من بيروت الصغرى إلى بيروت الكبرى

الفصل السابع والأخير

شهدت بيروت تطوراً عمرانيّاً بارزاً، فبعد أن كانت بلدة صغرى، بدأت تخرج من ملامحها الريفيّة، إلى ملامحها المدنيّة، بل إتخذتها الدولة العُثمانيّة ابتداء من عام 1888م مقراً وعاصمة لولاية بيروت وليس لدويلة أو دولة، من هنا بدأ حجمها وعظمتها تتفاعل. لقد كانت ولاية بيروت الجنوبيّة تمتد من بيروت المركز إلى نابلس، بينما كانت ولاية بيروت الشماليّة تمتد من بيروت المركز إلى اللاذقيّة، ويحكمها والٍ عُثماني كان مقره في بيروت ويُعرف باسم (والي بيروت) واستمر هذا النظام معمولاً به حتى عام 1918م.

 

وإذا حاولنا دراسة التطور السكاني والجغرافي في بيروت الصغرى العُثمانيّة إلى بيروت الكبرى حتى عهود الإستقلال فإنه يتبيّن لنا ما يلي :

 

مساحة بيروت عدد السكان السنة
طول السور 660م عرضه 380م 6000 1772
هكتار 134 46.000 1860
هكتار 350 120.000 1912
هكتار 533 140.000 1922
هكتار 533 220.000 1932
هكتار 1056 220.000 1935
هكتار 1400 300.000 1950
هكتار 1770 450.000 1965

67,4 كلم مربع

475.000 1970

2450كلم مربع بيروت الكبرى

1.500.000 1990

 

 

والحقيقة فإن بيروت استمرت حتى أوائل القرن العشرين ثالث مدينة في الأمبرطوريّة العُثمانيّة بعد القسطنطينيّة والقاهرة. ولكن ما إن نشبت الحرب العالميةّ الأولى عام 1914م، وكان عدد سكانها قد بلغ 130.000 نسمة، حتى واجهتها بعض المشكلات الإقتصاديّة والإجتماعيّة لا سيما بعد إغلاق مينائها ومحاصرته من قبل دول الحلفاء، وبعد تدني قيمة الليرة العُثمانيّة وإنتشار المجاعة والجراد والأمراض، مما أدى مجدداً إلى إنخفاض ملموس في عدد سكانها نتيجة الوفاة ونتيجة الهجرة المضادة إلى جبل لبنان والمناطق وإلى البلدان العربيّة الأخرى وإلى بلدان الإغتراب.

 

في 31 آب عام 1920م أعلن الجنرال غورو دولة لبنان الكبير بعد أن سيطرت فرنسا عليه، وأعلنت بيروت عاصمة للدولة الجديدة، ومما زاد في أهميّة بيروت إعلان الجمهوريّة اللبنانيّة في أيار 1926م. وكان التنافس السياسي والطائفي قد انعكس على عدد السكان في بيروت ولبنان، فعندما أعلن لبنان الكبير وجرى الإحصاء السكاني الأول في لبنان عام 1922م رفض المسلمون والمطالبون بالوحدة السوريّة، الإشتراك في الإحصاء، وكان عددهم بالآلاف والتجأوا إلى سوريا ومنهم من أقام إقامة مؤقتة، ومنهم من أقام إقامة دائمة مفضلاً الوطن الأم عن الدولة المولودة. وكان عدد سكان بيروت في عام 1922م بلغ 140.000 نسمة من أصل 609.096 نسمة عدد سكان لبنان، فيما بلغ عدد سكان لبنان عام 1932م 783.415 نسمة.

 

وبالرغم من ذلك، فقد بدأت بيروت تكبر وتتسع في عهد الإنتداب الفرنسي، وبدأ الإتساع في الضواحي وشارع بلس (Bliss) حيث الجامعة الأميركيّة ومدام كوري، وقارب العمران ولامس البحر في رأس بيروت. وكانت منطقة الصنوبرة مليئة بأشجار الصنوبر فبدأت تختفي تباعاً، ثم أن منطقة ساقية الجنزير كانت حرجاً صنوبرياً كبيراً. فإذا بالعمران يقضي على هذا الحرج لتحل محله البيوت ومن ثم البنايات كما امتد العمران باتجاه الشرق نحو :

·       الأشرفيّة

·       الكرنتينا

·       الدورة

·       برج حمّود

·       سن الفيل

وامتد جنوباً نحو :

·       الطريق الجديدة

·       حرج بيروت

·       الشيّاح

·       الغبيري

·       برج البراجنة

غير أن بيروت العُثمانيّة، أي البلد، ظلت تستأثر بالكثافة السكانيّة وبالمركز التجاري والإقتصادي المميّز، بل واستمرت تقوم بهذا الدور إلى بداية الأحداث اللبنانيّة عام 1975م.