غزوة البيزنطيين إلى بيروت

في عهد هشام بن عبد الملك (105-125 هـ) قام البيزنطيون بغزوة بحرية إلى بيروت فهاجموا مينائها واستولوا على سفينة لجماعة من تجّار مرسيّة، وتقدّموا بسُفُنهم حتى قاربوا باب الميناء، فوقف أهل الميناء وهم يُمسكون بأيديهم خوفاً ورهبة، حتى خرج إليهم أمير البحر (الأسود بن بلال – ويقال: - إبن هلال- المحاربي) فصاح بهم وركب قوارب صغيرة وأجهد نفسه في طلب البيزنطيّين حتى لحِق بسُفُنهم وأوقع بمقاتليها واستنفذ المركب والتجّار.

وتدل هذه الحادثة على أمرين مهمَّيْن :

أحدهما: أنّ ثغر بيروت أظهر في هذه الفترة قابليّة لاستقبال السفن والقبض على الخطوط التجارية الطويلة، فعندما كان الأسطول البيزنطي يغير على بيروت كانت ترسو في مينائها سفن من مرسيّة بالأندلس.

ثانيهما: عدم وجود قطع بحرية كبيرة في ميناء بيروت أثناء الغارة البيزنطيّون، مما جعل أمير البحر يخرج في قوارب صغيرة لمطاردة البيزنطيّين.

ويبقى سؤالٌ هنا نطرحه: هل كان (الأسود بن بلال) أميراً على البحر في بيروت، لأنه خرج منها لقتال البيزنطيّين ؟ أم كان أميراً للبحر في غير بيروت ؟.

هذا ما لا توضّحه الرواية. ولكنّنا نعرف أنّ هشام بن عبد الملك أنشأ دار صناعة السفن في ثغر صور ، وولّى الأسود إمارة البحر، فيُحْتمل أن الأسود جاء من صور إلى بيروت لمساعدة أهلها ضدّ البيزنطيّين، كما فعل عبد الرحمن الكلبي حين خرج من بيروت إلى طرابلس، كما مرّ.