جبانة الباشورة   

تعتبر جبانة الباشورة من الجبانات الإسلاميّة القديمة، وقد أطلق عليها قديماً إسم تربة سيدنا عمر، نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وكانت في البدء بمثابة سد ترابي كبير، وهذه الجبانة الواقعة قبلي مدينة بيروت القديمة كانت بدون سور يحميها، إلى أن أحيطت بسور حوالي العام 1892م، وقد سعى ببنائه الشيخ عبد الرحمن الحوت نقيب السادة الأشراف، وذلك للمحافظة على حرمة قبور المسلمين.

BACHOURA 

ومن ملامح هذه الجبانة القبر المعروف في بيروت باسم (قبر الوالي)، وهو قبر والي سورية أحمد حمدي باشا الذي دفن في الباشورة. ولكن بعد أن عزمت الدولة في أوائل القرن العشرين توسيع طريق الباشورة، اضطرت بلدية بيروت إلى نقل بعض القبور إلى داخل الجبانة ومنها قبر الوالي الذي لا يزال إلى اليوم مميزاً في مظهره وشكله حيث تتوجه القبة .

قبر الوالي أحمد حمدي باشا قبل نقله إلى داخل جبانة الباشورة

كلمة الباشورة يتداولها الناس في بيروت كلما ودعوا للمرة الأخيرة واحد منهم وأودعوه الثرى ليكون في رحاب ربه وجواره الكريم، وهذه الكلمة التي أصبحت علماً على مقبرة المسلمين الرئيسيّة في بيروت هي في الأساس من المصطلحات العسكرية التي لها علاقة بمنشآت الدفاع والاستحكامات الحربيّة، فقد كان العرب يطلقون هذه الكلمة على البرج المتعالي على مداخل قلاعهم وأسوارهم ليباشروا منه الدفاع عن مدنهم ويسميها الإفرنج بلغتهم Barbacaneهكذا قال المستشرق الألماني فان برشام المتخصص بالآثار الإسلاميّة والفنون العسكرية عند العرب.

وكان أبناء بيروت يطلقون على الشخص الذي يقوم بتجهيز الميت، وغسله وإعداده للدفن (النصولي)، وما يزال هذا الاسم يطلق على إحدى العائلات البيروتيّة حتى اليوم، ولمقبرة الباشورة اليوم أربعة أبواب كلها تقع في جدارها الغربي، اثنان منهما يستعملان والبابان الآخران لا يستعملان، أما البابان الرئيسيان فواحدهما يقع في الناحية الشماليّة من المقبرة إلى جهة الغرب يليه درج حجري ينتهي بسقيفة من الإسمنت المسلح يستعملها المشيعون للجنائز في واجبات التعزية بالميت، والباب الآخر من الجهة الجنوبيّة من الجدار الغربي وهذا الباب متصل مباشرة بأرض المقبرة.

الباشورة اشتهرت على لسان الناس باسم (التربة)، وهي تدار اليوم من قِبل إحدى اللجان التابعة لجمعيّة المقاصد الخيريّة الإسلاميّة قي بيروت.