مقبرة المجيديّة

إن عادة دفن الموتى في داخل المساجد مكروهة إلى حدّ التحريم في الدين الإسلامي، إلا أن هذه العادة التي نهى عنها الإسلام أنشبت تقاليدها في المجتمع الإسلامي ويرجع ذلك إلى الأيام الماضية لا سيما في عهد المماليك الذين حكموا المشرق العربي بعد تحريره من الاحتلال الصليبي، وسبب ذلك أن الواحد من هؤلاء المماليك كان عرضة للإغتيال إن كان حيَّاً ونبش قبره إن كان ميتاً وذلك لاضطراب الحالة السياسيّة في أيامهم، فكان كل سلطان منهم يبني لنفسه مسجداً ويعّد سلفاً في داخله ضريحاً ليُدفن فيه بعد موته، حتى إذا خلفه خصومه في سدة الحكم تورعوا عن إنتهاك حرمة المسجد وبالتالي تحاشوا نبش القبر الموجود بداخله.

ولما كان الناس في كل مكان وزمان على دين ملوكهم، فلقد أخذ الوجهاء بهذه العادة، فكان بعضهم يوصي بأن يُدفن في داخل الجامع الذي بناه أو الزاوية التي وقفها، إلا أن القوانين العصريّة الحالية قد أبطلت هذا التقليد وحرمت دفن الموتى خارج المقابر المخصصة فعلاً لهذا الغرض.

وشذوذاً عن القوانين السارية، فإنه يوجد في الجهة الجنوبيّة الشرقيّة لجامع المجيديّة ببيروت روضة صغيرة توزعت بين زهورها الجميلة قبور قليلة تحمل أسماء أفراد من آل الفاخوري وآل الرفاعي وآل العيتاني وهي من العائلات البيروتيّة المعروفة.