آل منذر

من سلالة الملوك والأمراء.. منهم الشيخ «شاهين» تاريخياً والعلّامة النائب «إبراهيم» حديثاً..

من الأسر الدرزية والمسيحية والإسلامية البيروتية واللبنانية والعربية، وهي منتشرة في بيروت والمناطق اللبنانية. وجذور أفرادها من الملوك والأمراء المناذرة.

تعود الأسرة بجذورها إلى قبيلة الغساسنة المنضوية إلى العشائر القحطانية التي هاجرت من اليمن إلى بلاد الشام لا سيما إلى البلقاء والأردن وغوطة دمشق وحوران. ولا بد من الإشارة إلى أن فروع المناذرة هم: مناذرة الأمراء اللخميين وملوكهم الذين حاربوا الروم، ومناذرة أمراء الغساسنة ومنهم ابن الحارث. كما حمل اسم المنذر أبو بكر المنذر (ت 1340م) كاتب وعالم بيطري، وهو أحد مدبري السلطان ناصر بن قلاوون (المنجد، ص 687م).

استطاع المناذرة الإسهام في الفتوحات الإسلامية في بلاد الشام. وأشار إسكندر عيسى المعلوف في كتابه «دواني القطوف» ص (220-223) من أن المناذرة توزعوا بعد الفتح الإسلامي شيعاً وأحزاباً، فمنهم من اعتنق الإسلام ومن بعده الدعوة الدرزية والمذهب الشيعي، ومنهم من بقي على نصرانيته، وهذا ما انعكس – وما يزال – على واقعهم في بيروت المحروسة والمناطق اللبنانية.

ويشير المؤرّخ الدكتور سليم هشي في كتابه «دروز بيروت» ص (194-196) بأن المناذرة شاركوا في الكثير من الأحداث السياسية والعسكرية منذ الفتوحات الإسلامية الأولى إلى نهاية العهد العثماني. ففي عهد المماليك وبالتحديد عام 1444م اضطروا للانتقال من منطقة إلى منطقة، وفي العهد العثماني، وبعد معركة عين دارة انتقلوا إلى بلدة برمانا، وقد برز منهم في تلك الفترة الشيخ شاهين المنذر.

تعرض آل المنذر لحرب مدمرة من قبل اللمعيين الذين قضوا على الكثير منهم، الأمر الذي دعا البقية من الأسرة للنزوح إلى وادي التيم بقيادة الشيخ سليم المنذر وابنه الشيخ شداد المنذر، والشيخ سليم المنذر وأسرته وهو أول من استقر في منطقة ساقية الجنزير في بيروت المحروسة، حيث وجد الأمن والسلام والطمأنينة بين إخوانه البيارتة الذين احتضنوه وعائلته وأكرموه لكونه من عائلة عربية عريقة، ومن ساقية الجنزير في بيروت انتقل الشيخ سليم المنذر إلى منطقة عين المريسة، واستقرت الأسرة منذ العهد العثماني – وما تزال – في عين المريسة ورأس بيروت ومناطق بيروتية أخرى.

عرف من أسرة المنذر الدرزية من بعد وفاة الشيخ سليم المنذر، ابنه الشيخ شداد وحفيده الشيخ حسين شداد الذي أنجب الشيخ سليم المنذر الثاني الذي توفي عام 1860، وهو لما يزل شاباً تاركاً ولدين هما الشيخ حسين (ت 1940) والشيخ أحمد (ت في أواخر القرن العشرين).

برز من آل المنذر من الطائفتين المسيحية والدرزية السادة: الشيخ كمال منذر بن مخايل بن حنا المعلوف الغساني، والعالم اللغوي الشهير الشيخ إبراهيم المنذر (1875-1950) عضو المجلس التمثيلي عام 1922، عضو المجمع العلمي العربي في دمشق.

 

العالم اللغوي السياسي النائب إبراهيم ميخائيل المنذر (1875-1950)

ونظراً لإسهامات آل المنذر في بيروت المحروسة وجبل لبنان، فإننا نشير إلى سيرة العلّامة إبراهيم المنذر الموجزة:

1- ولد في المحيدثة قضاء المتن، في 7 تموز سنة 1875 وعاش في بيروت المحروسة لسنين طويلة.

2- تعلم في مدرسة القرية قبل أن ينتقل إلى مدرسة قرنة شهوان، حيث درس أصول اللغتين العربية والفرنسية ومبادئ الإنكليزية، وتخرج منها سنة 1890، وبقي مدرّساً فيها.

3- درس الرياضيات والحقوق على العلماء المعروفين: ظاهر خير الله وسليم باز وجرجس صفا. ثم انتقل إلى مدرسة «الثلاثة أقمار» و«زهرة الإحسان» و«البطريركية» و«الفرير»، وتولى ابتداءً من سنة 1895 إدارة المدرستين «الوطنية» و«الأدبية».

4- في سنة 1908 انتخب شيخ صلح بلدته، وعيّن سنة 1909 رئيساً لكتبة المدعي العام الاستئنافي. وفي سنة 1910 أنشأ في المحيدثة «مدرسة البستان» وجعلها داخلية – خارجية، وقد استمرت حتى بداية الحرب العالمية الأولى.

5- أثناء الحرب، عيّن عضواً في محكمة كسروان، ونقل في أواخر سنة 1915 إلى محكمة المتن، وبقي فيها خمس سنوات. وفي عهد الملك فيصل، دعته حكومة دمشق لتولي منصب مفتش عام في إدارة المعارف، فاعتذر مفضلاً البقاء في لبنان، والانصراف إلى مزاولة المحاماة في مكتبه المشترك مع النقيب فؤاد الخوري.

6- انتخب عضواً في المجمع العلمي العربي في دمشق سنة 1926، وساهم في تأسيس المجمع العلمي اللبناني سنة 1928.

7- له إسهامات فكرية في صحف: «المنار» و«الحرية» و«البرق» و«المعرض» و«الإصلاح»، وراسل «السمير» و«الهدى» في نيويورك، و«الحديثة» و«البريد» في البرازيل، و«يقظة العرب» و«الحاوي» في الأرجنتين، و«الوطن» في التشيلي.

8- انتخب نائباً في المجلس التمثيلي عن جبل لبنان في دورة سنة 1922، وأعيد انتخابه في دورات سنة 1925 و1934 و1937، وكان عضواً في لجنتي التربية الوطنية والفنون الجميلة، الأشغال العامة والصحة والإسعاف العام، ومقرراً للجان: المال والموازنة، الصحة والمعارف، العرائض والاقتراحات.

9- من مؤلفاته المطبوعة: الدنيا وما فيها، قلب الوالدين، كتاب المنذر. أما كتبه المخطوطة فمنها: الأعرابي والأمير بشير الشهابي، الحرب في طرابلس الغرب، أسير القصر وعلي بن أبي طالب، المملوك الشارد، صلاح الدين الأيوبي.

10- قال فيه تلميذه محمد خليل الباشا: «كان إبراهيم المنذر علماً من أعلام اللغة والشعر والأدب، فكان خطيباً مفوّهاً، ومربياً إنسانياً، ومحامياً قديراً، وشاعراً مبدعاً، وناثراً بليغاً، وسياسياً لبقاً، وصديقاً صادقاً في لطف وإيناس وخلق كريم».

11- تأهل من السيدة حفيظة الشايب، ولهما: صلاح ونهاد وبديع وحافظ وليلى وسلوى وماري ومهيبة، وقد برز البعض منهم في ميادين علمية وثقافية، من بينهم صلاح المنذر.

12- توفي في 25 آب سنة 1950... ونظراً لإسهاماته العلمية والفكرية والسياسية في بيروت ولبنان والعالم العربي، كرّمته بلدية بيروت، وأطلقت اسمه على أحد شوارع منطقة الأشرفية.

كما برز من الأسرة الشيخ حسين بو قاسم المنذر عضو مجلس إدارة جبل لبنان في عهد المتصرفية، ونجله المحامي وديع المنذر، والمهندس غازي المنذر (مؤسس ورئيس الحزب الوطني)، والدكتور علي المنذر عضو المجلس الوطني للبحوث العلمية، والموسيقار إحسان المنذر.

كما عرف من الأسرة السادة: إبراهيم إلياس، إبراهيم خليل، إحسان أحمد، أسعد، إلياس، اميل، أنطوان، أنور، بديع، توفيق، جميل، جورج، حافظ، حيدر، خليل، رمزي، رياض، سامي، سمير، شكري، صلاح، ضاهر، عبد الله، عدنان، علي، غازي، فايز، فرنسوا، فؤاد، كامل، كمال، ماجد، محمد، مخايل، معروف، منذر، المنذر، ميشال، نبيل، هادي، وائل، يوسف المنذر وسواهم.

والمنذر لغة اسم قبيلة عربية – عرف منها في التاريخ العربي القديم الأمير النعمان بن المنذر، والعديد من ملوكها وأمرائها المناذرة والمنذر من فعل أنذر بمعنى هدّد ووجّه إنذاراً، فهو المنذر.