أشهر الخيول العربية في التُّراث

         

داحس والغَبْراء

يُعد الفَرسَان دَاحِس والغَبْراء من أشهر الخيول في التّراث، لأن حرباً اشتعلت بسببهما بين قبيلتين من أكبر القبائل العربية، هما عبس وذبيان. واستمرت الحرب مستعرة أربعين عاماً، حتى استحرّ القتل بينهم (أي اشْتَدّ)، فأصلح الحارث بن عوف وهرم بن سنان بين القبيلتين. ويقول الشاعر الجاهلي زهُير بن أبي سُلمى مادحاً الرجلين:

تفانوا ودقوا بينهم عِطْر مِنشم تداركتما عبساً وذبيان بعد ما

الصّفا

تُعد "الصّفا"، فرس مجاشع بن مسعود السّلمي، وهي من نجل الغبراء، من الخيول المشهورة. وقد اشتراها عمر بن الخطاب بعشرة آلاف درهم. فلمّا غزا مجاشع بن مسعود، قال عمر: تُحبس منه في المدينة وهو في نحر العدو، وهو إليها أحوج! فردها إليه. (أي كيف تبقى الصّفا في المدينة المنورة ومجاشع يحتاجها للجهاد عليها).

أطْلال

ومن الخيول المشهورة كذلك "أطلال"، فرس بُكَيْر بن شداد الشُداَّخ. وكانت تحته يوم القادسية وقد أحجم الناس عن عبور نهرها وخندقها، فصاح بُكير: وثباً أطلال!! فالتفتت إليه، فقال: وثباً ورب الكعبة، وكان عرض النهر أربعين ذراعاً. فجمعت أطلال نفسها ثم وثبت، فإذا هي وراء النهر. فقال الأعاجم: هذا أمرٌ من السَماء، فانهزموا.

الحرون

فرس لمسلم بن عمرو الباهلي، والد قتيبة بن مسلم "القائد المشهور". وكان مسلم والمهلب بن أبي صفرة قد تزايدا على الحرون، حتى بلغا به ألف دينار. وليس في الأرض جواد من لدن زمن يزيد بن معاوية إلاّ يُنسْب إلى الحرون. وقيل إِنه سُميّ الحرون لأنه كان يسبق الخيل، فإذا فاتها حَرَنَ، وإذا لحقته نجا، ثم يَحْرِن مرة أخرى.

بَلْعَاء

فرس الأسود بن رفاعة الشيباني، باع سخلة منها"أي اشترى مهراً لا يزال في بطن أمه" بعشرة آلاف من خليفة بن واثلة. فَعَدّ لها ثم خرج من البصرة في زمن عمر بن الخطاب فاستخرجها من بطن أمها، فلما سار من البصرة إلى لَعْلَع، وهي قرية بين الكوفة والبصرة ماتت فرسه تحته، فقال بنوه: أهلكتنا، اشتريت فرساً بعشرة آلاف. قال: يا بني إني اشتريت لكم حسباً.

أعوج الأكبر

فرس لغنيِّ بن أَعْصُر، وسبب تسميته أنه شُدّ بحبل في الليلة الثالثة لولادته، فأصبح في صُلْبه بعض العوج، فسمي لذلك أعوج. وقد أُغير على الناس في يوم النِّسار، وأعوج مربوط إلى ثُمامة، فلمّا أغارت الخيل في وجه الصبح، جال صحبه في متنه ثم صاح به وقد نسي الوثائق، فاقتلع الفرس الثمامة فخرج يحف به كأنه حذروف[1]، فسار بياض يومه ثم أمسى يأكل جميم (نبت) قباء، وكان قد عدا مسيرة أربع مراحل.

الخطّار

فرس لبيد بن ربيعة العامري وقد طلبه عبد العزيز بن مروان، وهو أمير مصر من لبيد فامتنع عليه، فأغزاه أفريقية فمات بها. فبعث موسى بن نصير إلى عبد العزيز بن مروان  بالخطار من جملة خيل أهداها إليه، وقد طالت مَعْرِفَتُه وذنبه. فلمّا تأمل عبد العزيز الخيل لم يعرف الخَطّار، فقال من يعرفه؟ قالوا: ابنة لبيد. فبعث به عبد العزيز إليها، فلمّا رأته قالت لمن أتاها به: إني امرأة فاخرجوا عني حتى اُنظر إليه. فلمّا عرفته قطعت أذنيه وهلبت ذنبه، وقالت "ماوية" لا يركبك أحد بعد أبي سَوِياً (أي تاماً صحيحاً)، ثم قالت: هو هو فخذوه لا بارك الله لكم فيه. فاتخذه عبد العزيز للفَحْلَةِ.

غَرَّاف

كان السَّميدعُ جاراً للبراء بن قيس بن عتاب، فأغار عليه قوم من بكر بن وائل، فحمل البراء أهله وركب فرساً له يقال له "غَرَّاف" فلا يلحق به فارس منهم إلا صرفه برمحه، وأُسر السَّميدع فناداه البراء: يا سميدع، فأجابه السميدع: يا براء أنشدك الجوار. وأعجب القومَ فرسُ البراء غَرَّاف فقالوا: لك جارك وأنت آمن واعطنا الفرس. فاستوثق منهم ودفع إليهم الفرس واستنقذ جاره. فلمّا رجع البراء إلى أخويه عمرو وأسود، لاماه على دفعه الفرس فدية لجاره، فقال البراء:

وأسودَ: أنْ لُوْما علي الغيب أودَعَا ألاّ أبلغا عمروَ بن قيسٍ رسالة
مَلامَةُ من يُرْجى إذا العبءُ أضلعا وشرُّ عِوان المستعين على الندى
سواي فقد بُدِّلتُ منه السَّمَيْدَعا فإن يكُ غرافٌ تبدَّل فارسا
ومَدَّ بثديٍ بيننا غير أقطعا دعاني فلم أَوْرَأْ به فأجبته
ولا تتركنيّ العام أحضر لعلعا وقال: تذكرْ سعيكم في رقابنا

خَصاف

فرس مالك بن عمرو الغَسّاني، كان فيمن شهد يوم حليمة، فأبلى بلاء حسناً، وجاءت حليمة تُطَيّب رجال أبيها من مِرْكن (إناء كبير)، فلما دنت من مالك قبّلها، فشكت ذلك إلى أبيها، فقال: هو أرجىً رجل عندي فدعيه، فإما يقتل أو يُبْلي بلاء حسناً. وهذا يدل على مكانة الفارس وفرسه. ويُسمى مالك فارس خصاف، ويُقال: أجرأ من فارس خصاف، بسبب هذه القصة.

سُلَّم

ورد خبر زَبَّان بن سيّار الفزاري وفرسه "سُلَّم"، التي نجا عليها زيد الخيل الطائي، عندما كان أسيراً في بني بدر. فقد أوقف زَبّان فرسه لزيد في واد بسرجه ولجامه، وتمكن زيد من النجاة عليه، غير أنه احتفظ بالفرس ولم يرده إلى زَبّان، فقال زَبّانُ:

وأدِّ كما أدّاك يا زيدُ سُلَّما مننتُ فلا تَكْفُرْ بلائي ونعمتي
فإلاّ تؤدّوه يكن مُهْرَ أشأما فقد كان ميموناً لكم ولغيركم

الشّيماء

فرس معاوية بن عمرو بن الشّريد السُلَمي، كانت غراء (أي ذات بياض في الجبهة)، ولمّا ركبها أخوه صخر ليدرك بثأر أخيه في بني مرة بن ذُبيْان، قال: إني أخاف أن يعرف القوم غرة الشيماء فيتأهبوا، قال: فجمّ غرتها (أي أخفاها)، فلمّا أشرف على أداني الحي رأوها، قالت فتاة لأبيها: هذه الشّيماء يا أبه، فنظر، فقال: الشّيماء غراء وهذه بهيم ( أي لا غرة لها)   فلم يشعروا إلاّ والخيل معهم.

الحَمومُ

جاء خبر الحكم بن عرعرة النمري وفرسه "الحموم"، وهي من نسل الحَرُون، حين كتب هشام بن عبد الملك إلى إبراهيم بن عربي الكنانيّ، والي "اليمامة"، أن أطلب لي في أعراب باهلة من نسل الحرون. فقال إبراهيم للحكم: إن أمير المؤمنين كتب إليَّ أن أصيب له فرساً من نسل الحرون فخذ مني ثمنها فقال: إن لها حقاً ما تطيب نفسي عنها، ولكني أهب لأمير المؤمنين ابناً لها قد سبق الناس عام أول، فضحك الناس، فقال ما يضحككم؟ أرسلت أمّه عام أول في حلبة ربيعة وإنها لعقوق به  (حامل) قد ربض في بطنها فسبقت، فبعث به إلى هشام. و"الحرون" المذكورة هي فرس مُسْلم بن عمرو الباهلي، والد أبي قتيبة بن مسلم الباهلي القائد المشهور.