مقبرة الداعوق

  بعد أن تمادى العمران في منطقة الطريق الجديدة وتكاثر السكان في هذه المحلة شعر أعيان المسلمين بالحاجة لمقبرة يدفنون فيها الموتى من هؤلاء السكان لا سيما وأن الباشورة المقبرة الرئيسيّة أصبحت بعيدة عنهم فضلاً عن أنها ضاقت بما فيها من القبور ولم تعد تحتمل المزيد، وفي حوالي عام 1945م خرجت هذه الفكرة إلى حيّز التنفيذ عن طريق عمر بك الداعوق رحمه الله الذي تبرع لهذه الغاية بقطعة أرض كبيرة من أملاكه تقع بمحلة صبرا المعروفة اليوم، وبالفعل فإنه أحاط هذه الأرض بسور عزلها عما حولها وجعل في وسطها قبرين متلاصقين أحدهما له والآخر للشيخ محمد توفيق خالد المفتي السابق للجمهوريّة اللبنانيّة حين يدركهما الأجل المحتوم، ولكن تقدير الله كان غير تدبير الرجل، فلقد توفي عمر الداعوق ودفن في مقبرة السنطيّة، وتوفي الشيخ محمد توفيق خالد ودُفن في الأوزاعي، أما الأرض التي أُعدت لتكون مقبرة للمسلمين في شارع صبرا فقد أصبحت مجمعاً لعشرات بل مئات البيوت المتواضعة التي أقامها الفلسطينيون لسكناهم يوم قدموا بيروت نازحين من بلادهم سنة 1948م، وكان اختيار هذه المقبرة أو بالأصح مشروع المقبرة من قبل جمعية الكشّاف المسلم في بيروت التي ضربت فيها خياماً لإيواء إخواننا النازحين المذكورين ثم ما لبثت هذه الخيام أن تحولت بعد قليل إلى ما هي عليه اليوم من البناء المتراكم بعضه فوق بعض، وكأن الظروف شاءت أن تكون هذه البقعة مقبرة لأحياء الفلسطينيين بعد أن أعدت لتكون مقبرة لموتى البيروتيين .

وهكذا بقيت هذه المقبرة إسماً على غير مسمى .