الجنازات

كانت تذاع وفيات الشخصيات الدينية بواسطة المآذن، كان الناعي في المآذن يكبِّر أي ينعي الميت ويطلب له الرحمة، ويكرر ذلك عدة مرات.

 كانت مواكب الجنازات تتجه من منزل الفقيد إلى المسجد سيراً على الأقدام، أما من لم يكن قادراً على المشي، فكان يتوجه إلى المدافن مباشرة ينتظر قدوم الجنازة لأداء واجب التعزية.

 من أقوال البيارتة الذي أصبح مثلاً سائداً أن بعضهم شبَّه ورقة النعي بورقة الجلب، لا مفر من تلبيتها، فمن نعاك فقد ألزمك، والدنيا دين ووفاء.

كان الجثمان داخل النعش المجلّل بسنجق له ألوان علم منبر المسجد، تزيّنه آيات قرآنية، وعلى مقدمته طربوش إذا كان المتوفى رجلاً، ومنديل أبيض (منديل الصلاة) إذا كانت المتوفاة امرأة، ويتقدم النعش الذي يتناوب على حمله أصدقاء الفقيد ومحبّوه، مجموعة من المشايخ يتقدمهم أجملهم صوتاً يردد شهادة التوحيد، وخلفهم صفوف المشيّعين.

 يذكر من آداب الجنازات أن السيارات وعربات الخيل كانت تتوقف أثناء مرور الجنازة، فيترجل ركابها منها ويقفون خاشعين حتى انتهاء الموكب، كما تتوقف حافلات الترام في الأماكن الضيقة التي لا تتسع لمرور الموكب، كما كان على جميع العسكريين ورجال شرطة السير أن يؤدوا التحية العسكريّة للجنازة، وكان أصحاب الدكاكين يقفلون دكاكينهم حتى مرور الجنازة.

 من الجنازات المشهودة والتي لا يزال يذكرها المعمرون، جنازة مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا وجنازة الزعيم رياض الصلح التي شارك فيها الشعب بكافة فئاته وطوائفه، كل بلباسه الرسمي، حتى القضاة ساروا بالروب والقبعة، وهو أمر لم يُعرف له سابق مثيل في تاريخ بيروت.