آل ناصر

ُلَقَّبون بـ «الأسياد».. أسهموا بنهضة بيروت طيلة عهد الإنتداب وعهود الإستقلال فتزيّنت صدورهم بالأوسمة

من الأسر الإسلامية البيروتية والصيداوية والعربية، وهي تعود بجذورها إلى القبائل العربية التي أسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام والعراق والمغرب العربي. وأسرة ناصر من الأسر المنسوبة لآل البيت النبوي الشريف، وأحد فروع الأسرة يعود بنسبه إلى السيد اعرابي ابن السيد ناصر ابن السيد أحمد زنتوت ابن السيد محمد شهبندر... ويستمر النسب إلى السيد علي الرضا ابن السيد موسى الكاظم ابن السيد جعفر الصادق ابن السيد الحسين السبط ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أجمعين (جامع الدرر البهية لأنساب القرشيين في البلاد الشامية، ص 309-310). وما تزال الأسرة منتشرة في مناطق عربية عديدة من بينها المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، ومصر وبلاد الشام والعراق والمغرب العربي لا سيما منطقة «سلا» المغربية، حيث مقام «سيدي ناصر» الذي ما يزال المغاربة يزورونه ويتبركون بزيارة ضريحة.

وأشارت سجلات المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة في العهد العثماني ومن بينها السجل (1259هـ) إلى العديد من السادة من آل ناصر وناصر زنتوت منهم على سبيل المثال: الشيخ ناصر، السيد أحمد ناصر زنتوت، السيد حسن ناصر زنتوت، الحاج محمد بن الشيخ عرابي ناصر، وسواهم من كان يعتمد عليهم كشهود في الدعاوى الشرعية بين المتداعين. وأشار السجل (1265-1269هـ، ص 27) إلى «عمدة المشايخ الكرام الشيخ حسن ناصر زنتوت».

ولقد تبيّن للدكتور حسّان حلاق من خلال متابعة جذور الأسرة، بأنها حملت الألقاب التالية: ناصر، وناصر زنتوت، والصاوي زنتوت، وإعرابي ناصر، وإعرابي زنتوت، وزنتوت الشهير بالعريس.

وقد أكد السيد وليد العريس من موظفي جامعة بيروت العربية، بأن أصل أسرة العريس من آل ناصر زنتوت المغاربة.

ومما يلاحظ، أنه بالرغم من شهرة أسرة زنتوت في صيدا المحروسة، غير أن فرعاً منها يعود توطنه في بيروت المحروسة منذ العهد العثماني باعتبار أن آل زنتوت وناصر من جذور عائلية واحدة، وكان لها وجود قوي في باطن بيروت داخل السور، وفي خارجه، وكان للأسرة محلة باسمها، وأوقاف إسلامية باسمها في بيروت خدمة للمسلمين. ومن أبرز أجداد الأسرة السيد أحمد ابن الشيخ ناصر زنتوت الذي ورد اسمه في وثائق ودعاوى وسجلات المحكمة الشرعية منذ منتصف القرن التاسع عشر، كشاهد أساسي من شهود الحال على الكثير من القضايا بين البيارتة وعمليات البيع والشراء منهم. كما ورد اسم السيد أحمد ناصر زنتوت في قضايا وقفية إسلامية.

وأشارت وثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة إلى السادة: الحاج مصطفى زنتوت، والحاج محمد ابن الشيخ عرابي ناصر زنتوت صاحب أرض في سهل مقام سيدي الخضر أبو العباس في الكرنتينا خارج بيروت المحروسة، وذلك عام 1259هـ. وحسن ناصر زنتوت، ومحمد ناصر زنتوت. وقد أعطي أحدهم الشيخ حسن ناصر زنتوت لقب «عمدة المشايخ الكرام» وهو أحد شهود الحال على وقف السيدة «فخر المُخْدِرَات الكرام الحاجة أسما بنت المرحوم عمدة التجار الكرام السيد قاسم درويش» مع الشاهدين الكبيرين «سيدنا ومولانا افتخار العلماء الكرام السيد الشيخ محمد الحوت» و«فخر الطلبة الكرام الشيخ عبد الباسط الفاخوري...». وتشير وثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة، بأن الشيخ حسن أفندي ابن الشيخ ناصر زنتوت، كان من مواليد بيروت عام 1215هـ ـ حوالى 1800م في محلة باب الدباغة، لذا طالب بتثبيته إماماً لخمس صلوات في جامع الدباغة في باطن بيروت.

ويلاحظ، بأن اسرة زنتوت في بيروت المحروسة من أقدم الأسر البيروتية بدليل أن السيد أحمد زنتوت كان منذ عام 1720م شهبندر تجار بيروت، وكان عبد آغا ابن الحاج حسن القصار (دزدار قلعة بيروت عام 1720م) صهراً لأحمد زنتوت. إن بعض أفرادها كانوا من مواليد بيروت في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، من بينهم الشيخ حسن ابن الشيخ ناصر زنتوت، ونظراً لقدم هذه ألأسرة، وما تملكه من عقارات في باطن بيروت، فقد أطلق على منطقة فيها اسم «محلة زنتوت داخل المدينة المزبورة». كما أشار السجل 1263 ـ 1265هـ إلى وقف مهم من أوقاف السيد أحمد ناصر زنتوت، ووقف قديم باسم السيد أحمد ناصر زنتوت عام 1133هـ ـ 1720، ووقف الحاج أحمد بن حسن زنتوت الشهير بالعريس بتاريخ 1219هـ ـ 1804م. كما أشار السجل 1276 ـ 1278هـ، إلى أملاك آل زنتوت في زقاق السلالم في محلة المقسم. واشار السجل 1297 ـ 1298هـ، إلى أوقاف أولاد الشيخ ناصر (زنتوت) الكائنة في محلة باب السراي في باطن بيروت، بالقرب من جامع السراي (الأمير منصور عساف). كما يشير السجل نفسه إلى أملاك الشيخ محمد ابن الشيخ إعرابي بن الشيخ حسن ناصر زنتوت في محلة رجال الأربعين في باطن بيروت المحروسة بالقرب من وقف الطائفة المارونية. واشار السجل 1279هـ إلى أملاك ورثة السيد بشير زنتوت في ساقية الجنزير. كما أشار السجل 1297 ـ 1298هـ رقم (258) إلى دكان قرب سبيل السمطية ملك الشيخ محمد ابن الشيخ إعرابي ناصر زنتوت.

ومما يلاحظ أن جميع أفراد أسرة ناصر زنتوت كانوا يلقبون بلقب «السيد» وهذا، ما أشارت إليه جميع وثائق المحكمة الشرعية، مما يؤكد على النسب الشريف الذي ينتسبون إليه.

من جهة ثانية، فقد استمرت أسرة زنتوت في الصعود في بيروت وصيدا في الميادين الشرعية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية، وممن برز فيها في أواخر القرن التاسع عشر السيد محمد عبد الهادي زنتوت، والسيد عبد السلام زنتوت، وهما عضوان مؤسسان لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في صيدا، والسيد هلال زنتوت أحد رجال الأعمال والسيد عز الدين زنتوت أحد وجهاء صيدا.

كما برز في أواخر القرن التاسع عشر في بيروت المحروسة السيد محمد ناصر زنتوت رئيس المجلس البلدي لبيروت المحروسة عام 1892، كما برز في بيروت المحروسة عام 1913 الحاج نصوح زنتوت عضو جمعية بيروت الإصلاحية الذي قام بدور بارز في الحياة السياسية والإصلاحية في ولاية بيروت في العهد العثماني. كما أسهم الكثير من أسرة ناصر زنتوت في تطور ونهضة بيروت المحروسة طيلة عهد الانتداب الفرنسي وعهود الاستقلال، وقد برز أفراد الأسرة في الميادين الاقتصادية والتجارية والاجتماعية والسياسية وسواها.

وبرز من الأسرة الشيخ سليم ناصر إِمام جامع الأمير عساف (السراي) في باطن بيروت، والشيخ نجيب ناصر ونجله محمد نجيب ناصر عضو مجلس بلدية بيروت الأسبق، والشيخ محمد ناصر صاحب المدرسة المسماة باسمه، والشيخ سليم ناصر إِمام مسجد عين المريسة، ومختار ناصر أحد رجالات الحركة الوطنية في العهد العثماني وعهد الانتداب الفرنسي، كان عضواً فاعلاً في جمعية بيروت الإصلاحية عام 1913، الأمر الذي أدى إلى اعتقاله من قبل السلطات العثمانية. وكان في عام 1918 مسؤولاً وعلي سلام عن مستودع الأسلحة والذخيرة المودعة بأقبية السراي الكبير، وذلك بعد خروج العثمانيين من بيروت. وكان مختار ناصر أحد المعاونين لعمر بك الداعوق وسليم علي سلام وأحمد مختار بيهم عند إعلان الحكومة العربية الأولى في دمشق وبيروت عام 1918. (أنظر: د. حسان حلاق: مذكرات سليم علي سلام، ص 36، 48، 50، 163).

وعرف من الأسرة في التاريخ الحديث والمعاصر الشهيد طلال ناصر (ت 2005) مرافق الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي استشهد معه في 14 شباط 2005، والسيد عبد الحميد ناصر شريك دار نشر «دار الطليعة» مع الدكتور بشير الداعوق وفيما بعد صاحب «دار البحر المتوسط»، ثم عين منذ عام 1990 مسؤولاً في صندوق المهجرين، ثم في جمعية التنمية الاجتماعية التابعة لمؤسسات الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو في الوقت نفسه عضو مؤسس لتجمع بيروت، وأحد الناشطين في الميادين الاجتماعية والسياسية. وأحد المسؤولين والقادة لسنين طويلة في جمعية الكشاف المسلم. وقد ترك مذكرات تاريخية مهمة، نشرها عام 2010 بعنوان «صفحات من الذاكرة»

وبرز من الأسرة السيد نجيب ناصر عضو جمعية المقاصد الخيرية والمراقب العام المالي لبلدية بيروت، المتوفى في كانون الأول عام 2009، وشقيقه زهير ناصر صاحب شركة مستشفى الأطباء في بيروت وحائز على وسام الاستحقاق اللبناني برتبة فارس، وشقيقه السيد رياض ناصر مدير بنك إِنترا سابقاً (المشرق) الذي أسهم إسهاماً بارزاً في دعم المقاصد ومستشفى البربير أثناء إدارته للبنك، كما برز توفيق وأنجب منير الرئيس الفخري لـ «راديو اوريان» سابقاً وناجي وأنيس.

كما برز أشقاء عبد الحميد ناصر ومنهم علي ناصر ومحمد عصام ناصر تاجر الأدوات المنزلية والهدايا الفضية والبورسلان سواء في باطن بيروت أو في سوق مار إلياس أو في منطقة الطريق الجديدة.

ومما يلاحظ، بأن بيروت وضواحيها لا سيما الشياح وبرج البراجنة قد شهدت أسرة ناصر الشيعية، وقد عرف منها القاضي حمود ناصر، ونجلاه القاضي عبد الله ناصر، وحكمت ناصر أحد المسؤولين في وزارة الخارجية اللبنانية، والمهندس أحمد عباس ناصر. كما شهدت بيروت أسرة ناصر من أصل كردي، وأسرة ناصر من أصل فلسطيني، وهما من منطقة الطريق الجديدة، فضلاً عن أسر ناصر السنية في بيروت وصيدا وعكار وناصر المسيحية.

كما لاحظت من خلال تتبعي لدراسة العائلات عن وجود أسرة ناصر الحركة وعرف منها: السيد أحمد علي ناصر الحركة، والسادة عبد العزيز، وعلي ونبيل وسواهم، كما عرفت أسرة باسم ناصر الحسيني، وقد عرف منها السيد محمد حسين ناصر الحسيني، والسيد محمد علي ناصر الحسيني وسواهما.

وعرف من أسرة ناصر السادة: إبراهيم، أحمد، إدوار، إلياس، أمين، بسام، بيار، جمال، جميل، جوزيف، حسان، حسن، حسين، خالد، خليل، رشيد، رفيق، زكريا، سامي، سليم ناصر، سميح، سمير، سهيل، شفيق، صلاح، طارق، عبد الجليل، عبد الرحمن، عبد اللطيف، عبد الله، عبد المطلب، عدنان، عمر، عوني، علاء الدين، غسان، فادي، فرنسوا، قاسم، كامل، محمد، محمود، مصطفى، منير، ميشال، ناصر ناصر، نبيه، نديم، نصوح، هاشم، وجيه، وليد، يوسف ناصر وسواهم.

وناصر، بالإضافة إلى أنها إحدى قبائل العرب، فهي لغة من أسماء الله الحسنى، فهو الناصر لدين الله، وقد أطلق لقب ناصر على الكثير من أولاد العرب والمسلمين مثل اسم الرئيس الخالد جمال عبد الناصر.

وزنتوت لغة واصطلاحاً تأتي بعدة معانٍ منها:

1- زنتوت: الشاب الفخور، وهو لقب لجد آل ناصر.

2- زنتوت: الصاوي زنتوت، لقب للشاب وللرجل القوي الصاوي.

3- زنتوت الصاوي: الرجل الذي يثور ويرتفع عن الأرض.

4- زنتوت الصاوي: لقب للنخيل الذي يفتقر إلى السائل.

5- زنتوت: نسبة إلى قبيلة الزناتية.

6- زنتوت: نسبة إلى مدينة زنتان إحدى أقدم المدن الليبية.

 

الشيخ سليم ناصر زنتوت (العريس) في القرن الـ19