الموسيقى وما أثبتته الإختبارات حديثاً

يقول الفيلسوف الألماني نيتشه (1844 1900 م) 

لولا الموسيقى لكانت الحياة ضرباً من الخطأ"…

 

لذلك احتلت الموسيقى في عصرنا الراهن موقعاً فعالاً ومؤثراً في العلاج، لدرجة أن بعض الدول أنشئت فيها جمعيات متخصصة لهذا الغرض، مثل الجمعية الوطنية للعلاج بالموسيقى التي تأسست منذ عام 1950 في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الوطن العربي بدأت تجربة لإدخال المعالجة بالموسيقى في المعهد الوطني لحماية الطفولة بتونس.

بعد أن ثبت بما لايدع مجالاً للشك مدى تأثير الموسيقى في كثير من الميادين، أنها تلهب حماسة المقاتلين في الحروب وتزيد الناس ابتهاجاً في الأعياد والمناسبات، علاوة على أنها تشفي العديد من الأمراض النفسية، وتساعد على إجراء بعض العمليات الجراحية عوضاً عن استعمال المخدر، وخاصة في ميدان طب الأسنان.

 

وعلماء عصرنا يؤكدون ما قاله الأقدمون عن تأثير الإنسان والحيوان، وحتى بعض النباتات بالموسيقى، فالتجارب التي أجريت في بعض البلدان الأوربية أثبتت بأن الأبقار إذا ما استمعت إلى أنماط معينة من الموسيقى أثناء حلبها، فإنها تدر الحليب بنسبة أكبر، وتصير هادئة الطبع، وإن أنواعاً من النباتات إذا مانقلت إلى مكان يشتد فيه الصخب والضجيج فإن نموها يتوقف وربما تذبل وتموت.

 

وفيما يخص بتأثير الموسيقى على حياة الزوجين، فقد أكد أحد الأخصائيين في العلاج النفسي أن الأزواج يجب عليهم الراحة ثلاثة أيام أسبوعياً من مشاهدة برامج التلفزيون بكل أنواعها ونصح بالاستماع إلى الموسيقى الهادئة ولو ساعة في اليوم.

 

أما الطبيب النمساوي البروفيسور (برامز) فقد توصل إلى طريقة حديثة لإنقاص الوزن بالاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية لمدة ثلاث ساعات يومياً، للعلاج بشكل ملحوظ ونقص وزنهن إلى الحد المطلوب.

 

كما أن هناك عادة قديمة – حديثة – تمارسها الأمهات، وهي تهليل الأم لطفلها باللحن العذب والصوت الرقيق لكي تحمله على الهدوء والنوم.

 

والدراسات الأخيرة التي أجريت لتحديد علاقة الإنسان بالمتعة الموسيقية تثبت أن أساس المتعة الموسيقية هو مراكز المخ، حيث وصلت الدراسات إلى عدة ملاحظات منها:

1 – سلوك المستمع وتفاعله يحددان مدى تمتعه بالموسيقى، فالإنسان المهيأ لسماع الموسيقى يتأثر بها أكثر من الإنسان المشغول عنها.

2 – تأثير الموسيقى على أجهزة الجسم يعتمد إلى حد كبير على طبيعة الموسيقى، فبعض ألوان الموسيقى مثلاً يؤثر على الجهاز الدوري (القلب والأوعية) للإنسان، كما أن بعض ألوان الموسيقى الأخرى يؤثر على الجهاز العصبي ، لهذا يختلف الناس فيما بينهم بتأثرهم وتمتهم بالموسيقى.

3 – وعلى النقيض ، فإن ذات الموسيقى أو نفس النغمة قد تؤثر على الجهاز الهضمي لشخص ما، بينما هي تؤثر على الجهاز الدوري لشخص آخر، أو قد تؤثر على المخ والجهاز العصبي لشخص ثالث.

وقد أمكن قياس هذه التأثيرات والتغيرات الفيزيولوجية بأجهزة الطب الحديثة، مثل رسام القلب، ورسام المخ ، ورسام التنفس، وجهاز ضغط الدم، أو تقدير مستوى احتراق السكر في الدم.

 

إذاً ما أشار إليه ابن سينا وتلميذه الحسن بن زيلة وصفي الدين عبد المؤمن وابن عبد ربه… الخ. بشكل عام، تؤكد الدراسات والتجارب الطبية الحديثة تفصيلياً بالدليل العلمي.

كما ثبت أن هناك توافقاً بين الأحوال النفسية والأمراض الجسدية، وأي اختلاف في أحدهما، تنعكس صورته على الأخرى، لهذا صار من المألوف أن نسمع مثلاً عن قرحة المعدة، وارتفاع ضغط الدم، ونوبات القلب، ومرضى البول السكري أنها ترتكز على جذور نفسية وعصبية بنسبة كبيرة، ينبغي مراعاتها عند العلاج.