آل لبابيدي

تقلّدوا المراتب السياسية والأمنية والإجتماعية والثقافية وكان لهم النائب د. سليم

من الأسر الإسلامية البيروتية والطرابلسية والدمشقية، كما انتشرت الأسرة في حلب وحماه. ويشير ابن الأثير في كتابه «اللُباب في تهذيب الأنساب» جـ3، ص (126) إلى انتشار الأسرة في سكة اللبادين في مدينة سمرقند، برز منها القاضي محمد بن طاهر بن عبد الرحمن السعيدي السمرقندي اللبادي أو اللبابيدي (المتوفى سنة 515هـ).

وتشير مصادر عربية بأن أسرة اللبابيدي من القبائل العربية التي تنسب إلى بني اللبابيدي وإلى عرب اللبابدة أو اللبيديين، وهي التي أسهمت في فتوحات العراق وبلاد الشام. كما يشير كتاب «عشائر الشام» ص (559) إلى قرية لابدة إحدى قرى بلاد الشام. ويشير كتاب «أسماء القبائل وأنسابها» ص (71، 111) إلى قبائل بولباد، وبولبد.

هذا، وقد شهدت بيروت في العهد العثماني توطن آل اللبابيدي، مع استمرار توطن الأسرة في مدن سورية عديدة. وقد استطاعت أسرة اللبابيدي البيروتية أن تسهم في بيروت إسهامات سياسية ووطنية واجتماعية وعلمية، ومنذ فترة مبكرة من التاريخ اللبناني الحديث والمعاصر استطاع الطبيب الدكتور سليم اللبابيدي أن يصبح نائباً في المجلس النيابي لأعوام 1937-1939 جنباً إلى جنب مع الرئيس عبد الله اليافي وحبيب أبو شهلا وسواهما. ولم يكمل هذا المجلس دورته بسبب نشوب الحرب العالمية الثانية.

وفيما يلي نبذة مختصرة عن سيرته الذاتية: سليم محمد اللبابيدي (1895-1981):

1- مواليد بيروت المحروسة عام 1895.

2- تلقى علومه الأولى في مدارس المقاصد.

3- درس الطب في الجامعة الأميركية في بيروت، وتخرج منها طبيباً وجراحاً.

4- عمل في عدة مستشفيات، منها مستشفى بعقلين.

5- عين مديراً لمستشفى الصنائع.

6- عين أستاذاً في فرع الجراحة في كلية الطب في الجامعة الأميركية.

7- انتخب نائباً عن بيروت في دورة عام 1937.

8- انتخب عضواً في لجنتي الأشغال العامة والصحة والإسعاف العام، والصناعة والسياحة والاصطياف.

9- عرف سليم اللبابيدي بنزعته الإنسانية، فأوصى بجزء من تركته إلى جمعية المقاصد في بيروت، وبجزء آخر إلى راهبات الكحالة.

10- أوصى بقرنيتي عينيه إلى المكفوفين.

11- توفي – رحمه الله – في 28 آذار عام 1981 متأسفاً عما آلت إليه الأوضاع الأمنية والسياسية في السنوات الأخيرة من حياته.

كما برز من آل اللبابيدي محمد بن سليم بن يحيى بن يوسف اللبابيدي أحد مؤسسي جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، وقد تولى في العهد العثماني وظيفة مأمور إجراء بيروت في العهد العثماني، وهي وظيفة قضائية. كما تولى رئاسة مجلس إدارة ولاية بيروت بين العهدين العثماني والفرنسي. وتميز محمد لبابيدي – مثل بقية أفراد أسرته – بأنه كان شاعراً ملهماً نظم الكثير من القصائد الشعرية في عدة مناسبات.

في عام 1907 عين عضواً في هيئة المعارف التي شكلها والي بيروت خليل باشا. كما عين عضواً في جمعية المقاصد عام 1918 للمرة الثانية في عهد رئيسها مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا. وقد برز من أنجاله النائب الطبيب الدكتور سليم محمد لبابيدي (1985-1981). كما برز من الأسرة شقيقاه: مصباح اللبابيدي زوجته السيدة خديجة كريمة نقيب السادة الأشراف في بيروت الشيخ عبد الرحمن النحاس، والقاضي الشاعر أحمد سليم اللبابيدي الذي تولى منصب القضاء في يافا ونابلس في العهد العثماني، وبعد انتقاله إلى بيروت عين عضواً في محكمة الحقوق في بيروت، ورئيساً لكتاب محكمة تجارة بيروت. كما تولى ترجمة بعض القوانين والأحكام التركية إلى اللغة العربية. ألف كتاب «القسطاس في علمي القروض والقوافي» عام 1889 اعتمدته الجامعة الأميركية للتدريس. كما ألف الكثير من القصائد في مدح الرسول محمد (ρ). من أصدقاء القاضي الشاعر أحمد اللبابيدي، خليل مطران، معروف الرصافي، أحمد شوقي، أحمد الصافي النجفي، وبشير رمضان وسواهم. كما برز أنجال القاضي أحمد سليم اللبابيدي من السيدة ثريا عبد الرحيم فاخوري الشاعران محمد اللبابيدي وصلاح اللبابيدي (1898-1987) الذي قام بدور بارز في الإدارة اللبنانية، لاسيما عندما تولى مناصب إدارية مهمة منها على سبيل المثال: رئيس ديوان وزارة التربية، قائمقام، مدير الشرطة في بيروت. وتميز صلاح اللبابيدي باهتمامه بالشعر والعلم وبفن الرسم، وقد أصدر عدة دواوين شعرية. له مؤلفات عديدة منها:

1- مذكرات مدير بوليس عام 1970.

2- اعترافات ابن الثمانين عام 1987.

كما برز شقيقه الملحن والمطرب يحيى اللبابيدي (1900-1943) الذي هجر طب الأسنان نظراً لعشقه الفن والموسيقى.

هو ابن المرحوم أحمد اللبابيدي ووالدته السيدة ثريا الفاخوري من عائلة الفاخوري المعروفة، ولد هذا الفنان في مدينة بيروت سنة 1900م وأسرة اللبابيدي قديمة العهد في بيروت، أتمَّ الفقيد التحصيل الابتدائي والثانوي في مدارس بيروت ثم التحق بالجامعة الأميركية في فرع طب الأسنان، ولكن نزعته الفنية تغلَّبت عليه فطغت على شهوره فما لبث أن هجر الجامعة إلى عالم الموسيقى.

ولما فكرت حكومة فلسطين في إنشاء محطة الإذاعة في القدس وقع الاختيار عليه فكان مديراً للقسم الموسيقي فيها فأدار العمل الفني بتوجيهات حكيمة موفقة واستمر مدة أربع سنوات ينتج ألحاناً رائعة كانت تذاع من المحطة فاشتهرت بجمال معناها ومغزاها، وقد ذاع صيته في الأوساط الفنية، ثم صاهر عائلة الدجاني في القدس فاقترن سنة 1937 وأعقب ذكراً وأنثى.

ثم اختير فيما بعد فكان مديراً للقسم الموسيقي في محطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية. كان رحمه الله كثير الإنتاج الفني فلحن الكثير من القطعات والأناشيد البديعة، وكانت أناشيده ذات صبغة وطنية منها نشيد الكشاف ونشيد العمل ونشيد أسواق الحجاز، ولحن أغان كثيرة من النوع الانتقادي وكانت قريحته تجود بنظم هذه الأغاني ويلحنها بأسلوب رائع جذاب، وبالرغم من صوته المحدود فقد كان يعزفها على البيانو عزفاً شيقاً ينم عن ذوقه الفطري للفن، وله إلمام بالعزف على آلة العود، ومن ألحانه المستعذبة (هات يا الله هات) و«الدنيا هيه هيه وكل شيء افرنجي برنجي»، وفيها من النقد اللاذع دفاعاً عن عروبته وقوميته ما يثير الإعجاب بوطنيته ومتانة مبادئه وأخلاقه الفاضلة.

كان رحمه الله يعدّ البرامج الفنية ويلحنها للإذاعة بصفته مديراً فنياً لها، وناله الإجهاد والتعب، فأحرق نفسه كالشمعة ليضيء بنور روحه شعلة الفن، فتكالبت عليه الأمراض وأصيب بنزيف داخلي فقضى مأسوفاً على شبابه وفنه وهو في سن الكهولة المبكرة وذلك في اليوم الثالث عشر من شهر مايس سنة 1943م ودفن في مقبرة أسرته في بيروت. وقد أجمع الفنانون على تقدير مواهبه وتحليه بالأخلاق الفاضلة رحمه الله.

كما برز من أسرة اللبابيدي محمود أفندي اللبابيدي عضو المؤتمر السوري العام المنعقد في دمشق عام 1920، مع بقية الأعضاء أمثال: سليم علي سلام ورضا بك الصلح وسواهم.

وعرف من الأسرة في التاريخ الحديث والمعاصر «ذاكرة بيروت» المرحوم أبو خليل اللبابيدي، ومُختار محلة زقاق البلاط في بيروت السيد محمد يحيى محمد زكريا اللبابيدي والسادة: إبراهيم، أحمد، بشير، جميل، خالد، خيري، رضوان، زكريا، سعيد، سامي، سليم، سمير، شرف، شريف، صلاح، عبد الرحمن، عبد الله، عمر، عيسى، فؤاد، كمال، محمد، محمود، محيي الدين، مروان، مصطفى، نديم صلاح، هاشم اللبابيدي وسواهم، مع أهمية الإشارة إلى أن فلسطين شهدت بدورها أسرة اللبابيدي، وقد عرف من أبنائها في بيروت الشيخ سليم اللبابيدي الخطيب السابق لجامع جامعة بيروت العربية (جامع الحوري) كما عرفت دمشق أسرة اللبابيدي الدمشقية.

واللبابيدي لغة تنسب إلى قبائل اللبابدة أو اللبيديين، كما أنها مهنة كانت منتشرة في العهد العثماني، وفي بداية القرن العشرين في لبنان وبلاد الشام، حيث يقوم صاحب المهنة بتصنيع اللباد من بعض الخيوط والمواد المشابهة لها، ويضعها أبناء القرى على رؤوسهم وتعرف باسم «اللبّادة».