مدفع رمضان

استحثت الدولة العُثمانيّة أيام إبراهيم باشا مدفعاً في بيروت، خصصت له مدفعجياً مهمته إثبات شهر رمضان وإعلان وقت الإفطار والإمساك والأوقات الخمسة، وكذلك إطلاقه طيلة عيدي الفطر والأضحى.

كان يتم إطلاق المدفع مساء يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، إذا ثبتت رؤية هلال شهر رمضان، وإلا عصر الثلاثين منه، وكانت تطلق 21 طلقة مدفع تبشيراً وإجلالاً كما حصل سنة 1859م وما بعدها.

 

والملاحظ في مدفع رمضان أن له دولابين كدواليب العربات، والقذيفة العائدة له هي عبارة عن حشوة قماش كتّان محشوة بالبارود ومتصلة بكبسولة يضعها الجندي في المدفع ويطلقها بواسطة حبل رفيع.

وفي عهد الإنتداب الفرنسي استلمت المفوضية العليا شؤون الإفتاء والأوقاف الإسلامية، باعتبارها جزءاً من دوائر الدولة، وعيّنت السيد جيناردي مشرفاً عليها، وهو عسكري متقاعد.

كان موقع المدفع أيام الدولة العُثمانيّة في الثكنة العسكرية الواقعة على رابية مطلّة على بيروت، وهو ما يُعرف اليوم بمقر مجلس الإنماء والإعمار، المدفع متجه إلى الشرق، يشرف على إطلاقه ميقاتياً إشتقت منه عائلة الميقاتي، وكان أشهرهم شيخ من آل الزغلول، يحدد بموجبها إشارة إطلاق المدفع، محدثاً دوياً ترتج له المدينة الصغيرة القابعة تحت الهضبة.

 

إستمر هذا الموضع لمدفع رمضان والأعياد حتى عام 1935م، وبعد أن أتسعت المدينة جنوباً وغرباً، وظهرت على أثرها أحياء جديدة، نُقل الموقع على أثرها إلى تلة الخياط قرب مقهى أبو النور الكوسا التي كانت تطل على معظم الأحياء الإسلامية، حيث أشرف على المدفع وإطلاقه رجال القناصة اللبنانيّة (جيش الشرق)، ومن بعدهم الجيش اللبناني بعد الاستقلال.

وتشير بعض الدراسات التاريخية إلى أن تقليد مدفع رمضان إنما يعود إلى عام 1811م في زمن والي مصر علي باشا، فقد كان جيشه قد امتلك مدافع حديثة الصنع، لذا أمر بإحالة المدافع القديمة إلى المستودعات لقدمها، وقد وضع أحدها في القلعة تذكاراً لإنتصاراته، وفي أحد أيام شهر رمضان المبارك أطلق جيش محمد علي قذيفة من المدفع القديم مع آذان المغرب، فظن المصريون أن هذا العمل بات تقليداً، فابتهجوا لهذه البدعة الحسنة لا سيما أهالي وأبناء المناطق البعيدة عن القاهرة، وسيّروا مظاهرة تأييداً لوالي مصر لشكره على هذا العمل، ومنذ ذلك التاريخ أمر محمد على بإطلاق المدافع مع آذان المغرب ومع الإمساك فجراً وفي الأعياد والمناسبات، ونظراً لارتباط مصر ببلاد الشام، ساد هذا التقليد في بيروت والبلاد الشامية ، وتكرس مع الوجود المصري في بلاد الشام في الفترة 1831م – 1840م.

RAM

وحتى قبيل الأحداث اللبنانيّة عام 1975م، كان مدفع الإفطار ومدفع الإمساك يُطلق، ولكن من منطقة تلة الخياط، في المنطقة التي تعتبر أعلى مرتفع في بيروت، ثم من تلة زريق قرب دار الأيتام الإسلامية، وعادت هذه العادة ابتداء من عام 1995م بإطلاق مدفع الإفطار ومدفع السحور من منطقة السفارة الكويتية قرب قصر رياض الصلح.