الفصل الثالث

رابعاً: دور مؤسسات الرعاية الاجتماعية (دار الأيتام الإسلامية) في تنمية المجتمع اللبناني:

عاشت بيروت المحروسة في الحرب العالمية الأولى 1914-1918 في ظل ظروف سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية على غاية من الصعوبة. فقد انتشر الفقر والمرض والجهل، وانتشرت المجاعة، وتكاثرت الأرامل والثكالى والأيتام نتيجة مشاركة أبناء بيروت جنوداً مع حروب الدولة العثمانية. وبسبب هذا الوضع المأساوي فقد تنادت بعض سيدات ورجال المجتمع البيروتي من الأسر البيروتية لتأسيس ميتم يكفل حماية هؤلاء الأيتام والأمهات من التشرد.

غير أن الدولة العثمانية قامت عام 1917 باستقبال الأمهات والأبناء الأيتام في ثكنة عسكرية عثمانية بالقرب من منطقة زقاق البلاط، وقامت بالرعاية المطلوبة. غير أن سقوط الدولة العثمانية عام 1918 وسيطرة فرنسا على البلاد، دعت الأسر البيروتية ومنها أسر: سلام، بيهم، الداعوق، عيتاني، طبارة، طيارة، سنو، قباني، نجا، جبر، الحص، الصلح، قرنفل، اليافي، الجارودي، قريطم للعمل على تأسيس "الميتم الإسلامي" عام 1922 لإيواء الأيتام من جديد في مبنى متواضع ثم اسئتجاره في منطقة برج أبي حيدر. ونظراً لعطاءات الميتم ونشاطاته الاجتماعية فقد اعترفت به السلطات الفرنسية بموجب مرسوم جمهوري صدر عام 1929، واصبح اسمه "دار الأيتام الإسلامية".

ونظراً لاقبال العديد من الأيتام على الدار وضيق المكان في منطقة برج أبي حيدر، فقد قررت دار الأيتام في الثلاثينات من القرن العشرين التوسع باتجاه منطقة الطريق الجديدة وعلى مساحة قدرت بعشرة آلاف متر مربع، في التلة التي عرفت على مر العصور "تلة زريق". وقد تبرع بهذه الأرض جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت في عهد رئيسها رجل الخير والعطاء عمر بك الداعوق، وعلى تلك المساحة بنيت الدار التي افتتحت عام 1933.

 وفي المباني الجديدة تم تأسيس العديد من المنشآت التابعة للدار منها على سبيل المثال:

  1. المنتدى للنشاطات الثقافية والفكرية والاجتماعية والكشفية 1933.
  2. دار الطفولة أو مبنى سليم ادريس عام 1933 لرعاية الطفولة.
  3. دار الأخوة أو دار الحاج سعد الدين فروخ عام 1945 لرعاية الأخوة.
  4. دار الفتاة أو مبنى محمد علي بيهم عام 1948.
  5. دار اللقطاء ابتداء من عام 1949.
  6. دار السعادة أو مبنى رياض الصلح عام 1950.

والأمر اللافت للنظر، إن دار الأيتام الإسلامية شهدت مفصلاً تاريخياً هاماً في ميادين العطاء والتضحيات والتوسعات الإنشائية مع تولي الأستاذ محمد بركات عام 1960 مسؤوليته كمدير عام للدار وللمؤسسة، بحيث تحولت من مؤسسة متواضعة الأداء، تقليدية الخدمة، إلى مؤسسة شهدت التحديث والتطوير. وما يلفت النظر أيضاً إن دار الأيتام الإسلامية التي أنشئت خصيصاً للأيتام البيارتة، فإذا بها تستقبل الأيتام وما في حكمهم من جميع المناطق والطوائف اللبنانية دون تمييز في مناطقهم وطوائفهم ومذاهبهم.

وبالفعل، ففي عام 1975، تحولت "منشأة الدوحة" بعد توسيعها إلى مجمع يضم ثلاث مؤسسات متخصصة بالاعاقات الجسدية والحسية. فكان أول توسع بعد المؤسسة المتخصصة لرعاية الصم، هو "مؤسسة الهدى للمكفوفين". والأمر اللافت للنظر أن أول خمسة مكفوفين استقبلتهم المؤسسة، كانوا من مدرسة بعبدا للمكفوفين.

وفي عام 1980 طرأ توسع جديد في المؤسسة، تمثل بإنشاء "مؤسسة التربية الخاصة للمعوقين جسدياً". ونظراً للحرب اللبنانية بين أعوام 1975-1990، ونظراً لتدمير إسرائيل عام 1982 بعض منشآت مؤسسة الرعاية الاجتماعية – دار الأيتام الإسلامية – لا سيما في دوحة عرمون، فقد تضاعف الطلب على المؤسسة نتيجة للأوضاع الاجتماعية والمأساوية التي مر بها لبنان. وبما أن الحرب اللبنانية كان من نتائجها مئة ألف قتيل، وأكثر من مئة ألف معوق، وحوالي مليون مهجر، فقد كان من نصيب دار الأيتام الإسلامية كمؤسسة رائدة استقبال العديد من الحالات الناتجة عن الحرب اللبنانية. وذلك في مؤسساتها التالية:

  1.  دار الأيتام الإسلامية في منطقة الطريق الجديدة.

  2.  مبرة محمد رمضان في منطقة الامام الأوزاعي.

  3. مؤسسة الدوحة في عرمون.

  4.  مركز الأمان لرعاية الأمهات والأرامل.

وفي هذه الفترة، رأت المؤسسات أهمية إضافة مبان جديدة في مركزها الرئيسي في منطقة الطريق الجديدة، تلبية لمتطلبات المجتمع اللبناني. وقد استطاعت المؤسسات من تحمل المزيد من الأعباء الاجتماعية، وتوفير الرعاية والتأهيل والتدريب والتعليم والغذاء والكساء والعناية الصحية لمختلف الفئات الاجتماعية. وكانت مرحلة الثمانينات مرحلة هامة يمكن أن يطلق عليها "مرحلة النهوض والتميز" بسبب انشاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية – دار الأيتام الإسلامية عدة مؤسسات هامة في مقدمتها:

العمر المديد، المنتدي، مركز استقطاب الحاجات، مجمع الخيرات، دار الحضانة، مركز أشغالنا، مؤسسة إقليم الخروب الاجتماعية، قصر الأطفال، المجاد والزاهر، والعمر المديد لخدمة المسنين. وفي منطقة رأس بيروت ثم افتتاح "المنتدي" عام 1987 في منطقة رأس بيروت كمركز للأنشطة الحضارية والثقافية والعلمية والإنسانية. كما أنشأت المؤسسات "دار المتخلفين عقلياً" في منطقة بئر حسن، و"صرح الخيرات" عام 1991، و"دار الحضانة" عام 1993، و"قصر الأطفال لتنمية المواهب والقدرات الإبداعية" عام 1994 وسواها.

في هذه المرحلة في عام 1990 كانت قد بدأت ذيول الحرب تنجلي، والبلاد تنفض عنها غبار الدمار والأضرار التي ألحقت بالبلاد والعباد، وكان على عاتق المؤسسات أعباءً اجتماعية جمة. هذا فضلاً عن تبلور التخصص العلمي في الأعمال كافة ولا سيما في صميم خدمات الرعاية والتربية والتعليم والتأهيل.

ومن المشكلات التي واجهت المؤسسات، تزايد عدد المتخلفين عقلياً، وكانت زيادة عدد الأمهات العاملات وبالتالي عدد الأطفال المتروكين من دون رعاية أثناء عمل الأم. ولهذا قامت المؤسسات باستحداث خدمات متخصصة أكثر فأكثر برعاية المتخلفين عقلياً وتأهيلهم، فتم إنشاء: مركز رأس النبع، ومؤسسة شملان، ومركز وادي الزينة. في العام 1993، كانت مؤسسات الرعاية تبحث عن مكان هادئ لتركيز خدمات التنمية الفكرية للمتخلفين عقلياً – ولا سيما أن الضغط على خدمات مركز رأس النبع للإعاقات التعلمية كانت في تزايد مضطرد. وكان في شملان معهد الشرق الأوسط للغات والدبلوماسيين الذي أقفل أبوابه مع بداية الحرب اللبنانية. موقعه المناسب دفع بالمؤسسات لشرائه وتحويله إلى مؤسسة متخصصة أطلق عليها اسم "منشآت الرجاء والأمل" حسب رغبة المجموعة الكريمة من المغتربين اللبنانيين والسوريين التي موّلت إعادة إنشائه، وكان افتتاحه الرسمي في العام 1998، بعد أن كان قد بدأ فعلياً عمله السامي قبلها بسنوات. أما مركز وادي الزينة فقد بدأ خدماته الفعلية في رعاية المتخلفين عقلياً اعتباراً من العام 1997، وكان تقدمة من رجل أعمال خير وقدير قدمه للمؤسسات هبة باسم حرمه المصون. سبق واشرنا أن الحاجة الثانية التي طرأت في تلك الفترة كانت تزايد عدد الأمهات العاملات، وبالطبع كان ذلك نتيجة تزايد الأعباء الاقتصادية على كاهل الأسرة. فما كان من المؤسسات إلى أن بادرت بافتتاح سلسلة حضانات داخل أحياء بيروت شعارها "حضانة على مر الساعة" تستقبل الأطفال من عمر يوم حتى خمس سنوات، تؤمن لهم الرعاية الغذائية والصحية والتعليمية والتربوية في بيئة صحية ومناسبة لنمو الطفل السليم. حضانة الموئل هي ثاني هذه السلسلة وقد افتتحت في العام 2000، أي بعد أن امتلأت بالخدمات والأطفال الذين ترعاهم.

وبكلمة موجزة، فإن مؤسسات الرعاية الاجتماعية – دار الأيتام الإسلامية – وبفضل الأسر البيروتية واللبنانية والعربية وفي مقدمتها أسرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري التي تبرعت بأكبر مبلغ تلقته المؤسسات منذ تأسيسها إلى اليوم من جهة واحدة، وهو تسعة ملايين دولار أميركي، انشيء بواسطته "مجمع نازك الحريري" في دوحة عرمون، وبفضل جهود رئيس وأعضاء عمدة دار الأيتام الإسلامية، استطاعت المؤسسات والدار النهوض والتطور واداء رسالتها خير أداء لأفراد المجتمع اللبناني والعربي على السواء. ولم تقتصر خدمات المؤسسات على رعاية الأيتام فحسب، كما كانت في السابق، بل أنها تؤدي كل ما يلبي ويحل المشكلات الاجتماعية في جميع أنحاء لبنان، مما جعلها تسهم فعلاً بتنمية المجتمع اللبناني.

وفيما يلي الدور والمراكز والمؤسسات والمدارس التابعة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية – دار الأيتام الإسلامية – والموزعة في أنشطتها الاجتماعية والانسانية والصحية والتربوية في مختلف المناطق اللبنانية، وهي التالية:

14 داراً لرعاية الأيتام

1933 دار الطفولة
1945 دار الأخوة
1948 دار الفتاة
1950 دار السعادة
1967 مركز التكفل
1968 مبرة محمد رمضان-الأوزاعي
1970 دار الشباب
1977 مدرسة دار الأيتام الإسلاميّة
1993 حضانة الخيرات
1993 مبرة القرآن الكريم
1994 قصر الأطفال
1998 مؤسسة إقليم الخروب الإجتماعية
2002 بوابة الأوزاعي الخيريّة
2002 مؤسسة النبراس-البقاع

5 مؤسسات مهنية للحالات الاجتماعية الصعبة

1968 مؤسسة بيروت المهنيّة
1992 المتقن للعمل الإنساني
1994 الماجد للعمل الإجتماعي
1996 المجال التربوي-مبنى سليم إدريس
2005 مؤسسة النبراس الزراعيّة-البقاع

6 مؤسسات لإنماء القدرات الإنسانية للمعوقين

1977 مؤسسة البيان للصم
1978 مؤسسة الهدى للمكفوفين
1980 مركز التربية الخاصة للمعوقين جسدياً
2000 روضة متعددي الإعاقات
2001 نادي البيان للصم
2003 مركز الدوحة المهني

5 مؤسسات للتنمية الفكرية للمتخلفين عقلياً

1974 مؤسسة التنمية الفكريّة
1997 مركز رأس النبع
1998 مؤسسة شملان للرعاية الإجتماعيّة
1998 مركز وادي الزينة
2003 مركز عهد المهني

7 مراكز للعون والرعاية الأسرية

1961

المركز الصحي للوقاية والعلاج

1981

الأمان للأرامل وأطفالهن

1991

الخيرات للعون الاجتماعي

1996

مركز التدخل الأسري المبكر

2001

حضانة الموئل – الطريق الجديدة

2005

الحضانة العمرية – رأس النبع

2006

مؤسسة تمكين المرأة

مؤسستان للمسنات والمسنين

1986

نادي العمر المديد

1992

مؤسسة العمر المديد للسكن الاجتماعي

8 مؤسسات للنهوض الاجتماعي

1970

مركز التغذية المتكاملة والخدمات

1986

مركز استقطاب الحاجات

1986

مركز أشغالنا

1987

المنتدى للبيئة والبحوث والتدريب

1994

الزاهر – المقر العام

1998

الحاضرة للعمل الاجتماعي

2001

مركز الغداة لتعليم الكومبيوتر

2004

وحدة المساندة والتنمية

3 قيد البناء والإنجاز

2006

مؤسسة عكار الاجتماعية – بيت الحوش

2007

مؤسسة الجنوب الاجتماعية – العرقوب

2008

مؤسسة القبة الاجتماعية - خلدة

وبعد هذا العرض للاسهامات والانجازات الاجتماعية التي تقوم بها المؤسسات، لا بد من كلمة وفاء وتقدير لرئيس عمدة مؤسسات الرعاية الاجتماعية على جهودهم الدؤوبة من أجل نهضة المجتمع البيروتي واللبناني، وهم السادة التالية أسماؤهم:

  •  فاروق جبر            رئيس العمدة

  • بهيج طبارة             نائب الرئيس

  • خالد قباني              امين السر

  • محمد غندور           امين المال

  • محمد بركات            المدير العام

الأعضاء:

سليم الحص، فؤاد البزري، وفيق سنو، محمد الجارودي، سامي الحسامي، محمد غزيري، بشير البيلاني، نجيب الخطيب، مصطفى العوجي، حسن الطويل، بسام بدران، إبراهيم الهبري، عارف اليافي، ندى سلام نجا، نبيل قرنفل، حسن قريطم، وليد الداعوق، فؤاد السعيد، عمرو نحاس، سليم الجعلي.

أعلى الصفحة