بئر حسن تتبع منطقة الغبيري، وبئر حسن قرية قديمة زراعيّة كانت تُعرف باسم محلة (بير حسن) وكان يزرع فيها التوت والزيتون والخضار وصناعة الحرير وعصر الزيتون. وكانت تمتد ما بين البحر غرباً إلى الغبيري شرقاً وكان خان بئر حسن يوجد في نهاية حرج بيروت جنوباً، في الميدان المعروف باسم المرمح الموجود في سهل بئر حسن. وكان يقصد هذا السهل أفواج من محبي ركوب الخيل للمباراة بالرمح والجريد على الطريقة العربيّة القديمة.

 ويُلاحظ بأنه كان يوجد في هذا السهل خان وبئر وجمّيزة مشهورة. وقد تقلصت منطقة سهل بئر حسن بعد ذاك التاريخ مع تقلص الحرج أيضاً. وأصبح يطلق على منطقة بئر حسن منطقة مطار بيروت القديم ودار المعلمين والمنطقة المحاذية للمدينة الرياضيّة وتجمع أبنية البريد والهاتف وأبنية الضباط وبعض الدور الرسميّة.

 ويُلاحظ أن جمّيزة بئر حسن هي غير جمّيزة بيروت. وهي منطقة الجّميزة الواقعة اليوم شرقي ساحة البرج في بيروت .... ويُذكر بأنه كان يوجد داخل بيروت شجرة جمّيزة كبيرة ومشهورة كانت تقع بالقرب من باب السراي. كما أن صالح بن يحيى في كتابه(تاريخ بيروت) في الصفحة 132 ذكر جمّيزة بيروت الشهيرة وقال: (وكان ناصر الدين المذكور إذا ركب من بيروت لا يلتفت إلى وراه سوى في موضعين أحدهما عند الجمّيزة قبلما تطلع في الجبل والثانية عند الشاغور لينظر من إنقطع من جماعته وغلمانه).

 جاءت تسمية هذه المنطقة إلى الأمير حسن الشهابي حين نزل بجيشه في حرج بيروت ، ولمّا كان بحاجة إلى الماء ولسبب سياسي إمتنع عن دخول بيروت ، وأمَرَ بحفر بئر في تلك المنطقة بطريقة تدريجيّة، أي أن العاملين في الحفر كلما نزلوا في الأرض متراً ابتعدوا مترا آخر وتابعوا الحفر، وعلى عمق سبعة أمتار تفجّر الماء الغزير ، وظلّ الناس يستقون من ذلك البئر حتى العام 1950م حين نضب .

 كان حرج الصنوبر مقصدا لأهالي بيروت للسكن قربه، لكنه لم يعد موجودا، تحول الى مساكن تؤوي النازحين من الحروب الاسرائيلية في الجنوب، وعددا من نازحي البقاع. في السنوات الأخيرة تحول الى خليط من النازحين ومن العمال المهاجرين الى بيروت من الدول العربية.

 عند الطرف الشمالي للحرج يشكل قصر رياض الصلح بدوره آخر المعالم التي تفصل بينه وبين منطقة بئر حسن «الحديثة»، تقيم فيه كريمات رئيس حكومة الاستقلال وهن ليلى أرملة الوزير الراحل ماجد حماده ومنى والدة الأمير الوليد بن طلال وبهيجة زوجة السفير السابق سعيد الأسعد ووالدة المهندس رياض الأسعد.

 تبدا منطقة السفارات من السفارة الكويتية باتجاه السلطان ابراهيم غربا، ثم تتشعب أحياء سكنية، وصولا حتى ال BHV حيث تبدأ حدود مدينة بيروت.

 كان مشهد المنطقة أشجار ورمال ومياه، مسابح عند السان سيمون والكورال بيتش والسمرلاند ومطاعم تقدم وجبات السمك في الأوزاعي.

  كانت المنازل قليلة العدد في ذلك الحين، وكانت العلاقات بين الجيران وثيقة. وقد أدى ازدياد عدد المباني الى تراجع نسبي في العلاقات، بينما طغى الوافدون الجدد ـ وهم من ابناء الجنوب المغتربين في كل من أفريقيا والولايات المتحدة الأميركية ـ على السكان القدامى.

 تقسم الخدمات في بئر حسن الى شقين. القسم الأول تابع لساحل المتن يصل اليه التيار الكهربائي متقطعا مثل ما هو عليه في الضاحية الجنوبية، والقسم القريب من بيروت لا ينقطع فيه التيار، اما المياه فهي تصل من منطقة الدامور، ولكن كل مبنى يحتوي على بئر ارتوازي.

 يبدأ المكان بالاتساع عند مستشفى بيروت الحكومي، رصيف المشاة العريض، والمؤسسات التجارية الكبرى.

ما يزال في شارع السفارات سفارات كل من المغرب واليمن والكويت والجزائر وايران ونيجيريا بالاضافة الى مبنى الأمم المتحدة.

 افتتح مغتربو أفريقيا (أساس أبيدجان ونيجيريا والغابون) السكن في المنطقة، لكن بعد أحداث الحادي عشر من أيلول زاد عدد المغتربين من الولايات المتحدة الأميركية، الذين عادوا بحثا عن مساكن موازية لمساكنهم في الولايات المتحدة، ووصلت نسبتهم الى نصف السكان المغتربين.

 غالبية العائلات من أهالي جويا وصور والنبطية وتبنين وبنت جبيل والخيام وشبعا وحاريص وقبريخا ودير إنطار، بالاضافة الى عيناتا والطيبة وعيتا الشعب... الأمر الذي يؤكد المستوى الاجتماعي والاقتصادي للسكان، لأنه من المعروف أن تلك البلدات والقرى تضم نسبة كبيرة من المهاجرين. بالمقابل يلاحظ مثلا أن عددا كبيرا من نازحي عيتا الشعب يقطنون في منطقة الحرج ويوجد حي باسمهم هناك، بينما يتوزع أهالي شبعا وهي من كبريات بلدات الجنوب بين الحرج وبين المنطقة الفخمة.

تعود ملكية الارض في الأصل في بئر حسن الى كل من السيدة جاكلين ثابت ومانويل يونس، وعائلة الخطيب وغربيس شارجيان وهايك ديديزيان. يلزم بحث طويل لمعرفة كيفية تملك تلك العائلات الأراضي.

يروي بعض السكان عند تخوم بئر حسن أن عددا من العائلات المسيحية تملكت الأرض في المنطقة في العهد العثماني عندما كان الرجال المسلمون يؤخذون سخرة الى الحرب، ويترك الرجال المسيحيون ويطلب منهم زراعة الأرض وتقديم مواردها الى الجيش وقد تملكوها في ما بعد، وفي رواية ثانية أن المسيحيين تملكوا في المنطقة في عهد الرئيس الراحل كميل شمعون الذي ساهم كما هو معروف في تمليك عدد من العائلات المسيحية الأراضي في ساحل المتن الجنوبي.

كانت الاراضي قبل فرزها عبارة عن عقارين كبيرين، اجرت لهما الحكومة عملية ضم وفرز بطلب من اصحابها وتحولت الى عقارات صغيرة جاهزة للبناء عليها، وقد بلغ سعر متر الارض في بداية عملية البناء أي في العام 1989 خمسة وثمانين دولارا، ثم قفز في العام 1992 الى مئتين وخمسين دولارا، ووصل في العام 1999 الى ألف دولار، وقد تضاعف في العام 2007 فوصل الى ألفي دولار.

 انعكس ذلك الارتفاع في الأسعار على قيمة الشقق السكنية، إذ يتراوح حاليا سعر الشقة بين مئتين وخمسين ألف دولار وبين ستمئة ألف دولار، ويصل سعر الشقق المطلة على البحر الى مليون دولار.

 تنعكس الوضعية الاجتماعية للسكان على مستوى الجباية التي تحصلها البلدية، ومن المعروف أن الجباية تؤخذ استنادا الى القيمة التأجيرية، لذلك تتراوح قيمة الضريبة التي تدفعها كل شقة في بئر حسن بين مليون ليرة وبين مليون ونصف المليون ليرة سنويا.

 تبلغ مساحة المنطقة المبنية حاليا أو الخاضعة للبناء، خمسمائة ألف متر مربع، بينما تتراوح المساحة التي يشغلها النازحون بين خمسين الى ستين ألف متر مربع، من ضمنها أملاك تابعة لبلدية الغبيري.