أطباء الإسلام الذين جمعوا بين الطب والموسيقى

 

وهم كثر، لاريب في أن الفيلسوف الكندي (حوالي 260هـ/873م)، أبرزهم وأعظمهم. ألف التصانيف الموسييقية الصرف مثل :

(كتاب المدخل إلى الموسيقى) و(رسالته في الإخبار عن صناعة الموسيقى)، وكتاب في (ترتيب النغم على طبائع الأشخاص العالية وتشابه التأليف) و(رسالة في اللحون والنغم) و كتاب (المصوتات الوترية من ذات الوتر الواحد إلى ذات العشرة الأوتار) و(مختصر الموسيقى في تأليف النغم وصنعة العود)، وغيرها.

 

وكذلك الفارابي العظيم (339هـ/950 م) الذي طغت شهرته بالفلسفة على علمه بالطب، أو بسفره الضخم، الجليل: (كتاب الموسيقى الكبير). الذي يقول {فارمر} عن مقدمته: إنها تضاهي في الواقع، أن لم تنبذ كل ماورد في المصادر اليونانية.

 

ومن هؤلاء الأطباء الذين يعنوننا، في هذا المقام، مهذب الدين أبو الحسن علي بن أبي عبد الله عيسى بن هبة الله النقاش (574 هـ/1178 م)، أحد أطباء البيمارستان النوري بدمشق : كان من أكابر أطباء زمانه، ومن طلابه الطبيب المشهور رضي الدين الرحبي، فقد تلقى عنه الطبيب الأندلسي أبو زكريا يحيى بن اسماعيل البياسي، علم الموسيقى. والبياسي هذا، بعد ، كان بارع العزف على العود، صنع  أرغناً أيضاً.

 

ومنهم : أبو المجد بن أبي الحكم عبيد الله بن المظفر (576 هـ/1180 م)، الذي كان رأس أطباء البيمارستان المذكور ، تضلع من علم الهندسة وعلم النجوم ، وكان (… يعرف الموسيقى، ويلعب بالعود، ويجيد الغناء والإيقاع والزمر وسائر الآلات، وعمل أرغناً وبالغ في إتقانه).

 

ولاغرو في هذا كله، فقد كان للموسيقى مكان مخصوص، ملحوظ في التعليم عند المسلمين. وحسبنا، في هذا المجال، أن نشير إلى أن العالم الرياضي، علم الدين قيصر بن أبي القاسم بن مسافر، المعروف بتعاسيف الأسفوني، درس الموسيقى على كمال الدين موسى بن يونس الموصلي (ابن منعه). وقد سأل كمال الدين تلميذه: بأي العلوم يريد أن يشرع فلم يقدم علم الدين على الموسيقى علماً.