الحارثي

(529-599هـ / 1134 -1202م)  

 

محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن الحارثي وكنيته أبو الفضل ولقبه مؤيد الدين، والمعروف بالمهندس لمهارته وإتقانه علم الهندسة التي اشتهر فيها. الطبيب والمهندس والفلكي والنحات والشاعر. عاش في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي.

ولد الحارثي بدمشق عام 529هـ/1134م ونشأ بها، وسافر إلى مصر وسمع الحديث بالإسكندرية من شيوخها الأجلاء ومن بينهم رشيد الدين بن أبي الثناء، والسلفي وغيرهم، ثم عاد إلى دمشق واستقر بها إلى حين وفاته عام 599هـ/1202م، وهو في السبعين من عمره. واطلع الحارثي على الكتب الأصول في علم الهندسة، وكان أول تلك الكتب وأهمها بالنسبة له كتاب إقليدس، وكان في وقتها يعمل في مسجد خاتون بغرب دمشق فكان كل غداة لا يصل إلى ذلك الموضع إلا وقد حفظ شيئا منه ويحل منه عند فراغه من العمل إلى أن حل كتاب إقليدس بأسره وحفظه جيدا وفهمه فهما عميقا، واهتم كذلك بحفظ وفهم كتاب المجسطي، وقرأ الهندسة والعلوم الرياضية على الشرف الطوسي، وقرأ الطب على أبي المجد محمد بن الحكم ولازمه طويلا. ونسخ الحارثي كتبا كثيرة في العلوم الحكمية والطب من بينها ستة عشر كتابا لجالينوس، قرأها على أبي المجد وعليها خطه بالقراءة، وكان ذلك ليتقنها ويحفظها.

 

وقد اشتهر الحارثي في علمي الهندسة والرياضيات ولم يكن في زمانه عالم مثله. ومن المعروف أن الحارثي صمم وصنع أبواب البيمارستان الكبير النوري بدمشق، وأنه أصلح الساعات التي كانت بالمسجد الأموي بدمشق، وعمل طبيبا في البيمارستان الكبير النوري بدمشق، وكان طبيبا معالجا فذا، واشتهر بين أطباء عصره بهذا الفضل فذاعت شهرته بين أهل دمشق فكان يأتيه المرضى ليباشرهم بنفسه ولا يبغون غيره للعلاج. واهتم الحارثي بدراسة الأدوية المفردة، وألف فيها كتابا مرتبا ترتيبا أبجديا. وله كتب في علم الفلك، وهي: رسالة في معرفة رمز التقويم، ومقالة في رؤية الهلال، وله شعر تناول فيه موضوع تلك المقالة.

وقد اهتم بالنجوم وحركاتها، واشتهر بعمل الأزياج الفلكية . وعمل مختصرا لكتاب الأغاني للأصفهاني في عشر مجلدات وقفها بدمشق في المسجد الأموي. وله كتاب في السياسة بعنوان: في السياسة والحروب .