خليل المطران

(1871 ـ 1949)

انحدرت أسرة( المطران) من أصل غساني من بطن يعرف( بأولاد نسيم) استوطن بعلبك، وفي سنة1628 سيم على بعلبك مطران من أولاد نسيم اسمه( ابيفانيوس) كان يقضي شؤون الناس في بيته فعرف بيته( ببيت المطران) ولقبت الأسرة بهذه الكنية. وقد أنجبت أسرة المطران طائفة من أهل العلم والفضل والأدب، وقد اعتمد أمراء آل حرفوش وهم حكام بعلبك هذه الأسرة فجعلوا من بعض أفرادها كتبة ومستشارين لهم.

هو شاعر العبقرية المرحوم خليل بن عبده بن يوسف بن إبراهيم بن مخايل مطران وأمه ( ملكه الصباغ) ولد في بعلبك، لم يكن والده على شيء من الثراء، فأراد أن يعوض هذا النقص، فأرسل ولده للدراسة في الكلية الشرقية في زحلة، فأنهى دراسته الابتدائية.
انتقل إلى المدرسة البطريركية للروم الكاثوليك في بيروت، فدرس النحو على الشيخ خليل اليازجي، والبيان والأدب على الشيخ إبراهيم اليازجي، ودرس اللغة الفرنسية على أستاذ في ( التورين).

وبعد خروجه من المدرسة البطريركية بدأ ينظم الشعر ضد سياسة السلطان عبد الحميد.


وفي إحدى ليالي صيف عام1890 عاد الشاعر إلى غرفته في أخريات الليل ورأى سرير نومه مثقوباً برصاص جواسيس السلطان، وقد ظنوا انه في فراشه وأنهم قضوا عليه، ونجاه الله من الاغتيال، وألح عليه أهله بالسفر إلى باريس لأسباب عدة، أهمها أن أسرة مطران لا تريد إفساد العلاقات بينها وبين الدولة العثمانية إكراما لشعر خليل وتعرضه للسلطة الاستبدادية وخوفاً على حياة الشاعر الشاب، ودفعه إلى مراقي العلم والمجد.


وفي باريس اتصل بجماعة تركيا الفتاة وهو الحزب الذي كان يعمل ضد طغيان عبد الحميد وضايقه الجواسيس، فاز مع السفر إلى شيلي في أمريكا الجنوبية، وأكب يتعلم اللغة الاسبانية.

وفي سنة1892 كان في وادي النيل، وتعرف على بشارة تقلا وبدأ يحرر في جريدة الأهرام، وخلالها تعرف على أستاذه الشاعر المرحوم نجيب الحداد الذي كان محرراً في جريدة الضياء.


وفي سنة1900 جاء إلى القاهرة وانشأ المجلة المصرية نصف الشهرية، ثم أصدر الجوائب اليومية ووجد من الناس مؤازرة وإقبالا عظيمين، وفي عام1904 ودع الصحافة وتفرغ للأدب ونظم الشعر.


وفي عام1912 مارس الشؤون المالية، وكثرت مضارباته وربح وخسر، فأضاع في صفقة واحدة كل ما يملك، واستسلم لليأس وفكر في الانتحار، ثم طرح هذه الفكرة وهي سلاح ضعيف، وقد أنطقه الألم الذي اجتاح قلبه بروائع الأدب فنظم قصيدته باسم الأسد الباكي.

نال من عطف الخديوي عباس الثاني ما خفف عنه ألم النكبة المادية فعينه سكرتيراً مساعداً للجمعية الزراعية الخديوية.


وبدأ يتعهد المسرح المصري، إذ ترجم عن اللغة الإنكليزية بعض الروايات وقدمها للتمثيل، وساعد في الإخراج، وكانت له في سبيل المسرح جهود مضنية، وفي عام1934 أصبح رئيساً للفرقة القومية للتمثيل المسرحي.


وفي عام1924 قام بزيارة إلى لبنان وسورية، فأقيمت له حفلة تكريم في حلب، وأخرى في بعلبك، وأنشد ملحمته الخالدة "نيرون" في جامعة بيروت الأميركية، وزار بعلبك في عام1929 بصحبة صديقه حافظ إبراهيم شاعر النيل، فاحتفلت بهما المدينة، وكان يؤم ربوع لبنان للاصطياف.


وفي عام1947 أنعمت عليه حكومة لبنان بوسام الاستحقاق اللبناني.


وفي30 آذار سنة1947 أقيم له مهرجان أدبي في دار الأوبرا الملكية، وبدأت سلسلة مهرجانات في البلاد العربية والاميركية، وقد جمعت القصائد والخطب التي ألقيت وطبعت في الكتاب الذهبي الذي نشرته لجنة تكريم شاعر الأقطار العربية.


وبهذه المناسبة نذكر للتاريخ أن الشاعر الخليل هو أول من دعا إلى إقامة حفلة تكريم للإشادة بذكر رجالات مصر المعدودين، فقد دعا الشعراء لإلقاء المراثي يوم الأربعين لوفاة محمود سامي باشا البارودي، ودعا الكبراء.

أما أولى حفلات التكريم في مصر ، فقد أقامها تنويهاً بفضل سلامة حجازي، فصارت هي الأخرى سنة مرعية وعادة قومية.

كان لنفاسة شعره يلقب بشاعر الأقطار العربية، وله ديوان واف في أربعة مجلدات، هو شاعر الشعور والخيال، استفاد من لغة الأجانب دون تقليد، ونهج على طريقة قدماء العرب دون تقييد فاحترس بصيغة العرب في التعبير وأدخل الأساليب الغربية في التأليف والتفكير.