الفصل التاسع والأخير

عاشراً: دور الرئيس الشهيد رفيق الحريري في تنمية المجتمع اللبناني:

من المعروف أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري (1944 – 2005) من مواليد صيدا عام 1944 ، ومنذ أن كان فتى يافعاً حصل على الثانوية العامة المصرية عام 1963 ، وفي العام الدراسي 1963 – 1964 التحق طالباً في كليـة التجارة في جامعـة بيروت العربيـة في فترة المد الناصري والمد القومـي العربي ، وفي السنة الثالثـة 1965 – 1966 ، وبسبب انشغالـه في وظيفته في المملكة العربيـة السعودية ، فقد انقطع عن الدراسـة ولم يتابع دراسته ، وكان ذلك مؤلماً لـه ، وبقيت متابعة الدراسـة الجامعية حلمـاً وأملاً ، عمل فيما بعد على تحقيقـه ليس من خلال أولاده وأقاربـه فحسب ، وإنما أيضاً مـن خلال الطلاب الجامعيين اللبنانيين أينما كانوا وإلى أيـة طائفـة انتموا . لهذا فقد حرص على دعم وتطوير المدرسة الأولى المقاصدية التي تلقى فيها علومه الابتدائية في مدينة صيدا. ويرى الكاتب الألماني توماس شيللين في كتابه "الحريري الظاهرة – الإنسان ورجل الدولة " من " أن قيمة التبرع في وقتها كانت تشكل نصف الثروة التي جناها رفيق الحريري ...".

وفي الفترة الممتدة بين أعوام 1967 – 1977 كان يتردد على عواصم العالم، فلم يكتسب خبرة عملية فحسب، بل حرص في هذه الفترة على إتقان اللغتين الإنكليزية والفرنسية، كما اكتسب خبرة عالمية، وكان في هذه الفترة يتردد على لبنان، ويقدم المساعدات المالية تبعاً لإمكانياته المادية التي بدأت تتنامى في هذه الفترة. وانطلاقاً من إيمانه بأن النهضة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لا يمكن أن تنطلق إلا بواسطة العلم، لهذا أقام منذ عام 1987 صرحاً تربوياً وعلمياً وصحياً ضخماً في منطقة صيدا – كفرفالوس على أن يضم مستشفى وجامعة للعلوم التطبيقية، وقدرت كلفة المشروع بين 280 – 300 مليون دولار أميركي، وقبل أن تقوم إسرائيل بتدمير مجمع كفرفالوس إبان اجتياحها لجنوب لبنان عام 1982، كان قد صرف على المشروع أكثر من (150) مليون دولار أميركي. وبذلك حاولت إسرائيل الحد من آمال وحلم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولو إلى حين. لقد بدأ يتطلع رفيق الحريري إلى الشباب اللبناني ومستقبله في ظل استمرار الحرب اللبنانية فأسس منذ عام 1979 في صيدا "المؤسسة الإسلامية للثقافة والتعليم العالي" وهي التي تحول اسمها في بيروت عام 1984 إلى "مؤسسة الحريري" التي هدفت إلى إرسال البعثات العلمية إلى حوالي مئة جامعة في أوروبا وأميركا وكندا وجامعات الدول العربية، فضلاً عن مساعدة طلاب الجامعات في لبنان دون تمييز في طوائفهم أو مناطقهم.

ولقد عبّر الرئيس رفيق الحريري عن رأيه في الإنسان والعلم بقوله: "إن أملي في فتح أبواب الجامعات والمعاهد العليا أمام المواهب والكفاءات المغمورة، كان الحافز وراء إنشاء المؤسسة، فالإنسان هو ثروة لبنان الأساسية، والعناية بالإنسان اللبناني تعليماً وتثقيفاً وتنويراً هو الوسيلة الأفضل لبناء لبنان".

لقد استفاد من قروض "مؤسسة الحريري " بين أعوام 1984 – 2003 حوالى (32) ألف طالب وطالبة في الجامعات اللبنانية وجامعات الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأيضاً جامعات فرنسا وأوروبا ودول شمال أفريقيا.

بين هؤلاء الطلاب (4500) مهندس، وأكثر من (1600) طبيب، فضلاً عن متخرجين في مختلف التخصصات العلمية والهندسية والاقتصادية والحقوقية والتقنية والزراعية والعلوم السياسية والفنون، وحوالي (700) منهم نالوا شهادة الدكتوراه. بالإضافة إلى قروض منحت لـ 2800 طالب اقتصرت دراستهم على اللغة الإنجليزية، بما فيهم بعض علماء الدين، إيماناً منه بأهمية معرفة اللغات الأجنبية لرجال الدين.

وبالفعل، فقد بدأ المجتمع اللبناني يتعرف إلى الرئيس رفيق الحريري تباعاً من خلال إنجازاته العديدة الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والتربوية، فعمد إلى شراء المدارس الأجنبية التي بدأت تقفل في بيروت هرباً من الحرب اللبنانية، ومن بينها مدارس إيطالية وفرنسية وبريطانية، وحرصاً منه على أن لا تتحول بيروت إلى "قرية" حافظ على هذه المدارس وأضاف إليها مدارس جديدة تلبية لحاجات المجتمع البيروتي واللبناني. وقد قامت هذه المدارس – وما تزال – بدور علمي ونهضوي بارز. ويأتي في مقدمتها:

(1) مدرسة ليسيه عبد القادر في بيروت .

(2) ثانوية الحريري الثانية في بيروت ( المدرسة الإنجيلية الوطنية ) .

(3) مدرسة الحريري الثالثة في منطقة الطريق الجديدة في بيروت .

(4) ثانوية رفيق الحريري في صيدا .

(5)  مدرسة الحاج بهاء الدين الحريري في صيدا .

(6) إنشاء مدرسة عائشة أم المؤمنين في صيدا تابعة لجمعية المقاصد صيدا .

(7) ثانوية حسام الدين الحريري تابعة لجمعية المقاصد صيدا .

(8) جامعة الحريري في منطقة المشرف ( جامعة الحريري – الكندية ) .

بالإضافة إلى دعم الرئيس رفيق الحريري لمقاصد صيدا، فقد دعم جمعية المقاصد في بيروت بإسقاط 35 مليون دولار من ديونها لبنك البحر المتوسط الذي يملكه الرئيس الحريري، وإقناع باقي المصارف بإسقاط بقية مديونية جمعية المقاصد .

وكان الرئيس يتصل يومياً من الرياض بمسؤولي "مؤسسة الحريري " ليستطلع وليطمئن على أعداد المقبولين المبعوثين في بعثات علمية إلى الخارج، لأن الحرب اللبنانية امتدت على سنوات، وتناقضت وتعددت أهدافها وأبعادها وبات الشباب اللبناني في ضياع، وبات الوضع الاقتصادي أكثر صعوبة، بحيث بات من المتعذر أن يتابع الطلاب علومهم في لبنان، فكيف لهم أن يتابعوها في الخارج؟ لهذا كان الرئيس رفيق الحريري، يعلم تماماً أن الحرب اللبنانية ستنتهي في يوم من الأيام، ولابد لهذا الوطن الجريح من أن يجد كوادر شابة في مختلف التخصصات عند انتهاء الحرب. وفي الوقت نفسه، كان الرئيس يعلم تماماً بأن مرحلة ما بعد الحرب اللبنانية تحتاج إلى الإصلاح والتحديث وتقنيات حديثة وإدارة عصرية، ورأى أن مثل هذا الإصلاح والتحديث لا يمكن أن يتم إلا بواسطة البعثات العلمية التي تحمل معها من الغرب جميع أنواع التحديـث والتكنولوجيـا المتطورة. لهذا كان يشجـع مسؤولي "مؤسسة الحريري" على قبول المزيد من طلاب الجامعات والدراسات العليا.

وكان الرئيس الشهيد – رحمه الله – معجباً بوالي مصر محمد علي باشا، ومؤمناً بما أقدم عليه في القرن التاسع عشر. ورأى أن مصر الحديثة مدينة بنهضتها العلمية والثقافية إلى البعثات العلمية التي أرسلها محمد علي باشا في القرن التاسع عشر إلى أوروبا، وأن لبنان سيكون مديناً بنهضته الحديثة إلى الشبان المبعوثين إلى الخارج وفي الداخل. ولم يسجل التاريخ الحديث والمعاصر مبادرة فردية أو حكومية، كمبادرة الرئيس الشهيد الذي أرسل بعثات علمية إلى الخارج قدر عدد المستفيدين منها بأكثر من (32) ألف طالب من مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية بلغت تكاليفها أكثر من ملياري وأربعمائة ألف دولار أميركي، وقد قدرت هذه التكاليف بما نسبته أكثر من نصف ثروة الرئيس الحريري آنذاك وبمعنى آخر، فإن ما قدمه الرئيس رفيق الحريري منفرداً في هذا المجال، هو أكثر مما قدمته الدول العربية مجتمعة في الفترة ذاتها. وكان يؤمن بأن حركة الإصلاح والتحديث ينبغي أن تقوم على عدم التفرقة بين المواطنين، فلم يفرق بين المسلمين والمسيحيين، ولم يفرق بين اللبناني والأرمني والكردي، فالجميع متساوون أمام القانون وفي المواطنية. بل إنه لم يتردد مطلقاً – مثل محمد علي باشا – بإرسال العلماء من رجال الدين الإسلامي للتعلم في عواصم الغرب لاسيما باريس. وكان يحرص على تحصيل هؤلاء للعلم الحديث بما فيه اللغات الأجنبية، إلى جانب علومهم الشرعية، كي تنعكس علومهم وانفتاحهم إيجاباً على مجتمعهم وعلى المجتمع اللبناني والعربي، تماماً كما فعل محمد علي باشا عندما أرسل إلى باريس رفاعة رافع الطهطاوي في مقدمة البعثات العلمية.

وكعادته، وبدون إعلان، فقد دعم الجامعات العاملة في لبنان، للحفاظ على أدائها ومستواها العلمي، ويكفي أن نذكر مثالاً واحداً متمثلاً في دعمه لصمود الجامعة الأميركية في بيروت، نظراً للمعاناة التي مرت بها من قتل لعمدائها وأساتذتها، لذا أرسل حوالي (85) أستاذاً لبنانياً من حملة الدكتوراه من بيروت إلى الولايات المتحدة الأميركية للالتحاق في معاهد إعداد الأساتذة، لإعدادهم إعداداً تربوياً وتأهيلهم علمياً، بحيث يصبح بإمكانهم بعد عودتهم إلى الجامعة، سد الفراغ العلمي الذي أحدثه هجرة الأساتذة الأجانب. وبالفعل فقد عاد هؤلاء الأساتذة، واستطاعوا أن يسهموا في صمود الجامعة الأميركية في بيروت، واستطاعوا أن يسهموا في خدمة الطلاب اللبنانيين إسهاماً بارزاً وواضحاً .

ولم يرَ الرئيس رفيق الحريري تناقضاً بين دعم الشباب اللبناني في مسيرة العلم والتعلم، وفي دعم الشباب اللبناني في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، فقد كشف السيد محمود كوكش – صديق الرئيس الحريري – في 14 شباط 2006 معلومات سرية تعلن للمرة الأولى، مؤداها أن الرئيس الحريري اتفق معه سراً على إنشاء فرق مقاومة سرية ضد الاحتلال الإسرائيلي عام 1982، وقد أنشئت هذه الفرق فعلاً، ونشطت في الجنوب وبيروت ضد المحتل الإسرائيلي، وبعض أفرادها استشهد، والبعض الآخر جرح، والبعض تعرض للأسر. كما كشف السيد كوكش من أن الرئيس الحريري قدم مساعدات للشعب اللبناني إبان اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 قدر حجمها بأكثر من حمولة مئة طائرة نقلت من قبرص إلى مرفأ صيدا بواسطة سفن حملت علم الصليب الأحمر مقابل دعم الصليب الأحمر بمبلغ ثلاثة ملايين دولار أميركي. من هنا ندرك بأن الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان يعمل في الوقت نفسه وبشكل متوازٍ في الميادين القومية والوطنية والعلمية والخيرية والإنمائية والإعمارية لا تناقض ولا تعارض فيما بينها.

لقد تحقـق حلـم الرئيس الحريـري العلمي فـي الفترة الممتـدة بين أعـوام 1984 – 2003، وهي الأعوام التي دعم فيها الآلاف من الشباب اللبناني في متابعة دراساتهم الجامعية الأولى والعليا. ومنذ عام 1990 شهد لبنان والعالم العربي عودة هذه الطاقات الشابة للإسهام في نهضة لبنان والأمة العربية. وقد اعتبر الرئيس الحريري بأن الشباب اللبناني الواعد يمثل طاقات علمية انعكست على الحاضر وستنعكس على المستقبل، ذلك لأن قسماً كبيراً من هؤلاء عملوا في مختلف قطاعات الإنتاج في لبنان، مما انعكس إيجاباً على الواقع اللبناني.

وفي الوقت الذي كان فيه الرئيس رفيق الحريري يسهر ويتابع الأوضاع العلمية والاجتماعية والاقتصادية والبعثات العلمية للشباب اللبناني، حرص على زيارة جامعته الأولى جامعة بيروت العربية عام 1985 ليجتمع مع رئيسها وأساتذتها ومجلس أمناء وقف البر والإحسان، ليقدم اقتراحات جديدة تؤدي إلى تطوير التعليم في الجامعة، وانتهى الاجتماع بتبرع سخي لشراء أرض تخصص لإقامة المستشفى الجامعي. وسأل الرئيس الحريري أكثر من مرة عن مصير سجن الرمل الملاصق للجامعة، والذي كان يحلم منذ أن كان طالباً، بأن يلغى من مكانه وتلحق أرضه إلى ممتلكات الجامعة، غير أن الفترة الممتدة بين أعوام 1960 – 1992 لم تشهد تحقيق حلم الطالب رفيق الحريري الذي حرص على تحقيقه بعد أن أصبح رئيساً للوزراء، فتحول عقار السجن عام 2004 إلى ممتلكات الجامعة بعد تسوية قانونية – بتوجيهه ورعايته – بين الدولة اللبنانية ووقف البر والإحسان .

ونظراً للإسهامات العلمية والتربوية التي قدمها الرئيس الشهيد رفيق الحريري للجامعات عامة ولجامعة بيروت العربية خاصة، فقد حرصت جامعة بيروت العربية على تكريمه عام 1994 ومنحه درجة الدكتوراه الفخرية في القانون في حفل مهيب في قاعة جمال عبد الناصر، وبحضور حشد من كبير من الشخصيات العربية يتقدمهم د. عصمت عبد المجيد، أمين عام جامعة الدول العربية ورؤساء الوزراء السابقين والوزراء والنواب ورؤساء الجامعات العربية وحشد كبير من اللبنانيين. وقد أشار الرئيس الحريري رجل الوفاء في كلمة شكر ووفاء إلى جامعته قائلاً: " ... أتذكر أياماً غالية حين كنت على مقاعد الدراسة في هذا الصرح العلمي الشامخ، في جامعة الشرفاء والملتزمين بأمتهم ونهوضها وتقدمها وأمانتها تجاه نفسها وتجاه عصرها وتجاه مستقبلها. كانت أياماً محفوفة بالصعاب، بالعطاء، حافلة بهمم شباب العرب الذين يودون أن يطووا بعزائهم ودأبهم قروناً من التردي والتراجع ليستووا على أقدامهم من جديد معرضين جباههم وسواعدهم لمنابع النور، خارجين من عهود التخلف ليمكنوا مواقعهم ومواقع أمتهم في هذا العالم الذي لا يعـتــرف إلا بالأقوياء، ولا يلين قيادته إلا لحملة العلـــم والمعرفة ".

أضاف الرئيس الحريري قائلاً: "من هذه الجامعة انطلقت مواكب النجاح لآلاف الخريجين في مختلف الاتجاهات، وهنا وجدت شخصياً مقعداً يضمني إلى هذا الصرح الكبير، وأضمه إلى وجداني الذي ينبض في هذا اليوم، في كل زاوية من زوايا الجامع، في قاعاتها، في مكتبتها، في أنديتـها، في ساحتها وفي الجوار الذي يكبر كلما كبرت جامعة بيروت العربية وتوسعت ... "

ثم لم يتردد مطلقاً في دعم جامعة بيروت العربية في مختلف المجالات، ومن بينها دعم ترخيص كليتي الطب وطب الأسنان، يوم أن أكد أن لا تراخيص لأية جامعة في لبنان، إذا لم تمنح جامعة بيروت العربية ترخيص لكليتي الطب وطب الأسنان، ثم دعم عام 2004 إنشاء كلية التمريض في صيدا، ومنحها كل الدعم مع شقيقته السيدة بهية الحريري. لهذا، حرصت جامعة بيروت العربية عام 2005 وفاء منها بشخص رئيسها أ.د. مصطفى حسن مصطفى وأسرة الجامعة أن تطلق على مجمع الكليات العملية في الجامعة اسم "مبنى رفيق الحريري" وفاء وتكريماً للرجل – الظاهرة المؤمن بالعلم والعلماء. كما حرصت جمعية متخرجي جامعة بيروت العربية وفاء منها على تكريمه عام 2006 باتخاذ عدة قرارات منها:

(1) تسمية قاعة كبرى في نادي متخرجي جامعة بيروت العربية باسم "قاعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري".

(2) تنظيم محاضرة لرئيس الجمعية د. حسان حلاق عن "الرئيس الشهيد رفيق الحريري – اسهاماته في ميادين التربية والتعليم وفي بناء الإنسان اللبناني " وتنظيم عدة لقاءات وندوات عنه.

(3) إعداد د. حسان حلاق كتاب خاص عن الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

(4) سائر وسائل الوفاء والتكريم.

ومنذ أن تولى الرئيس الشهيد رئاسة الوزراء في الفترة الأولى الممتدة بين أعوام 1992 – 1998، اهتم اهتماماً بالغاً بقضايا التربية والتعليم وإعادة تأهيل الإنسان اللبناني كقيمة وطنية. فمن المعروف أن الحرب اللبنانية دمرت الكثير من المؤسسات التربوية والجامعية، وأثرت على مستواها العلمي، لهذا وضعت حكومات الرئيس الحريري الخطط التربوية لمواكبة عصر السلم في لبنان. ويذكر الرئيس الحريري في كتابه "الحكم والمسؤولية – الخروج من الحرب والدخول في المستقبل "بأنه" أعيد تأهيل أكثـر من 1280 مدرسة رسمية، وتم تجهيز عدد كبير منها بالمعدات والمختبرات العلمية، وبوشر العمل ببناء (25) مدرسة رسمية، وتوسيع (26) مدرسة أخرى، كما قامت الحكومة بإنشاء وتأهيل (15) مستشفى وأكثر من (26) مركزاً صحياً في مختلف المناطق اللبنانية".

هذا، وقد تم إعادة تأهيل المدارس والمعاهد والمباني التابعة لوزارة التعليم المهني والتقني كافة، كما جرى التحضير لبناء (31) مدرسة مهنية وتقنية جديدة، وأعيد تأهيل مباني كلية العلوم في الجامعة اللبنانية في الحدث والفنار. كما جرى الانتهاء من بناء الجامعة اللبنانية بمختلف كلياتها في منطقة الحدث، مع الاهتمام بالمباني الجامعية في المناطق اللبنانية الأخرى، كما حرص على إقامة مبنى حديث عصري لوزارة التربية والتعليم العالي في منطقة اليونسكو، فضلاً عن تخصيص مبنى كلية الحقوق في الصنائع ليكون مكاناً للمكتبة الوطنية، بعد أن تقرر انتقال كلية الحقوق إلى مجمع الجامعة اللبنانية في الحدث .

وفي عهد الرئيس رفيق الحريري أطلقت المناهج التربوية الرسمية الجديدة التي تولاها المركز التربوي الوطني للبحوث والإنماء، والعمل المستمر لوضع برامج ومناهج حديثة للتعليم المهني والتقني. وقد أشارت التقارير التربوية أن مناطق وقرى لبنانية شهدت للمرة الأولـى وجود مدارس ابتدائيـة ومتوسطـة وثانويـة في الفتـرة الممتـدة بين أعوام 1992 – 1998. وقد بلغت حصة الإنفاق على الصحة والتربية والتعليم المهني والتقني والجامعة اللبنانية والشأن الاجتماعي والإسكان وصندوق المهجرين ما يقارب (3109) مليون دولار أميركي. وقد لحظ لمشاريع التربية الوطنية والشباب والرياضة مبلغ 2,1546 مليون دولار أميركي، كانت حصة بيروت منها 2,81 مليون دولار أميركي أي ما نسبته 8,5% من الإنفاق، وتم لحظ مبلغ 289 مليون دولار أميركي لمشاريع التعليم المهني والتقني. وبما أن الثقافة من العوامل المهمة في لبنان، فقد تم الاهتمام بها اهتماماً بالغاً، لأنها تعتبر وجهاً من وجوه لبنان الحضارية، لهذا لحظت حكومات الرئيس الحريري لمشاريعها المتنوعة (334) مليون دولار أميركي، بما فيه إعادة تأهيل المتحف الوطني وإعادة تأهيل المعهد الموسيقي وتجهيزه وإعادة تأهيل المسرح الوطني، وإنشاء مسرح تجريبي، وإعادة تأهيل مباني الجامعة اللبنانية أو المدينة الجامعية، فضلاً عن المساعدات والمختبرات التقنية، ومساعدة الباحثين والكتاب والأدباء والشعراء والموسيقيين وما في حكمهم لتنفيذ مشاريعهم الثقافية.

من جهة ثانية، وانطلاقاً من سياسة الرئيس الحريري القائمة على "الأمن التربوي" ومن إيمانه العميق بالتربية والتعليم، فقد تبين له أن الدولة اللبنانية لم تستطع منذ سنين عديدة إقامة مدارس رسمية في العاصمة بيروت التي تضم أكثر من مليون نسمة من بيروت ومن المناطق اللبنانية، مما أسهم في تعزيز المدارس الخاصة على حساب المدرسة الرسمية، فضلاً عن وجود مدارس حكومية وخاصة متداعية لا قيمة علمية لها، غير أن حكومة الرئيس رفيق الحريري استطاعت في العام الدراسي 2003 – 2004 بناء وافتتاح ما يقارب عشر مدارس حكومية في بيروت تتميز بمواصفات علمية ومعمارية مميزة، وقد استوعبت ما يقارب عشرة آلاف تلميذ وتلميذة من البيارتة ومن المقيمين في بيروت، مما خفف المعاناة الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها الأسرة اللبنانية. ومما سهّل بناء هذه المدارس الحكومية أن الأراضي التي بنيت عليها هي ملك لبلدية بيروت التي قدمتها بدورها للحكومة اللبنانية مشكورة لإقامة تلك المدارس.

وانطلاقاً من إيمانه "بالأمن الصحي والاجتماعي" فقد أسس مراكز صحية واجتماعية وتنموية في بيروت والمناطق اللبنانية، يقدم من خلالها للطبقات المتوسطة والمعوزة الخدمات المتنوعة. وكان لجمعية التنمية الاجتماعية دور أساسي في خدمة المجتمع في بيروت ولبنان.

وفي الوقت الذي قامت "مؤسسة الحريري" بدع