الياس الياس

الياس الياس من رعيل المسرحيين المخضرمين، وإن كان أكثر إنتماءً إلى المرحلة الحديثة وأوفر نشاطًا في مجالها. ففي هذه المرحلة عرف شهرته وشارك خلالها في ستّين مسرحية لاعبًا أدوارًا رئيسة. مع ذلك فإنّ حنينه إلى المرحلة الأولى لم يتوقف. ففي المرحلة السابقة كان المسرح أكثر اقترانًا بالمغامرة والحلم ومقاربة المطامح السامية كما كان طريقًا للتفرّد والتمرد.

الياس الياس شأنه شأن عديد من الفنانين في ذلك الزمن، قادم من آلامٍ وناهض من معاناة. وُلِد في قرية لبعة من قضاء جزّين بلبنان. جاءت أسرته إلى بيروت عام 1926 فسكنت في زقاق البلاط حيث كانت تتلاقى أسر من طوائف مختلفة وتتوثّق بينها الأواصر وتضيع الفوراق الطائفية.

تعرّف الياس الياس على المسرح منذ عام 1941. بدأ بدورٍ صغيرٍ مع فرقة سلام فاخوري، لأن هذا المسرحيّ وجد صوته جميلاً مناسبًا. وكان سلام فاخوري يؤلّف المسرحيات أو يقتبسها، ويخرج ويدرّب الممثلين ويشارك في التمثيل. أجواء مسرحياته كانت تدور حول تاريخ العرب وصراع القبائل وتبرز فيها المُثُل العربية وقصص الحب والوحدة والعروبة مع اختلاف الأديان. أمّا فرقته فقد سمّاها "فرقة الجمهورية الفنية".

مَثّل الياس عام 1945 على مسرح التياترو الكبير وعلى مسارح في منطقتيّ اللعازارية والبرج، وكذلك في مسرح الكولّيج دي لاسال يوم كانت في "محطة الديك" ببيروت.

عام 1960 سمع الياس الياس عن شخص اسمه منير أبو دبس قادم من باريس فتح معهدًا ويريد تأسيس فرقة. أراد الإنضمام إلى هذا المشروع الجديد لأنه كان يفتقد النشاط المسرحي. أمضى في معهد التمثيل الحديث مدة سنة، غير أنه شعر بالغربة إزاء الأسلوب الذي يتبعه أبو دبس، وضاق صدره بالمسرح الذي يغلّفه الظل. فقد أحب دائمًا أدوار الكوميديا، والكوميديا في رأيه لا تتفق مع العتم.

كيف يبني الياس الياس أدواره الكوميدية؟ ينطلق من خبرته وتجاربه لا من أصول وقواعد. تبدأ علاقته بالدّور مرتبكةً لأنه لا يتسرّع ولا يندفع. يدرس المسرحية ويتأمّل في الموقف الكوميدي وما يتأسّس عليه. يتأمّل في المُفارقات التي تصنع الدّور، تولّد الشخصية تدريجيًا وبالتأمل الطويل، وهو يغرف من تجربةٍ طويلةٍ ومن مخزونٍ غنيٍ تجمع من الإصغاء والملاحظة والتحليل. يمنح اهتمامًا خاصًا للغة واللّهجة.

الأدوار الكوميدية عند الياس الياس تتنوّع من مسرحيةٍ إلى مسرحيةٍ، لا أثر عنده للنّمط ولا لأسلوبٍ ثابتٍ. فهو مُبتدع أدوار وليس خالق شخصية نمطية.