آل شاتيلا

من آل البيت الشريف.. وإسهامات نضالية

واجتماعية وخيرية وسياسية في بيروت المحروسة

شاتيلا من الأسر الإسلامية والمسيحية البيروتية واللبنانية والعربية، وقد انتشرت الأسرة عبر العصور في الأندلس وبعض الدول الغربية مثل فرنسا، والمغرب العربي، ومصر وبلاد الشام لاسيما سوريا ولبنان وفلسطين، غير أن شهرتها الواسعة اكتسبتها في بيروت المحروسة منذ العهد العثماني، غير أن أفراداً من الأسرة توطنوا في جنوب لبنان وكسروان وراشيا، كما شهدت مدينة دمشق ومدينة حماه الكثير من أسرة شاتيلا الإسلامية والمسيحية. وتشير بعض مصادر الأسرة، إلى أن جذور الأسرة عربية إسلامية، تعود بنسبها إلى الرسول محمد(عليه الصلاة والسلام) عن طريق سيدنا الحسين (عليه السلام). (أنظر نشرة آل شاتيلا، العدد الثاني، تموز 2009).

والحقيقة، فإن أسرة شاتيلا منذ توطنها في بيروت المحروسة في العهد العثماني أسهمت إسهاماً بارزاً في الدفاع عن الثغور البيروتية والشامية، فأقام أفرادها الأوائل الكثير من الأبراج العسكرية والمدنية للدفاع عن المدينة، وقد سميت هذه الأبراج باسم الأسرة. من بين هذه الأبراج على سبيل المثال لا الحصر(1):

1- برج شاتيلا في رأس بيروت.

2- برج شاتيلا في ساقية الجنزير (تنين الرمل).

3- برج شاتيلا في الحمراء.

كما أقيمت بعض المساجد في بيروت باسم العائلة: منها «مسجد شاتيلا» في منطقة الحمراء.

هذا، وقد شهدت بيروت المحروسة العديد من آل شاتيلا، وأشارت وثائق سجلات المحكمة الشرعية في العهد العثماني إلى السيد محمد شاتيلا، وإلى السيد يحيى شاتيلا وبستان الحاج يحيى شاتيلا (2). كما أوردت الوثائق ذاتها اسم السيد علي بن السيد مصطفى شاتيلا شاهد حال في دعوى الوكيل مصطفى عبد القادر القباني (3). كما أشار السجل 1289هـ، إلى الحاج مصطفى أمين الحاج يحيى شاتيلا (4).

وأشار السجل 1315هـ، إلى جانب رتبتلو (صاحب الرتبة) غبريل أفندي ابن نعمة الله بن حنا شاتيلا مطران طائفة الروم الأرثوذكس في بيروت ولبنان، وهو الدمشقي العثماني المتولي على أوقاف فقراء طائفة الروم الأرثوذكس بموجب حجة شرعية. وقد اشترى من مال الوقف قطعة أرض في محلة الرميلة خارج بيروت المحروسة بثمن قدره أربعة آلاف قرش صاغ ميري من الخوري نقولا بن عبود بن عبد الله الجمال البيروتي العثماني. كما اشترى المطران شاتيلا من أسرة الدباس البيروتية العثمانية غرفة ومتخت في محلة الحمام الصغير داخل سور بيروت. وكان المطران شاتيلا فوض بهذين الشرائين الشماس أرسانيوس بن جرجس بن حنا الحداد اللبناني العثماني(5)، كما برز في العهد العثماني المطران الشهير غفرائيل شاتيلا(6). وله شارع مهم باسمه في منطقة الأشرفية.

وفي الوقت الذي برز فيه مطارنة ووجهاء وعلماء من آل شاتيلا من الطائفة المسيحية، برز من الأسرة الإسلامية ومنذ العهد العثماني الكثير من الوجهاء والباشوات (الباشاوات) والعلماء من آل شاتيلا، يأتي في مقدمتهم الوجيه سعد الدين باشا شاتيلا (1891-    ) الذي نال رتبة الباشوية منذ العهد العثماني نظراً لعثمانيته وجهوده السياسية والعسكرية والاجتماعية ودعمه للمسلمين وللدولة العثمانية في بلاد البوسنة والهرسك. كما استمر بارزاً في عهدي الانتداب الفرنسي والاستقلالي، وهو من بين قلائل ممن أسهموا في بناء ثانوية البر والإحسان في منطقة الطريق الجديدة (ثانوية جميل رواس الرسمية للبنين اليوم) وقد تبرع آنذاك ببناء سبع غرف على نفقته الخاصة، وافتتحت الثانوية بحضور ورعاية مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد توفيق خالد عام 1949، كما أسهم سعد الدين باشا شاتيلا ببناء العديد من المساجد والمؤسسات الاجتماعية والرعائية والإنسانية في بيروت المحروسة. كما تبرعت زوجته السيدة وسيلة صفصوف ومعها أمين صفصوف وحسن عيتور بأرض مسجد المكاوي، في حين أنشئ المسجد على نفقة المرحوم حسين مكاوي. لهذا فقد أطلقت بلدية بيروت اسم سعد الدين شاتيلا على شارع مهم في بيروت، كما سميت منطقة بأكملها باسم منطقة شاتيلا، ومستديرة شاتيلا على أول طريق المطار حيث كانت دارته، كما أطلق على مخيم فلسطيني اسم «مخيم شاتيلا» نظراً لإقامته على أراضٍ كانت ملكاً له. كما ارتبط اسم سعد الدين باشا شاتيلا بالحركات الإسلامية السياسية في لبنان ومصر، لاسيما علاقته المميزة مع جماعة الإخوان المسلمين منذ عهد الملك فاروق الأول ملك مصر الذي خلع عن العرش في 23 تموز عام 1952. وكان قد أسس في بيروت وترأس «جمعية الشبان المسلمين». وكان في الجمعية فوج باسم «فوج سعد الدن باشا شاتيلا» كما كان رئيساً لجمعية آل شاتيلا في ثلاثينات القرن العشرين. كما كانت لسعد الدين باشا شاتيلا علاقات قوية بمختلف السياسيين العرب واللبنانيين وفي مقدمتهم مصطفى النحاس باشا رئيس وزراء مصر، ورياض الصلح رئيس وزراء لبنان. ونظراً لنضاله ضد الفرنسيين، فقد اعتقل أكثر من مرة، وأدخل السجن. كما كان له مواقف قومية من قضايا العرب في سوريا وفلسطين والأردن ومصر، وكان له موقف مشرّف يوم أن استقبل في أراضيه الشعب الفلسطيني بعد نكبة عام 1948، والذي عرف فيما بعد باسم «مخيم شاتيلا». وكان قصره في المنطقة المعروفة بمستديرة شاتيلا ملتقى للزعامات اللبنانية أمثال الرؤساء بشاره الخوري ورياض الصلح وصائب سلام وعبد الله اليافي والأمير مجيد ارسلان وسواهم الكثير، فضلاً عن الزعماء العرب.

وعرف من أسرة شاتيلا المناضل راشد شاتيلا الذي التحق بثورة الشريف حسين 1915-1918، كما برز محيي الدين باشا حسن شاتيلا الذي نال رتبة الباشوية من الشريف حسين، ثم أصبح سفيراً فيما بعد في إيطاليا. وبرز من الأسر، أبو فيصل شاتيلا صديق الرئيس صائب سلام وملازماً له في ثورة عام 1958، كما كان صديقاً للرئيس رياض الصلح. كما عرف من الأسرة عبد الرحمن حسن شاتيلا نقيب سوق الخضار بالجملة، وعرف الصحافي توفيق شاتيلا صاحب صحيفة «كشكول» البيروتية الرافضة للاحتلال الفرنسي. وكان لعبد الحميد شاتيلا مواقف مشرفة، ففي عام 1961 وبعد انفصال سوريا عن مصر، استضاف عدداً كبيراً من العائلات المصرية في أملاكه. وبرز من الأسرة السفير توفيق شاتيلا. وكان عبد السلام شاتيلا أول طبيب أسنان مسلم في رأس بيروت، وشغل مقعد عضو مجلس بلدية بيروت. واشتهر في مجال الرياضة سميح شاتيلا ومحمد شاتيلا، وبرز منذ العهد العثماني المصارع البيروتي الشهير محمد شاتيلا بطل بيروت في المصارعة في العهد العثماني. كما برز محمد حمزة شاتيلا أحد المسؤولين في جمعية آل شاتيلا (نشرة آل شاتيلا، العدد الثالث، آذار 2010).

والجدير بالذكر، أن أسرة شاتيلا قامت في عام 2008 بإحياء «جمعية آل شاتيلا» التي تعاقب على رئاستها سعد الدين باشا شاتيلا، شفيق شاتيلا، الدكتور عبد السلام شاتيلا.

وبرز من أسرة شاتيلا أطباء الأسنان التالية أسماؤهم: د. إبراهيم أحمد شاتيلا، د. عمر الفاروق عزت شاتيلا، د. غازي محمد شاتيلا، د. مازن كمال شاتيلا، د. محمد حسن خضر شاتيلا، د. منى مصطفى شاتيلا (نشرة آل شاتيلا، العدد رقم (1)، كانون الأول 2008). وعرف من أسرة شاتيلا الكثير من الأطباء منهم: د. إبراهيم أحمد شاتيلا، د. فؤاد محمد شاتيلا، د. عبد اللطيف أحمد شاتيلا، د. مروان عبد السلام شاتيلا، د. فيصل محمد شاتيلا، د. فايز محمد أحمد شاتيلا، د. مهدي راشد شاتيلا، د. رجاء فتحي شاتيلا، د. اليزابيت كلير جيمس ماي شاتيلا، د. محمد عبد الله شاتيلا، د. أحمد فؤاد شاتيلا، د. تهاني محمود شاتيلا، د. عبد الرحمن سعد الدين شاتيلا، د. عزت شاتيلا، د. دارين شاتيلا، الصيدلي يوسف علي شاتيلا (نشرة آل شاتيلا، العدد رقم (1)، كانون الأول 2008).

وبرز في القرن العشرين والحادي والعشرين المناضل السياسي الأخ كمال شاتيلا (1944-  ) رئيس ومؤسس اتحاد قوى الشعب العامل (التنظيم الناصري) عام 1965، رئيس المؤتمر الشعبي في بيروت المحروسة، وكان – وما يزال – أحد رموز الناصرية في لبنان والعالم العربي، وقد استطاع مع إخوانه والبيارتة من إِيصال النائب الناصري نجاح واكيم للمقعد النيابي في انتخابات بيروت (الدائرة الثالثة) عام 1972، وهو أول نائب بيروتي ولبناني يجمع له الشعب نفقات حملته الانتخابية وفاءً وتقديراً وتكريماً للرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

استطاع كمال شاتيلا إثبات نفسه وتنظيمه على الخريطة السياسية اللبنانية والعربية، قام بدور إيجابي في فترة الحرب اللبنانية (1975-1990) وله مواقف وطنية وقومية هادفة إلى تكريس العيش المشترك. نبذ الطائفية والمذهبية، كما هاجم كثيراً «أمراء الحرب اللبنانية». ونظراً لمواقفه السياسية، فقد أبعد خارج لبنان لسنوات عديدة.

له مئات المقالات والتصريحات والندوات والمحاضرات، كما شارك في مؤتمرات سياسية لبنانية وعربية ودولية. أسس مجلة «الموقف» عام 1976، وأولى رئاسة تحريرها إلى الدكتور عدنان السيد حسين (الوزير، ورئيس الجامعة اللبنانية فيما بعد) له العديد من المؤلفات منها على سبيل المثال:

1- العروبة في المواجهة.

2- الصحوة العربية والتدخلات الاستعمارية.

3- العروة العربية والتدخلات الاستعمارية.

4- عشر سنوات بعد انقضاء الطائف.

5- العرب أمام التحديات.

6- الأزمة الاقتصادية الأميركية.

برز من أسرة شاتيلا العديد من الأطباء والمهندسين والمحامين ورجال العلم والاقتصاد والتجارة وأساتذة الجامعات والسفراء منهم على سبيل المثال لا الحصر السادة: السفير السابق توفيق شاتيلا، مصباح شاتيلا، خالد شاتيلا أحد عمداء آل شاتيلا، حسن شاتيلا أحد عمداء آل شاتيلا، المهندس البارز فتحي شاتيلاً صاحب الاهتمامات المميزة بمشاريع المياه في لبنان، والأستاذ الجامعي الدكتور وليد شاتيلا، وعبد الغني صبحي شاتيلاً (1946-2007) المتوفى في 15/11/2007، وهو مراقب سابق لعقد النفقة في وزارتي الأعلام والسياحة. دفن في جبانة الأوقاف الجديدة في حرج بيروت.

وعرف من أسرة شاتيلا محمد سعد الدين شاتيلا مواليد رأس بيروت عام 1924، أحد تلامذة مدرسة رأس بيروت العليا لمؤسسها الحاج عبد الرزاق حماده، والتي انتسب إليها مع نسيبه محمد حمزة شاتيلا عام 1931، وكان أحد أساتذة المدرسة البارزين حينها الأستاذ  عبد اللطيف عيتاني (7). كما عرف من الأسرة عبد الرحيم شريف قليلات من مواليد بيروت عام 1933، أحد رجالات بيروت البارزين في ميادين التجارة والأعمال المعمارية والإنشائية، وله نشاطات اجتماعية وخيرية وإنسانية عديدة(8). كما برزت السيدة عايدة شاتيلا الصلح عقيلة الرئيس رشيد الصلح، نظراً لدورها الريادي في الأعمال الخيرية والإنسانية والاجتماعية والرعائية، وهي رئيسة عدة جمعيات بيروتية منها «جمعية سيدات رأس بيروت الخيرية الاجتماعية» الحريصة مع أعضاء الجمعية على إقامة أنشطة خيرية تلبيةً لمتطلبات المجتمع البيروتي(9). كما عرف الشيخ محمد سعد الدين شاتيلا المتوفى عام 2009.

وعرف من أسرة شاتيلا الإسلامية والمسيحية السادة: إبراهيم خليل، إبراهيم محيي الدين، إحسان خليل، أحمد، أحمد حسين، أحمد خليل، أحمد درويش، أحمد سعد الدين، أحمد محمد مختار، أحمد محمود، أحمد يوسف، أمين، أمين عبد الله، أندره جورج شاتيلا، أنطوان، أيمن بدر، بدر مصطفى، بلال صبحي، توفيق أحمد، جان جورج شاتيلا، جميل علي، جميل محمد جميل، جوزيف، حسن  خضر، حسن عدنان، حسن محمد، حسن يوسف، خالد حمزة، خالد خضر، خالد شريف، خالد محمد، خضر كمال، خليل محيي الدين، خليل مصطفى، دوري جوزيف، ديب مصطفى، راشد عبد الكريم، ربيع محمد، زكريا محمد، زهير عبد الحليم، زياد عبد الرحيم، سالم، سامي أحمد، سامي عزت، سامي محمد، سعد الدين، سعيد الدين خضر، سعد الدين سعد الدين، سعد الدين عبد الرزاق، سعد الدين محيي الدين، سعد الله محمود، سعيد محيي الدين، سلطان محمد وليد، سليم عبد الله، سليم يوسف، سمير محمد، سمير محمود، شريف محمد، شفيق، صالح، صبحي، صلاح إبراهيم، طارق، عبد الحليم، عبد الرحمن سعد الله، عبد الرحمن صلاح، عبد الرحمن محمد، عبد الرحمن مصطفى، عبد الرحيم سهيل، عبد الرزاق محمد، عبد السلام، عبد السلام حمزة، عبد السلام سعد الدين، عبد الغني سعد الدين، عبد الغني صالح، عبد الفتاح أحمد، عبد القادر أحمد، عبد اللطيف أحمد، عبد الله محمد سعيد، عبد الله محمود، عبد المجيد سعد الدين، عبد الناصر، عبد الوهاب حسن، عدنان أحمد، عدنان حسن، عدنان عبد الغني، عز الدين حسين، عزت عمر، عصام محمد فايز، عصمت خليل، علي، عمر سهيل، عمر عبد الله، عمر محمد، عمر الفاروق، عمران عبد السلام، غسان محمد علي، فراس محمد سليم، فضل، فؤاد محمد، فؤاد محمود، فيصل سعد الدين، كمال، كمال عبد الرحمن، لقمان عبد السلام، مازن كمال، محمد، محمد أحمد، محمد إقبال، محمد أمين، محمد بدر، محمد توفيق، محمد جميل، محمد حمزة، محمد خضر، محمد خضر حسن، محمد ديب، محمد سعد الدين، محمد سعد الله، محمد سعيد، محمد سمير محيي الدين، محمد شريف، محمد إحسان، محمد عبد الرزاق، محمد عبد العزيز، محمد عبد الله، محمد عزت، محمد علي، محمد فؤاد، محمد فوزي، محمد فيصل سعد الدين، محمد كمال عبد العزيز، محمد محمود، محمد محيي الدين، محمد مختار، محمد منير، محمود حسن، محمود فؤاد، محمود يوسف، محيي الدين حمزة، محيي الدين عبد الرزاق، محيي الدين محمد، مروان، مروان صبحي، مروان عبد السلام، مصطفى خير الدين، مصطفى عفيف، مصطفى محمد، منير شفيق، منير عبد الرحمن، منير عبد الله مهدي راشد، نادر، ناصر كمال، نقولا عبد الله، هاني جميل، هاني محمد إقبال، هشام صبحي، وسيم وليد، وليد محيي الدين، محيي محمد سعيد، يحيى محمود، يوسف محمد جميل شاتيلا وسواهم الكثير.

وبرز من أسرة شاتيلا المسيحية الأديب والموسيقى ناصر شاتيلا (1886 -    ) أستاذ الموسيقى في الجامعة الأميركية وجرجس شاتيلا وابناه عساف وعبد الله شاتيلا اللذان رحلا عام 1923 إلى جديدة مرجعيون، واستوطناها ممتهنين الصياغة وتجارة الذهب(10). كما برز في التاريخ المعاصر في بيروت الحاج نقولا شاتيلا وأصله من راشيا، وهو يعتبر من أهم  تجار وصناع المجوهرات في لبنان والعالم، وقد ذاع صيته وصيت صناعته في العالم.

وهكذا يلاحظ، بأن أسرة شاتيلا الأسرة العربية واللبنانية والبيروتية، قد تفرعت إلى فروع إسلامية ومسيحية، وتوزعت جغرافياً بين بيروت المحروسة والمناطق اللبنانية والعربية. وقد أوضح لي الأخ كمال شاتيلا(11) بأنه اطلع مرة على دليل الهاتف في دمشق، فرأى صفحات عديدة من الدليل مليئة بأسماء أفراد من آل شاتيلا أكثر من 75% منهم من الطائفة المسيحية.

من جهة ثانية، فقد أورد لي أحد البيارتة من كبار السن، أنه اطلع مرة على مقال في إحدى الصحف اللبنانية – وربما تكون صحيفة النهار – بعنوان: «الشيخ شاتيلا يرد على المطران شاتيلا».

وبدون أدنى شك، فإن المصادر التاريخية تؤكد بأن أصول الأسرة واحدة، ومن جذور عربية واحدة، لعلها من قبيلة «الشواتلة» أو قبيلة «بو شتّال» العربية، التي هي أساساً فرع من فروع قبيلة غانم(12).

وأشارت بعض المعلومات، بأن الشواتلة شاركوا في الفتوحات العربية للمغرب والأندلس، ومن بعدها انتقل فرع منها من الأندلس إلى منطقة بوردو، ومن ثم إلى فرنسا حيث أعطيت هناك لقب (CHATELIER). وبدوري فقد عثرت في وثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت  المحروسة على وثيقة عثمانية، تعود إلى عام 1277هـ - 1860م، تثبت بأن أسرة شاتيلا البيروتية هي عربية الأصل توطن فرع منها في مدينة حماه. فقد أشارت تلك الوثيقة إلى السيد أحمد بن عمر شاتيلا الحموي(13). علماً أن توطن آل شاتيلا في بيروت المحروسة لا سيما في منطقة رأس بيروت، هو أقدم بكثير من عام 1860.

آل شاتيلا… وزمن بيروت الجميل

زرعوا الساحل في سنين من الخير انقضت، وكان الشتل بيروتيا حمل طيبة زارعيه الذين عرفوا معنى انهم ابناﺀ هذه المدينة العريقة وتمسكوا بها وبترابها وشواطئها وكانت لهم حكاية عشق مع كل غروب شمس او اطلالة شراع انهم… آل شاتيلا.

نادر حجاز عائلة شاتيلا من اقــدم عائلات بيروت وتعتبر ثاني اكبر هذه العائلات اذ تعد حوالي 10000 نسمة تتمركز بشكل رئــيــســي فــي منطقة رأس بــيــروت وتــتــوزع كــذلــك فــي كــل من برج ابو حيدر، المزرعة وبرج البراجنة.

والعائلة فيها مسلمون ومسيحيون اذ يتركز المسلمون منهم في بيروت واما المسيحيون من روم ارثوذكس فهم من راشيا الــوادي وبلدة الماري في مرجعيون وعدد كبير منهم انتقل الى سورية بالاضافة الى ان بعض ابناﺀ العائلة يقطن جنوبا في العديسة وفي البقاع. وتلعب العائلة دورا بــارزا في اكثر من مجال وبرز منها العديد من الشخصيات التي كان لها حضور في اكثر من مناسبة ومحطة.

ان تسمية العائلة انبثقت من كون ابنائها كانوا مزارعين ويشتق من “غرس الشتل اي النبات الصغير في الارض” فكانوا يزرعون الخضار على ساحل بيروت الممتد من ارض النهضة حتى صخرة الروشة وارض النهضة هي الارض التي تقع خلف النادي الرياضي وهــي ارض خصبة وغنية بالينابيع والمياه، وان ابناﺀ العائلة فخورون باصلهم الزراعي وهي الاولى من ناحية الملكية العقارية واملاكهم تشمل كل الاراضي في الروشة وبخاصة ما يسمى بجل البحر. واما قدوم العائلة الى بيروت فيعود الى حوالي 300 سنة وتعددت الآراﺀ حول وجهة قدومهم واصلهم. فــرأي يعتبر انهم قدموا من المغرب العربي وآخر يعتبر انهم من الجزيرة العربية. واما تعرفنا الى العائلة فمن خلال تاريخها البيروتي الــذي يعود الــى مئات السنين، مع العلم انها تتواجد في كل من سورية، مصر وفلسطين واصــل العائلة في فلسطين من لبنان حيث هرب جدهم ايام العثمانيين من التجنيد الاجباري، فتزوج وعــاش هناك، ثم عــادوا بعد النكبة، صنفوا كلاجئين ولكن ابناﺀه واحفاده طالبوا بجنسيتهم اللبنانية ونالوها، وتنخرط العائلة في بوتقة الحياة البيروتية وتربطها مصاهرة مــع العديد مــن العائلات ولا سيما آل شهاب والصلح، فزوجة الرئيس الصلح تكون عايدة حسن شاتيلا. واما الهجرة فتسببت بتكوين فروع للعائلة في بلاد المهجر كأستراليا والولايات المتحدة وسويسرا وافريقيا ولكنهم لم ينقطعوا عن التواصل بلبنان.

اما بيروت الشاهدة على ماضي هذه العائلة فتحتضن العديد من المعالم التي تدل وترتبط ارتباطا مباشرا بها ولا سيما مستديرة شاتيلا التي تشكل نقطة مواصلات مهمة ولا سيما الى المطار وتسميتها كذلك تعود الى انه “قبل كل العمران والابنية التي نشاهدها في الشوارع المحيطة، بنى سعد الدين شاتيلا قصره في منطقة الغبيري على مساحة واسعة من الارض، وكان قصره ملتقى لرجال الاستقلال في الثلاثينات والاربعينات ورغم ان عوامل الزمن ادت الى زوال القصر ولا سيما بعد الحرب الا ان المستديرة ما زالت على اسمه، وبالنسبة لمخيم شــاتــيــلا فــفــي نــشــرة الــعــائــلــة التي تصدر دوريا ورد انه “ولما حلت النكبة بشعب فلسطين وانتشر المهجرون الفلسطينيون في البلاد العربية…

سارع اللبنانيون وبخاصة وجهاﺀ بيروت لنجدتهم ففتحت البيوت والمدارس، وشكل التجار فــي مــا بينهم لجانا لتنظيم التبرعات المادية والعينية لهم، وبعد مــرور شهور على النكبة ولما ازدادت الحاجة الى وجود امكنة للسكن تبرع سعد الدين باشا شاتيلا بارض له، تعرف منذ ذلك التاريخ حتى اليوم بمخيم “شاتيلا، وهناك العديد من المعالم كذلك مثل مسجد شاتيلا الــذي يجاور كنيسة سانت ريتا في اجمل لوحة لتعانق الاديان والعيش المشترك، هذا الى جانب العديد من المقاهي البحرية كقهوة عروس البحر وقهوة الروضة. ويروى بانه قديما كان هناك العديد من المنارات البحرية التي كانت تستعمل للمراقبة وكانت تملكها العائلات البيروتية وذلك بقصد الحماية واحداها كانت ملك آل شاتيلا ومن يسهر على المراقبة فيها هو كذلك من ابناﺀ العائلة.

يطول الحديث عــن سعد الدين شاتيلا الذي بدأ نضاله باكرا، ولد في البسطة العام 1891 وعرف بمشاكسته للعثمانيين الــذيــن كـــان يرفض ممارساتهم الخاطئة فلفقت له التهم باغتيال رجــال اتــراك وسجن ليحكم عليه بــالاعــدام، ولما كانت السلطنة منشغلة بحروب البوسنة والهرسك ذهـــب مــع مــن ذهــبــوا مــن السجناﺀ المحكومين بالاعدام الذين قذف بهم الاتراك الى الجبهة، ولكن البطولة التي اظهرها بايصاله المؤونة والذخيرة الى الجبهة جعلته ينال رضى السلطنة التي كرمته في اسطنبول وخلعت عليه لقب الباشوية وهو لقب حربي، وعاد الباشا الى لبنان ليتحول الى قيادة وطنية شعبية وهو الشخصية البيروتية المرموقة، ولكنه لم يستطع ان يكتم حماسته الــى الاستقلال والعروبة فرفض الانتداب الفرنسي الذي اعتقله اكثر من مرة وكان على تواصل دائــم مع الــثــوار العرب في سورية والاردن وفلسطين وكان منزله ملتقى رجــال الاستقلال من الشيخ بشارة الخوري الى رياض الصلح والامير مجيد ارسلان وحبيب ابو شهلا، فكان الجندي المجهول وصاحب المبادرة الاسرع وهو الذي اغاث الفلسطينيين برزقه وامــلاكــه وكــان مهتما بتربية الشباب دينيا ووطنيا فأسس جمعية الشبان المسلمين، وفي الستينات قتل في ظروف ولاسباب غامضة.

كان للعائلة دور بارز في اكثر من محطة, ففي اوج الحماسة العربية شكل راشد شاتيلا كتيبة من بيروت والتحق بثورة الشريف حسين وفي نفس الفترة برز محيي الدين شاتيلا الــذي عرف عنه اتقانه سبع لغات، ونال رتبة الباشوية من الشريف حسين وكان سفيرا في ايطاليا، وبعد الاستقلال كــان هناك العديد من الشخصيات مثل ابو فيصل شاتيلا من اركــان صائب سلام وواكبه في ثــورة 1958 وكــان صديقا لرياض الصلح وله دور في معركة الاستقلال وعبد الرحمن حسن شاتيلا كان نقيبا لسوق الخضار بالجملة، ولعب دورا مع نقابتي سوق الخضار بالمفرق فــي مواجهة الانــتــداب الفرنسي الــذي عارضه توفيق شاتيلا الذي اصــدر جــريــدة كشكول البيروتية الرافضة للانتداب، وكان عبد الحميد شاتيلا من كبار ملاكي رأس بيروت وعرف عنه الحماسة للوحدة العربية فعندما حصل الانفصال بين سورية ومصر استضاف العائلات المصرية المقيمة في سورية لحين ترتيب انتقالهم الــى مصر، وكــان كل من الحاج عبد القادر وعبد الكريم شاتيلا من وجهاﺀ وفعاليات رأس بيروت، واما في التاريخ الحديث فكان توفيق شاتيلا سفيرا للبنان في عدة دول منها باكستان، القدس قبل 76 العام وقطر، وترأس شفيق شاتيلا دائرة اللاجئين في وزارة الداخلية وكان عبد السلام شاتيلا اول طبيب اسنان في رأس بيروت وشغل مقعد عضو مجلس بلدية بــيــروت، ومــا زال في الاشرفية شارع مسمى بشارع المطران غفرائيل شاتيلا. وعلى غير مستوى اشتهر الاديــب ناصر شاتيلا الذي ولد في راشيا وعمل استاذا لتعليم الموسيقى في الجامعة الاميركية، وفي مجال الرياضة برز اكثر من لاعب كرة قدم من النخبة كسميح شاتيلا ومحمد شاتيلا ويروى انه خلال عهد الاتـــراك بــرز محمد شاتيلا بقوته الجسدية الكبيرة اذ تغلب على بطل تركيا في المصارعة الحرة وأخذ منه حزام البطولة.

لم تقف العائلة عند حدود الزمن الرديﺀ اذ عادت لتلم الشمل وتحافظ على الــعــلاقــة العائلية الوطيدة مؤسسة لجمعية العائلة بموجب الترخيص/16: أ. 4991 د وهي امتداد للجمعية القديمة التي تأسست في الثلاثينات وتعمل لاجل خدمة ابناﺀ العائلة وتأمين التواصل بين اطــرافــهــا عبر تنظيم النشاطات الاجتماعية وتقديم الخدمات وتصدر نشرة آل شاتيلا التي تتناول اخبار العائلة والجمعية ومواضيع ثقافية واجتماعية متنوعة بخاصة ان العائلة تعرف ثورة علمية كبيرة بحيث تضم حوالي 22 مهندسا و27 طبيبا ومئات من حملة الشهادات الجامعية.

أما شاتيلا أو شتيلا أو شاتيل لغةً واصطلاحاً، فهي من اللغة العربية، إذ يقال للرجل القوي صاحب الشتوة بأنه «شاتيلا» (شتيلا) وهو الذي يلجأ إليه، كما أن الشاتيلا أو المشتول هو الرجل القوي، وتأتي الشتيلا بمعنى الرجل صاحب الشتلة (أي صاحب القوة والطول وضخامة الجسم). وفضلاً عن هذا وذاك فلقب شاتيلا ينسب إلى قبيلة شاتيلا وجمعها الشواتلة.

 (١) أنظر: كمال جرجي ربيز: رزق الله عهيد يك الأيام، ياراس بيروت، ص 141.

(٢) السجل 1259هـ-1843م، من سجلات المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة، ص 26-27، 30-31، 50. أنظر أيضاً كتابنا: أوقاف المسلمين في بيروت في العهد العثماني، ص 62، 86، 105.

(٣) السجل 1259-1843م، ص 64-65. أنظر كتابنا: التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في بيروت والولايات العثمانية، ص 222-224.

(٤) السجل 1289هـ، ص 31. أنظر أيضاً كتابنا: أوقاف المسلمين والمسيحيين في لبنان في العهد العثماني، ص 95.

(٥) السجل 1314-1316هـ، ص 35-36، 50-51. أنظر أيضاً كتابنا: أوقاف المسلمين والمسيحيين في لبنان، ص 131-134.

(٦) كرايمسكي، رسائل من لبنان 1896-1898، ص 279، 290.

(٧) للمزيد من التفاصيل أنظر: كمال جرجي ربيز، المصدر السابق، ص 154.

(٨) أنظر كراس: تجمع مرشحي اختيارية بيروت (تكريم كوكبة من الرواد البيارتة الأوائل عام 2001)، ص 33-34.

(٩) أنظر على سبيل المثال: اللواء، 17/12/2011، ص 17.

(١٠) أحمد أبو سعد: معجم أسماء الأسر والأشخاص، ص 456.

(١١) في بيروت بتاريخ 11/12/2011، أثناء تقديمه التعزية بوفاة شقيقي عمر علي حلاق في قاعة الهبري – جامع الخاشقجي.

(١٢) القزويني: أسماء القبائل وأنسابها، ص 141.

(١٣)  السجل 1276-1278هـ،ص 203