حمزة بن عبدالمطلب

 

الإمام البطل الضرغام، أسد الله، أبو عمارة، وأبو يعلى القرشيُّ الهاشميُّ المكيُّ ثم المدنيُّ البدريُّ الشهيد، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة .


قال ابن إسحاق : لما أسلم حمزة، علمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد امتنع، وأن حمزة سيمنعه، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه .

 
قال أبو إسحاق : عن حارثة ابن مُضرّب، عن علي : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ناد حمزة، فقلت : من هو صاحب الجمل الأحمر ؟ فقال حمزة : هو عتبة بن ربيعة . فبارز يومئذ حمزة عتبة فقتله .

 
عن ابن عمر قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء الأنصار يبكين على هلكاهن فقال : ( لكن حمزة لا بواكي له ) فجئن، فبكين على حمزة عنده . إلى أن قال : ( مروهن لا يبكين على هالك بعد اليوم  ).

 
عن جابر مرفوعاً : سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره ونهاه فقتله.

عن جعفر بن عمرو بن أمية الضّمري قال : خرجت وعبيد الله ابن عدي بن الخيار في زمن معاوية غازيين . فمررنا بحمص، وكان وحشيٌ بها، فقال ابن عدي : هل لك أن نسأل وحشياً كيف قتل حمزة . فخرجنا نُريده، فسألنا عنه، فقيل لنا : إنكما ستجدانه بفناء داره على طنفسة له . وهو رجل قد غلب عليه الخمر، فإن تجداه صاحياً تجدا رجلاً عربياً، فأتيناه فإذا نحن بشيخ كبير أسود مثل البغاث، (هو ضرب من الطير إلى السواد ، وهو ضعيف الجثه كالرخمة وغيرها مما لا يصيد ولا يصاد) على طنفسة له، وهو صاح، فسلمنا عليه، فرفع رأسه إلى عبيد الله بن عديّ . فقال : ابنٌ لعدي والله ، ابن الخيار أنت ؟ قال : نعم ... 

فقال : والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية التي أرضعتك بذي طوى، وهي على بعيرها فلمعت لي قدماك . قلنا : إنا أتينا لتحدثنا كيف قتلت حمزة، قال : سأُحدثكما بما حدَّثتُ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، كنت عبد جُبير بن مُطعم، وكان عمه طُعيمة بن عدي قُتل يوم بدر، فقال لي : إن قتلت حمزة ، فأنت حر، وكنت صاحب حربة أرمي قلَّما أُخطئ بها . فخرجت مع الناس، فلما التقوا ، أخذت حربتي، وخرجت أنظر حمزة، حتى رأيته في عُرض الناس مثل الجمل الأورق (الذي لونه بين الغبرة والسوادة، وسمي كذلك لما عليه من الغبار)، يهدُّ الناس بسيفه هداًً ما يُليق شيئاً (أي : لا يمر بشيء إلا قطعه)، فوالله إني لأتهيأ له إذ تقدمني إليه سِباع بن عبد العُزَّى الخزاعي، فلما رآه حمزة، قال : هلُمّ إليَّ يا ابن مُقطِّعة البُظُور ، ثم ضربه حمزة ، فوالله لكأن ما أخطأ رأسه ، ما رأيت شيئاً قطُّ كان أسرع من سقوط رأسه . فهززت حربتي، حتى إذا رضيت عنها دفعتها عليه في ثنته (أسفل البطن إلى العانة ) حتى خرجت بين رجليه . فوقع، فذهب لينوء (لينهض متثاقلاً)، فغلب فتركته وإياها ، حتى إذا مات، قمت إليه، فأخذت حربتي، ثم رجعت إلى العسكر فقعدت فيه، ولم يكن لي حاجة بغيره .


فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هربت إلى الطائف. فلما خرج وفد الطائف ليُسلموا، ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، وقلت: ألحق بالشام، أو اليمن، أو بعض البلاد، فوالله إني لفي ذلك من همّي إذ قال رجل: والله إن يقتل محمد أحداً دخل في دينه، فخرجت حتى قدمت المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : وحشي ؟ قلت : نعم . قال : اجلس، فحدثني كيف قتلت حمزة. فحدثته كما أحدثكما، فقال: (غيّب عني وجهك، فلا أرينك) فكنت أتنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان (أي أميل عنه)، حتى قُبض .


 
فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة ! خرجت معهم بحربتي التي قتلت بها حمزة، فلما التقى الناس، نظرت إلى مسيلمة وفي يده السيف، فوالله ما أعرفه، وإذا رجل من الأنصار يريده من ناحية أخرى، فكلانا يتهيأ له، حتى إذا امكنني، دفعت عليه حربتي فوقعت فيه، وشد الأنصاري عليه فضربه بالسيف، فربك أعلم أينا قتله، فإن أنا قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتلت شر الناس .

 
عن أنس قال: لما كان يوم أحد وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة وقد جدع ومثل به، فقال: (لولا أن تجد صفية في نفسها لتركته حتى يحشره الله من بطون السباع والطير)، وكفن في نمرة إذا خمر رأسه بدت رجلاه، وإذا خمرت رجلاه بدا رأسه .


عن سعد بن أبي وقاص قال : كان حمزة يقاتل يوم أحد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيفين ويقول : أنا سيف الله .