إحتياجات الشخصيات للموسيقى بحسب طبائعها …

 

إن الشخصيات العصابية بحاجة أكثر للموسيقى من الشخصيات النفاسية، فالشخص العصابي قلق وكئيب ومضطرب وموسوس، ولذلك فهو بحاجة إلى الموسيقى كوسيلة لتخفيف قلقه والتخلص من خوفه ومسح حزنه عن طريق الدخول إلى عالم البكاء .

أما الشخصيات النفاسية فهي تحتاج في بعض الأحيان إلى الموسيقى الهادئة جداً والكلاسيكية، لكي تستطيع التعايش مع الموسيقى الداخلية النابعة من الحوار الذاتي والتفكير الإنطوائي .

      

والمريض الكئيب الإرتكاسي يفضل دوماً الموسيقى الحزينة للتخلص من العذاب الروحي عبر التفكير بالانتحار .

والكلام عن المريض لايمنعنا من التفكير بالإنسان السوي، فعلم النفس يقول بصراحة : إن الإنسان اليوم وأكثر من الأمس القريب بحاجة إلى الموسيقى على أن تكون مدروسة، تمر من قنوات رقابية اختصاصية لكي لاتحول الموسيقى الإنسان المعاصر إلى وحش  مفترس بلباس الحضارة الاستهلاكية المصطنعة .

 

فعن طريق الموسيقى يشعر الإنسان بوجوده، حيث يمكن اعتبار الموسيقى طريقاً إلى الحوار مع الذات وإعطاء قيمه من خلال  " الأنا " إلى " الأنا الأعلى "، ومن ثم إلى عالم العقل الباطن "اللاوعي "، "الهوى" .

فالكلام يمكن تسجيله في الذاكرة، بينما الموسيقى تخترق حاجز الذاكرة الفردية لتصل إلى مناطق تسجيله في الذاكرة الجماعية .

 

إن الإنسان البدائي ما زال موجوداً في العقل الباطن، وفي اللاوعي الجماعي، وما زال يعيش بوحشيته، هذه الوحشية ما زالت قابعة في داخلنا، ويمكن عن طريق الموسيقى التخفيف منها وتحويلها إلى طاقة إبداعية مفيدة .

ولا ننسى أن للموسيقى أيضاً تأثيراً مغايراً، فيمكن أن تقلق الإنسان وتنقله إلى عالم الاضطرابات السلوكية، ويمكن أن تشعل فيه قنديل النشوة والكآبة الإبداعية ويتحول نور القنديل إلى إنتاج إبداعي يحرك فينا كل المشاعر الإنسانية.

 

إن المدارس النفسية تتحدث اليوم عن توظيف الموسيقى في عملية تثقيف السيكوباتي، وذلك لتخفيف العدوانية الداخلية وتحويلها إلى طاقة خلاقة في مجالات مختلفة، مثل: الرياضة والسباحة وتسلق الجبال والدخول في حياة المغامرات الهادفة لخير البشرية.

كما أن للموسيقى عاملاً من عوامل تخلخل الخجل والانطواء وتخفيف الانفعالات والرفع من قدرة الإنسان الواهن وزيادة طاقته.