شرعاً في صحة عقل وسلامة بدن ووقف وحبس وخلّد وأبد وسرمد، وتصدق، بما هو له وفي يده وجار في ملكة وتحت حوزه ومطلق تصرفه، النافذ الشرعي إلى حين صدوره ومنتقل إليه بطريق الشراء الشرعي، جميع العودة المعروفة به والمشهورة قبله، بعودة ديبو الكاينة بمزرعة رأس بيروت، الملاصقة لبرج الحمرا المشتملة: على أرض وغراس أشجار توت وبري وفواكه، وعمار برج يحتوي على ثلاث بيوت، مسقوفات بالجسور والأخشاب ومطبخ، ويعلوهن عليتان وإيوان ومصيف يعلو المطبخ، ويصعد إليهن بسلم حجر من المراح.

يحدّ العودة المحررة قبلة ملك خطار تلحوق، وشرقاً طريق خاص، وشمالاً طريق سالك، وغرباً بملك ورثة المرحوم الحاج يحيى شهاب وتمامه ملك محمد إبن علي الشخيبي، تتمة الحدود وقفاً صحيحاً شرعياً وصدقة مخلّدة مرعية مؤبّدة سرمديّة كلما مر عليها زمان أكدها، وكلما أتى عليها اوان خلدها. وأبدها، فهي محرّمة بحرمات الله تعالى المعظّمة الأكيدة، مدفوع عنها بقدرته الشديدة محفوظة بحفظ الله تعالى من التغيير والإبدال، ومن التعطيل والنقض والإبطال، لا يُباع أصل ذلك ولا شيء منه ولا يُرهن كذلك ولا يُوهب ولا شيء منه، ولا يناقل به ولا ينتقل إلى ملك أحد من الناس أجمعين ولا يبدّل ولا يغيّر ولا يجوز لأحد مؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أنه إلى ربه تعالى راجع، الإِحادة عن هذا الوقف ولا عن شروطه الآتي تفصيلها، على الوجه الذي سيذكر شاء المؤمن المذكور ضوعفا له الأجور.

وقفه هذا جميعه على نفسه مدة حياته أبداً ما عاش ومدة ما بقي، ثم من بعده فعلى زوجته المرأة الكاملة المدعوة طاهرة بنت المرحوم الشيخ محمد الصيداني، مدة حياتها، أبداً ما عاشت ومدة ما بقيت، ما عدا البيت المسقف بالأخشاب الذي هو سفلي العلية الصغيرة، إحدى الثلاث بيوت يفتح بابه لجهة الشرق مع مجاله وطريقه من العودة المحررة فانه جعله وقفاً صحيحاً شرعياً على إبن أخيه السيّد علي إبن المرحوم السيّد حسن اللبان، أبداً ما عاش ومدة ما بقي ثم من بعده فعلى أولاده وأولاد أولاده ذكوراً وإناثاً، على الشرط والترتيب الذي سيذكر ثم من بعد زوجته طاهرة، فعلى عبد الله عتيقة أبداً ما عاش، ومدة حياته. ثم من بعده فعلى أولاده وأولاد أولاد أولاده وأنسالهم وأعقابهم ذكوراً وإناثاً، أبداً ما داموا ومدة ما عاشوا ودايماً ما تناسلوا، طبقة بعد طبقة، وبطناً بعد بطن، ونسلاً بعد نسل.

يشترك في ذلك أي في إستحقاق ريع هذا الوقف وغلته الإثنان منهم فمن فوقهما وينفرد به الواحد منهم، أن لم يكن معه غيره من الموقوف عليهم من أهل درجته وطبقته في إستحقاقه، ذلك على إن من مات منهم أو من أولادهم أو من أولاد أولادهم وأنسالهم أو أعقابهم قبل إستحقاقه لشيء من ريع هذا الوقف وغلته، وترك ولداً أو ولد ولد أو ولد ولد ولد ونسلاً أو عقباً، عاد نصيبه في ذلك إلى ولده أو ولد ولده أو ولد ولد ولده أو نسله، وأستحق ما كان يستحقه ذلك الميت في ذلك لو كان حياً وقاتم مقامه في إستحقاقه.

ذلك يشترك في نصيبه من ذلك الأثنان فمن فوقهما ممن ذكر، وينفرد الواحد منهم أو من أولادهم أو من أولاد أولادهم أو من أولاد أولاد أولادهم أو من أنسلهم أو من أعقابهم، ولم يترك ولداً ولا ولد ولد ولا ولد ولد ولداً ولا نسلاً ولا عقباً، عاد نصيبه إلى من يكون من أهل درجته وذوي طبقته من أهل الوقف، يقدم في ذلك الأقرب فالأقرب إلى المتوفي.

فإذا أنقرضوا والعياذ بالله ذرية كل من إبن أخيه ومن عقيقه وأبادهم الموت عن آخرهم، يعود ذلك وقفاً صحيحاً شرعياً، وحبساً مخلداً مرعياً على قفة الخبز، الموقوفة على الفقراء والمساكين بمدين بيروت. يجري ذلك كما ذكر أبد الأبدين ودهر الداهرين حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين. وقد شرط الواقف في وقف هذا شروطاَ:

*أحدهما أن يبدأ أولاً من ريعه وغلته بعمارته وترميمه بما يكون به بقاء عنيد.

* وثانيها أن يكون التولية والنظر له على وقفه هذا مدة حياته، ثم من بعده لزوجته طاهرة الموقوفة عليها. ثم من بعدها لإبن أخيه السيّد علي ولعقيقه الموقوف عليهما، ثم للأرشد فالأرشد من أولادهما.

* ثالثها أن لا يؤجر من متغلب ولا من ذي شوكة.

 

وقد أشرك الواقف المذكور معه في النظر على وقفه هذا السيّد مصطفى إبن المرحوم السيّد أحمد سعاده، وشاركه معه في النظر المشاركة الشرعية، إلى أن يتمّ أمر تسجيل هذا الوقف المرقوم، من الحكم الشرعي بصحته ولزومه، وسلمه هذا الوقف وخلي بينه وبينه التخلية الشرعيّة. ثم بعد ذلك أدعى الواقف السيّد محمد المذكور على الشريك في النظر على الوقف المسطر معه السيّد مصطفى سعاده المرقوم قايلاً في تقريره دعواه عليه أن الوقف المذكور غير صحيح لأنه يتضمن الوقف على النفس، ويريد الرجوع عنه، وعودة إلى ملكه متمسكاً بقول الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان عليه الرحمة والرضوان، بعدم لزوم الوقف وبصحة الرجوع عنه، وطلب تسليم الموقوف منه متمسكاً شريكه المدعى عليه بقول الإمام أبي يُوسُف يعقوب القاضي بصحة الوقف المزبور، وأن تضمن الوقف على النفس وهو المفتي به.

فنظر في ذلك الحاكم الشرعي نظراً سديداً شرعياً فرأى في جانب الشريك رجحاناً قوياً فاستخار الله تعالى كثيراً، وأتخذه هادياً ونصيراً، وحكم بصحة الوقف. متمسكاً بقول الإمام إبن الحسين رحمه الله تعالى بصحة الوقف المحرر،وأن تضمن الوقف على النفس وبلزومه وعدم نقضه وإبطاله، وعدم صحة الرجوع عنه. ومنع المدعي الواقف المذكور من دعواه الرجوع بالوقف المحرر حكماً ومنعاً شرعيين مستوفيين شرايطهما الشرعيّة، أوقعهما في وجه المدعي المذكور إيقاعاً مرعياً وجاهاً وشفاهاً بمخاطبة شرعيّة، وجاهاً وشفاهاً غب أعتبار ما وجب إعتباره شرعاً وسلم شريك الواقف للمدعي المذكور، الموقوف تسلم مثله شرعاً. وهو تسلمه منه التسليم الشرعي تحريراً في التاسع والعشرين خلت من شهر رمضان المبارك الذي هو من شهور سنة 1259 تسع وخمسين ومايتين وألف.

 

شهود الحال

عمدة العلماء الكرام العلامة الفاضل محمد أفندي حلواني زاده المفتي بمدينة بيروت حالاً فخر الفضلاء

السيّد عبد الله خالد

أحمد بن عبد الرحمن الصيداني

السيّد سعد الدين إبن عبد الرزاق مشقية

السيّد سعد الدين إبن السيّد يحيى شهاب

فخر الفضلاء السيّد محمد الحوت

السيّد أحمد ناصر زنتوت

السيّد عبد الله سعاده

الحاج حسن لإبن السيّد محمد علوان

السيّد أحمد إبن عبد الله فخري

ولده السيّد محمد فخري

السيد صالح قرنفل

كاتبه ـ السيّد مصطفى قرنفل