النوع المنتشر الآن من الزواج العرفي


إن الزواج العرفي بالعرض السابق لم يعد موجوداً الآن، على حين يرى البعض إن الموقف في صدر الإسلام كان يكتفي بشهود شاهدين فقط تناسوا الأمر الأكثر أهمية وهو أن الأمر في صدر الإسلام لم يكن ليحتاج إلى توثيق لقلة العدد وان الزواج كان يتم بالمسجد ويعلم به الكافة.

ولم تحدث آية حاله إنكار نسب أو تهرب من مسئولية منزل أو زوجة أو نفقة أما التطبيق الحالي فلا تتوفر فيه اياً من هذه الشروط وعليه لا يجوز مطلقاً المقارنة بين ما كان يحدث في القدم والهرج الذي يعيشه الآن طلبة الجامعات.

 
لقد أمر الله سبحانه في النكاح بأن يميز عن السفاح والبغاء ، فقال تعالى في سورة النساء :
وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (25).

وقال جل شأنه في سورة المائدة : الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)، فأمر بالولي والشهود والمهر والعقد، والإعلان، وشرع فيه الضرب بالدف والوليمة الموجبة لشهرته .


لا نكاح إلا بولي و ليس للمرأة أن تنفرد بتزويج نفسها من دون رأي أهلها، وليس لولي المرأة أن يتولى إتمام العقد وإنجازه دون استشارتها ، فالإسلام يتوسط في ذلك، فيحرص على المشاركة بين المرأة ووليها وأهلها، فللمرأة أن تعرب عن رغبتها ولا تكره على الزواج أبداً، وولي المرأة يتولى إبرام العقد وإتمامه بعد إذنها، وبذلك لا يستقل أي منهما بالعقد، فالمرأة لا تنفرد بتزويج نفسها دون أهلها، ولا وليها ينفرد بتزويجها دون رأيها، وليس في هذا حجر على حرية المرأة في الاختيار، ولكنه حرص على تحقيق الاطمئنان الكامل في الحياة الزوجية وضمان المشاركة والمصاهرة بين أسرتين بعلائق قوية ودية يشهدها ويباركها .


والزواج ليس علاقة بين الرجل والمرأة تنشأ في فراغ اجتماعي، ولكنه علاقة بين أسرتين وعائلتين قائمة بالمودة والرحمة والتناصر، فيكون منع المرأة من الاستقلال بالعقد رعاية لحق أسرتها في أن تكون العلاقة الزوجية سببـًا في توطيد أواصر المودة بين أسرة الرجل وأسرة المرأة، ويضاف إلى هذا أن النصوص عن الكتاب والسنة لا تدل قطعًا على حق المرأة في الاستقلال بالعقد ، إن من تكريم الإسلام للمرأة منحها حقها في اختيار زوجها ، ولكن ليس ذلك في السر أو من وراء أسرتها، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تبين كيف تكون المشاركة في الاختيار، ومن ذلك مارواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن] قالوا : يا رسول الله ! وكيف إذنها ؟ قال : [أن تسكت] .

وإذا رفضت المرأة رجلاً فليس لوليها أن يكرهها على الزواج منه لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم : [الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها] وليس معنى أنها أحق بنفسها أن وليها لا حق له، بل له حق، ولكنها أحق عند المفاضلة إذا تعارضا بالقبول والرفض .


وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت أن أباها زوّجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم .

والسنة تبيّن أن النكاح بلا ولي باطل قطعـًا، ومن ذلك ما رواه إبن حيَّان والحاكم وصححاه عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [لا نكاح إلا بولي] وروى إبن حيَّان والحاكم أيضـًا وغيرهما عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، ‏قال ‏‏ أيما امرأة نكحت بغير إذن ‏ ‏وليها ‏‏ فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ‏ ‏ولي ‏من لا‏ ‏ولي ‏ ‏له .

ومنه أيضًا ما روه ابن ماجه والدار قطني بإسناد رجاله ثقات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها] وروى مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أنه قال : "لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها، أو ذي الرأي من أهلها، أو السلطان" .

عودة لصفحة الزواج العرفي

عودة لصفحة الزواج وأخواته