يحيى السعودي الفلسطيني 

     

أصله ونشأته:

هو الاستاذ يحيى ابن المرحوم اسعد بن محمد السعودي وأصل هذه العائلة من المغرب، حضر جده الاعلى الشيخ موسى العلم منذ ثمانمائة سنة والياً على القدس واستوطنها، وتكنت هذه العائلة (بالسعودي) في عهد جده الثاني والسبب أن شخصاً اشتهر بورعه قابل جده ليلاً وفاجأه مبشراً بقوله: إن غلاماً سيأتيك فسمّه محمد السعودي فغلبت هذه الكنية الجديدة على كنية (العلم) القديمة.


ولد المترجم له في القدس سنة 1905م ودرس في مدرسة روضة المعارف الاهلية الابتدائية وتوفي والده وهو في العاشرة من عمره فاعتنى عمه الحاج موسى السعودي بتثقيفه وتابع دروسه حتى بدء الدراسة الثانوية في مدارس الحكومة ثم ترك المدرسة وتعاطى الاعمال الحرة.


فنه:
تعلق الفنان السعودي منذ صغره بالفن وكان رئيساً لفرقة المنشدين في المدرسة ويأخذ الادوار الرئيسية في حفلات السنة الختامية وقد ظهر نبوغه وصوته اذ ذاك.
عشق الفن فقضى اكثر حياته الفنية غاوياً، درس على نفسه العزف على العود دون معلم يرشده ويوجهه فكان الطريق الفني طويلاً وشائكاً بالنسبة اليه لعدم اتباعه قواعد الفن، فكان يغني ولا يعرف العزف، ثم تمرن بالعزف على آلة العود حتى وصل إلى ما تصبو اليه نفسه الطموحة واصبح عازفاً ومنشداً بارعاً له مكانته في عالم الفن، درس علم النوطة مدة ثلاثة اشهر على الاستاذ الفنان يوسف البتروني وكان الاخذ سهلا عليه لحفظه الموشحات القديمة واوزانها والقطعات الصامتة وبقي غاوياً حتى تاريخ افتتاح دار الاذاعة الفلسطينية في القدس سنة 1936 وعندها اشترك الاستاذ السعودي بتأسيسها واخذ على عاتقه قيادة الفرقة الموسيقية وبقي فيها مدة اثنتي عشرة سنة وهو يوجه اعمالها الفنية بنجاح واعجاب، وقد تخرج على يديه كثير من الفنانين المعروفين.


رحيله إلى دمشق:

وشاءت الاقدار ان تقع كارثة فلسطين فكان بين اللاجئين، وسعدت سوريا بمواهبه فحط رحاله في دمشق وبقي فيها مدة سنة بلا عمل، والسبب انه كان يأمل العودة الى وطنه بعد تسوية المشكلة الفلسطينية، وبعد ان رأى المصير مجهولاً عين مراقباً موسيقياً في اذاعة دمشق، ولما فتح المعهد الموسيقي الشرقي التابع لوزارة المعارف ابوابه في سنة 1950 عهد إليه بإدارة المعهد الفني فكان لتوجيهاته الاثر الحسن بنجاح اعماله في دوراته الدراسية الفنية.


ألحانه وصوته:

وهب الله الاستاذ السعودي الصوت الجهوري القوي وباستطاعته اخراج طبقات الاجوبة في الغناء وانشاد الدور لوحده دون مساعد اذا اقتضى الامر، وقد لحن اربعة ادوار من نغمات البيات والسيكاه والحجاز والرست وابرز هذه الادوار متانة في الفن وروعة في المغنى والطرب دور السيكاه ومطلعه (اول ما شفتك حبيتك) وقد سجلت محطة الشرق الادنى هذه الادوار.


ولحن موشحات بديعة سجلتها دار الاذاعة السورية وهي من مقام الحجاز كار كردي.

الموشح الاول ـ وزنه سماعي ثقيل ـ يا ظالمي حقاً يكفيك ما ألقاه ـ والشعر قديم.

الموشح الثاني ـ وزنه داور هندي ـ من شعر اليها زهير ـ سلم الله على من جاءنا منه السلام.
الموشح الثالث ـ وزنه سماعي دارج ـ من شعر الاستاذ نزار التغلبي ـ خمر العيون أديري فالكاس كانت حراما.

الوصلة الثانية من مقام البستنكار الموشح الاول وزنه سماعي ثقيل من نظم المرحوم ابراهيم طوقان وهو (انشدي يا صبا وارقصي يا غصون).

الموشح الثاني وزنه داور هندي والشعر اندلسي قديم (ليت من طير ترمي).

الموشح الثالث وزنه سماعي دارج من شعر عبد المحسن الصور (بالذي الهم تعذيبي من ثناياك العذابا) ولحن موشحات كثيرة متفرقة من عدة نغمات لاكمال الوصلات الناقصة من الموشحات.

ولحن قصائد وطقاطيق كثيرة من نغمات شتى وما زالت قريحته تجود بروائع الفن.