الزواج العرفي أوهام الزواج والسعادة بين طلبة الجامعات


إن أهمية الموضوع وحيويته من خلال انتشاره بين طلبة الجامعات جعلتنا نخصص له ملفاً خاصاً نتناول فيه بتفصيل اكثر وأعمق هذا النوع الذي اتضح انه واسع الانتشار لدى الشباب الذين يعتقدون انه صحيح شرعاً على خلفية إن أيام الإسلام الأولى لم يعرف التوثيق وكان يكتفي بحضور شاهدين لصحة الزواج، وواضح تماماً حالة اللبس في الفهم وعدم التزام القواعد الشرعية في التعاملات والأخذ بظواهر الأمور دون فهم أو وعى، لذا رأينا أنه من المهم هنا أن نعرض معنى الزواج العرفي بداية من تعريفه اللغوي وعرض للنوعين من الزواج العرفي المعلن والسري وحكم كل منهما شرعاً إزالة لآي التباس أو التذرع بحجج واهية الإسلام منها بريء وليلتزم بعد ذلك كطائر بما في عنقه.

 
أولاً: تعريف "العرفي" لغة:

" العرفي " منسوب إلى العرف، والعرف في لغة العرب "العلم" تقول العرب عرفه يعرفه عرفة وعرفاناً ومعرفة واعترفا وعرفه الأمر: أعلمه إياه، وعرفه بيته: أعلمه بمكانه.

والتعريف : الإعلان، وتعارف القوم، عرف بعضهم بعضا، والمعروف ضد المنكر، والعرف:

ضد النكر".

والصحيح أنه لا يعرف الشيء بما هو أعم منه، قال الراغب: المعرفة والعرفان إدراك الشيء بتفكر وتدبر لأثره، وهو أخص من العلم، ويضاده الإنكار ويقال: فلان يعرف الله ولا يقال يعلم الله؟ متعدياً إلى مفعول واحد لما كان معرفة البشر لله هي بتدبر آثاره دون إدراك ذاته، ويقال: الله سبحانه يعلم كذا ولا يقال يعرف كذا.


ثانيا: تعريف "العرف" اصطلاحا:

يعرف عبد الوهاب خلاف (العرف): فيقول " هو ما تعارف عليه الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك ".

وهو قريب من تعريف الدكتور عبد العزيز الخياط، حيث يقول: "العرف اعتاده الناس، وساروا عليه في شؤون حياتهم".


ثالثاً: تعريف "الزواج العرفي:

عرفته مجلة البحوث الفقهية المعاصرة باعتباره علما على الزواج فقالت: "هو اصطلاح حديث يطلق على عقد الزواج غير الموثق بوثيقة رسمية، سواء أكان مكتوبة أو غير مكتوب ".

ويعرفه الدكتور عبد الفتاح عمرو فيقول: "هو عقد مستكمل لشروطه الشرعية إلا أنه لم يوثق، أي بدون وثيقة رسمية كانت أو عرفية".

ويعرفه الدكتور محمد فؤاد شاكر فيقول: "هو زواج يتم بين رجل وامرأة قد يكون قولياً مشتملا على إظهار الإيجاب والقبول بينهما في مجلس واحد وبشهادة الشهود وبولي وبصداق معلوم بينهما ولكن في الغالب يتم بدون إعلان، وإجراء العقد بهذه الطريقة صحيح ".

ويعرفه الدكتور محمد عقله فيقول عن العقد في هذا الزواج (يتم العقد- الإيجاب والقبول- بين الرجل والمرأة مباشرة مع حضور شاهدين ودونما حاجة إلى أن يجرى بحضور المأذون الشرعي أو من يمثل القاضي أو الجهات الدينية... والزواج المدني - أو العرفي- بهذا المعنى لا يتنافى والشريعة الإسلامية لأنه في الأصل عبارة عن إيجاب وقبول بين عاقدين بحضور شاهدين ولا تتوقف صحته شرعا على حضور طرف ديني مسؤول أو على توثيق العقد وتسجيله.

رابعاً: السبب في تسمية هذا الزواج بالعرفي:

مما سبق يتضح أن تسمية هذا الزواج بالزواج العرفي، يدل على أن هذا العقد اكتسب مسماه من كونه عرفاً اعتاد عليه أفراد المجتمع المسلم منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام، وما بعد ذلك من مراحل متعاقبة.

"فلم يكن المسلمون في يوم من الأيام يهتمون بتوثيق الزواج، ولم يكن ذلك يعني إليهم أي حرج، بل اطمأنت نفوسهم إليه. فصار عرفاً عُرف بالشرع وأقرهم عليه ولم يرده في أي وقت من الأوقات".

ولذلك يقول ابن تيمية: "ولا يفتقر تزويج الولي المرأة إلى حاكم باتفاق العلماء".

أما بالنسبة للتوثيق فإن ذلك لا يحدث خللاً في العقد، لأن الفقهاء جميعاً عندما عرفوا عقد الزواج لم يذكروا فيه التوثيق ولا الكتابة، حتى الفقهاء المحدثون والقضاة. فيقول القاضي الشرعي بمصر حامد عبد الحليم الشريف: "ولأن الزواج عقد رضائي، وليس من العقود الشكلية التي يستلزم لها التوثيق، فالتوثيق غير لازم، لشرعية الزواج أو صحته أو نفاذه أو لزومه. والقانون لم يشترط لصحة الزواج سوى الإشهاد، والإشهاد فقط ولم يستلزم التوثيق، ولا يشترطه إلا في حالة واحدة فقط وهي سماع دعوى الإنكار، أما في حالة الإقرار فلا يشترط التوثيق".

وإن كان التوثيق مهما جدا في هذه الأيام لضمان الحقوق، ولما شاع بين الناس من فساد الأخلاق وخراب الذمم.

عودة لصفحة الزواج العرفي

عودة لصفحة الزواج وأخواته