آل قنطار

اضطهدهم اللمعيّون والشهابيّون وبعض فروعم تحوّل من المذهب الدرزي إلى «الشيعي» و«السني»

من الأسر الإسلامية الدرزية البيروتية واللبنانية والعربية. تعود بجذورها إلى القبائل العربية التي أسهمت في فتوحات بلاد الشام، ومن ثم في الدفاع عن ثغورها ومدنها.

تنسب الأسرة إلى جدها الأول صلاح بن منعم القنطار من إمارة بني بشر العربية، وهي إحدى العشائر التي توطنت في بلاد الشام والعراق، ومن بينها بغداد وحوران وجبل لبنان والبقاع ووادي التيم وبيروت. وتشير المصادر التاريخية بأن هذه الأسرة قدمت إلى بيروت المحروسة مع عشائر عربية أخرى في عهد الخليفة العباسي المنصور للمحافظة وللدفاع عن ثغور بلاد الشام.

ومنذ القرن التاسع الميلادي انتشرت عشيرة القنطار في مناطق لبنانية عديدة، ومن بينها بيروت المحروسة، ونظراً لتوسع نفوذ هذه العشيرة فقد تملكت قرى وضياعاً عديدة في البقاع وسواها، وكانت هذه العشيرة قد اعتنقت مذهب الموحدين الدروز. وفي العهد العثماني تعرضت أسرة القنطار للاضطهاد بسبب تحالفها مع الأمراء المعنيين، مما اضطر أفرادها للانتشار في أكثر من منطقة لبنانية ابتداء من عام 1584م. كما تعرضت أسرة القنطار للمحاربة من قبل الأمراء اللمعبين والشهابيين عام 1748م بسبب دفاع زعماء آل القنطار عن الفئات الشعبية. ومما أثر على نفوذ ووجود آل القنطار في جبل لبنان وزحلة، أن الأمير بشير الشهابي الكبير تعرض لهم وأحرق منازلهم وأملاكهم بسبب تحالفهم مع الشيخ بشير جنبلاط، الأمر الذي فرّق شملهم، بل أن بعض فروعهم تحول من الدرزية واعتنق المذهب الشيعي، كما أن فرعاً آخر توجه إلى طرابلس، فاعتنق المذهب السني.

هذا، وقد أشار الأمير حيدر الشهابي في كتابه «الغُرر الحسان» جـ1، ص 206، في أحداث أيار عام 1800م إلى أسرة القنطار التي هاجم مقاتلوها جماعة الأمير منصور مراد وأحرقوا بيته.

كما أشار الأمير حيدر الشهابي في كتابه المشار إليه، جـ3، ص (437) في أحداث نيسان عام 1805 إلى أسرة القنطار، وتمردهم على الأمير بشير الشهابي، الذي اضطر لإحراق منازلهم في المتن والبقاع.

هذا، وقد توطن فرع من الأسرة في بيروت في المنطقة التي عرفت باسمهم، وهي منطقة القنطاري بالقرب من حي الرمال الذي عرف فيما بعد باسم «حي الصنائع» برز من أسرة القنطار أو القنطاري (القَنطَري) المحدث أبو الفضل عباس بن الحسين القنطري البغدادي أحد الثقاة المشهورين راوٍ وروي عنه أيضاً. توفي سنة 240هـ. كما برز المحدث أبو علي الحسن بن محمد بن سنان القنطاري (القنطري). كما برز المحدث أبو منصور جعفر بن طارق بن الجنيد القنطاري المتوفى سنة 315هـ (ابن الأثير: اللباب، ج3، ص60).

وبرز من الأسرة في العهد العثماني أبو ديب يوسف القنطار أحد القادة البارزين في معركة عين داره عام 1711م، والسيدة القائدة عمشة القنطار، والقائد حسين القنطار، كما برز منهم حديثاً السادة: السفير أديب هاني القنطار، والسفير رياض سليمان القنطار، والدكتور طلال مجيد القنطار، والأستاذ الجامعي الدكتور بهيج مجيد القنطار، والأستاذ الجامعي الدكتور ياسر رشيد القنطار.

كما عرف من الأسرة عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار والسادة: أسعد، حسام عفيف، حسن، ربيع، سلمان، صلاح، عارف شاهين، عفيف نجيب، مهيب، نجيب علي، نجيب مسعود، نسيب علي، نسيب منذر قنطار وسواهم ممن توطن في مناطق لبنانية عديدة.

أما قنطار أو قناطري أو قنطارية لغة فقد أطلقها المماليك على قناة الرمح أو الرمح ذاته. كما استخدمها العثمانيون بمعنى السيف، أو صانع السيوف، كما أن القنطار يوازي وزناً معيناً من الذهب أو الفضة وهي تحدد وزناً بمئة رطل، استخدمت باللغة الأجنبية بصيغة (Centarium). وقد استخدم البيارتة قديما مصطلح شعبي يعبر عن غنى شخص ما بالقول أنه «مقنطر» أي يملك قنطاراً فأكثر.

كما أن القنطار أو القنطاري نسبة إلى قلعة قنطار في حوران، كما نسب فرع من الأسرة إلى قنطرة البردان في بغداد، ومنها رأس القنطرة في نيسابور، كما أ، رأس القنطرة قرية كبيرة من قرى سمرقند خرج منها جماعة منهم أبو منصور جعفر بن طارق القنطاري، كما توجد قرية في عكار تحمل اسم القنطرة.

مع أهمية الإشارة إلى أنه ما يزال يوجد في طرابلس أسرة مسيحية تحمل لقب القنطرة، كما توجد في بيروت أسرة القنطري نسبة إلى القنطرة البلدة، وقنطرة التي هي على شكل قوس. ولا بد من الإشارة بأن بعض أفراد وقادة أسرة القنطار تولوا منصب الأغاوية في العهد العثماني بصيغة «قنطار آغاسي» للدلالة على الآغا الذي يتولى مهمة تفتيش الأوزان والمكاييل في الأسواق، وهي المهمة التي تماثل مهمة المحتسب في الأسواق والمدن العربية والإسلامية. كما أن قنطار آغاسي، هو الآغا الذي يراقب صناعة السيوف والرماح في العهدين المملوكي والعثماني.